تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ورئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لاين، خلال قمة العشرين التي عُقدت في الهند هذا الاسبوع، عن مشروع عملاق، لبناء خط للسكك الحديدية والشحن، يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، ويمر عبر السعودية والأردن وإسرائيل، معتبراً أن هذا المشروع سيعزز النمو الاقتصادي، والتعاون السياسي، ويخفف كلفة النقل.
ما لم يقله بايدن قاله رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو : "إن إسرائيل في قلب مشروع دولي غير مسبوق، سيربط البنية التحتية بين أوروبا وأسيا، وهذا سيغيّر وجه الشرق الأوسط ووجه إسرائيل.
وشكر نتنياهو الرئيس بايدن "على الجهد الذي بذلته الإدارة الأميركية، والذي أوصل اليوم إلى هذا الإعلان التاريخي".
ما هو الجهد الأمريكي الذي بُذل لتحقيق مشروع جعل إسرائيل بوابة الغرب إلى الشرق الأوسط ودول الخليج بدلاً من سوريا ولبنان؟؟؟
وكيف سيلغي هذا المشروع دور قناة السويس؟؟؟
في 12نوفمبر 2021 نشرت مقالاً شرحت فيه تفاصيل هذه الخطة الأمريكو- إسرائيلية (يمكن الاطلاع على المقال على هذا الرابط)، وأعدت التذكير بها أيضاً في أكثر من مناسبة، وأخرها في مقابلة لتلفزيون الساحات في 12تموز الفائت، ونشرت ملخصاً عنها في موقع "الثائر" (يمكن الاطلاع عليها على هذا الرابط)
خلاصة القول؛ أن الخطة بدأت منذ أكثر من 13 عشر عاماً، وبذلت الإدارة الأمريكية عملاً جباراً لإقفال كل الطرق بين أوروبا ودول الخليج العربي، كي لا يبقى سوى خيار واحد أمام الجميع، وهو فتح الطريق عبر حيفا.
تم لهذه الغاية دفع مبالغ فاقت 20 مليار دولار، ذهب قسم كبير منها على دعم جماعات مسلحة، مثل داعش، لإحداث الفوضى في سوريا والعراق.
انخدع البعض واعتقد بأن أمريكا تريد تغيير النظام في سوريا، وهي تدعم وصول المعارضة إلى السلطة، لكن اتضح جلياً أن الخطة الأمريكية هي عكس ذلك تماماً، ومنذ اندلاع الثورة في سوريا، كانت الاصابع الأمريكية والإسرائيلية تتلاعب بها، وثم دخلت أمريكا عسكرياً إلى شمال وشرق سوريا للحفاظ على وضع الفوضى القائم، ومنع أي طرف من تحقيق النصر، أو إعادة بناء دولة موحدة في سوريا.
بعد إغلاق الطريق عبر سوريا، وإغراق العراق ولبنان بالفساد والأزمات الاقتصادية والسياسية، كان لا بد من التضييق على الممرات البحرية الأخرى، فتم افتعال أزمة مع إيران، وانسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وخلق توتراً أمنياً في مضيق هرمز، لتهديد هذا الشريان التجاري الهام لدول الخليج العربي، وإقناعها بأن إيران ستشكّل دائماً مصدر تهديد لها، وقد تُغلق هذا الممر في أي وقت.
ثم تم دفع الحوثيين إلى مهاجمة مدينة سعودية حدودية، بغية إشعال الحرب، والهدف الأساس طبعاً، هو تهديد الممر الثاني للتجارة السعودية، عبر البحر الأحمر في مضيق باب المندب.
إضافة إلى هذا كله تم تقديم دعم إسرائيلي لقراصنة الصومال، لتهديد السفن التي تمر عبر قناة السويس، ثم تم افتعال مشاكل عديد لإعاقة الملاحة عبر القناة، كان آخر فصولها ما حصل في حادث الباخرة "ايفر غيفن" التي بدت كأنها حادث عرضي، فيما حقيقة الأمر غير ذلك تماماً.
بعد التحسينات على قناة السويس عام 2010، أصبح يمكن للسفن الكبيرة العبور، وأصبحت المواصفات كالتالي: غاطس السفن المسموح به يبلغ 66 قدماً، وطول السفينة الأقصى 313 متراً، والحمولة القصوى 17000 حاوية، والوزن الأقصى 240000 طن.
يبلغ طول سفينة "ايفر غيفن" 400 متر وحمولتها 200000حاوية ووزنها الاجمالي 220 الف طن. وهذا يوضح أن حجم الباخرة أكبر بكثير من المسموح به، فلماذا دخلت القناة ولماذا سُمح لها بالمرور ؟؟؟!!! مع العلم أنه كان من الواضح أنها ستعلق داخل القناة، وستعيق حركة عبور السفن؟؟؟
ابحثوا عن الشركة ايفرجين المشغلة للسفينة، وستعلمون السبب، وسيتضح لكم أن الحادث كان مقصوداً وليس عرضياً، ولو فُتح تحقيق جدي بالحادثة، لظهرت الأسباب ومن كان خلف ذلك.
الآن بعد إغلاق كل الطرق، يتم إقناع دول الخليج العربي، بضرورة التطبيع مع إسرائيل، وتم إشراك الهند وأوروبا في المشروع، لإضفاء الأهمية الدولية عليه، ولكن الهدف النهائي لهذا المشروع، هو جعل إسرائيل، بوابة النجاة، والتواصل الوحيدة الآمنة، للعرب والغرب معاً.
لقد بدأت الإمارات العربية بالتطبيع مع إسرائيل، وستجد الدول العربية الأخرى نفسها مجبرة على السير في الركب الأمريكي للتطبيع، وما يُسمّى بمشروع السلام هذا، لكن هذه المرة، سيتم الأمر، ليس على حساب الفلسطينيين وحدهم، بل على حساب العرب جمعياً، وفوق جثث؛ الفلسطينيين، والسوريين، واللبنانيين، والصوماليين، والسودانيين، والمصريين.
أيها العرب! أو ما تبقى من عرب شجعان، لا تنخدعوا بمشاريع أمريكا وإسرائيل ولا بإغراءاتها ،ولا تسمحوا لإسرائيل أن تمسك بلجام حصانكم، فتقودكم كيفما تشاء وحيثما تشاء.
وتذكّروا أن طريق الحجاز، الذي بناه السلطان عبد الحميد الثاني عام 1900 لخدمة المسلمين، يمر من المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، إلى دمشق وبيروت، وليس إلى حيفا لخدمة إسرائيل.