تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتبت: ريهام طارق
الفنانة القديرة فردوس محمد كانت تمتلك طوفان من الحنان الذي كانت تسكبه في أدوارها كأم، وأدواتها القوية التي أهلتها لتقوم بهذه النوعية من الادوار بجدارة منها ملامحها الطيبة، والتي أجبرت المشاهد على تصديقها، و لأنها ذاقت طعم اليتم في طفولتها مما جعلها هذا في أمس الحاجة إلى العطف والحنان، وبالرغم أن فاقد الشيئ لا يعطيه، إلا أنها كانت بحر من الحنان بصوتها الدافئ الممتزج بالحزن ويديها المستعدتين دوماً لكي تحتضن الجميع حتى لو كان من أساء إليها.
ولدت الفنانة فردوس محمد في الثالث عشر من يوليو عام ١٩٠٦،بحي المغربلين بالقاهرة، وعاشت تحت أسره من أقاربها، والتحقت بمدرسة إنجليزية بحي الحلمية في القاهرة، ثم تزوجت وهي في سن صغيرة ولم يدم هذا الزواج طويلاً وتم الطلاق بعد 5 سنوات، ووصفت فردوس محمد هذه الفترة من عمرها بأنها كانت أتعس أيام حياتها.
بدأت فردوس محمد حياتها كما بدأ كل أبناء جيلها من على خشبة المسرح، والتحقت بفرقة عكاشة" المسرحية، ولأنها تحب الفن والتمثيل، تعلقت بالفرصة، وبذلت مجهودا كي تصنع لنفسها مكانا بين أعضائها، وبعد شهر تم تعيينها مقابل راتب شهري قدره "ثلاث جنيهات" كانت أولى أعمالها المسرحية "احسان بيك"، من تأليف محمد عبد القدوس ثم انضمت إلى فرقة المخرج الكبير عبد العزيز خليل، الذي لعب دور عنتر في فيلم "العزيمه "، وعملت خلالها في الأوبريتات.
بعد مشاركتها في عدة عروض مسرحية، لفتت أنظار المخرج الكبير محمد كريم، الذي رشحها للمشاركة في فيلم "يوم سعيد" إنتاج 1940 بطولة الموسيقار محمد عبدالوهاب، وجسدت في هذا العمل دور أم للطفلة وقتها "فاتن حمامة"، وتوالت بعد ذلك أعمال الفنانة فردوس محمد، حتى منحها النقاد لقب"أم السينما المصرية.
تزوجت للمرة الثانية من الممثل محمد إدريس، ودامت حياتها الزوجيه ستة عشر عاماً أنتهت بوفاة الزوج وبالرغم من إنها من أهم الأمهات في السينما المصرية، ولكن لم يكتب لها الإنجاب
وعندما سألوا فردوس محمد، كيف تجيدين تمثيل دور الأم رغم أنك لم تعرفي هذا الإحساس؟ قالت: "في أوقات كثيرة فاقد الشيء يعطيه، حرمت من إحساس حلو، وبحثت عنه على شاشة السينما".
استهلكت فردوس محمد كل شخصيات الأم في مختلف صورها من الأم، والخادمة، والداده الحنون، وقدمت للسينما المصرية عدد هائل من الأعمال الفنية العظيمة والتي تعتبر علامة بارزة في تاريخ مصر الفني حتى الآن، شاهدناها في دور الأم قوية الشخصية التي لا تعرف الخضوع ولا الضعف، وقدمت دور الأم الحنون التي تعطي بلا حساب، و شخصية الأم القوية التي تملك المبادئ الأصلية ، وتعترض على كل ما هو خطأ وبالرغم من تشابه أدوارها، ولكن كل دور قدمته فردوس محمد كان مختلف عما قبله وله تفاصيله وجوانبه..
فـ شخصية الخالة القوية بنت البلد التي ترفض الظلم ورفعه عن فاتن حمامة في فيلم"سيدة القصر"، مختلفة عن شخصية أم حميدة التي تجبر ابنها على الزواج من الفتاة التي وقع معها في الخطيئة في فيلم "ابن النيل"، بعيدة تماما عن مأساة الأم في فيلم "رد قلبي"، وتعاطفنا معها في شخصية الأم الكفيفة واحساسها العالي بابنها في فيلم "حكاية حب"، أمام العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، وخفة دمها التي ظهرت بوضوح في دورها في فيلم "عفريته اسماعيل ياسين"، أمام الفنانة ماري منيب، ويأتي المشهد الكوميدي التاريخي الذي مازال يعيش معنا حتى الآن ونردده دائما أمام الفنان العظيم استيفان روستي (مدام تسمحيلي بالرقصه دي؟...ما ترقص ياخويا...هو أنا حايشاك!..كدا؟ طيب.. بس اروح اتحزم واجيلك).. وشخصية الداده في فيلم"غزل البنات"، ومشهدها الكوميدي الشهير بعد ما اكتشفت وجود نجيب الريحاني في السرير بدلا من ليلى مراد.
كان أقرب صديقاتها من الوسط الفني هي كوكب الشرق أم كلثوم، وذلك بعد تجسيدها دور والدتها في فيلم "فاطمة"، واستمرت صداقتهما حتى رحيل فردوس محمد، والفنانة القديرة فاتن حمامة التي كانت تراها في مكانه والدتها دائما.
قدمت فردوس محمد نحو ١٤٥عملا فني من بين أعمال مسرحية وسينمائية، وظلت تعمل حتى آخر أيامها أيامها وهناك بعض الأعمال التي ظهرت عليها فيها علامات المرض مثل دور زبيبة في فيلم "عنتر بن شداد، وهو آخر أعمالها ، ثم هاجمها مرض السرطان بشراسة، وأجبرها على ملازمة الفراش، و التف حولها كل الفنانين في ذلك الوقت، وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم، و سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، ورحلت عن عالمنا في ثلاثين من شهر يناير ١٩٦١، عن عمر يناهز الرابعة والخمسين عاما بعد معاناتها مع مرض السرطان.
.
فردوس محمد كانت فردوسا من الحب والحنان والعطاء، وعبرت بصدق عن مشاعر الآلاف الأمهات المصريه وجعلتها بطلة قصتها على الشاشة، فردوس محمد كانت و ستبقى أيقونة الأمومة المصرية الخالدة