تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
انضمّ ملف الادعاء على مصرف ثالث من المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان بجرم تبييض أموال الى ادعاءين سابقين على مصرفين سبقاه بالجرم نفسه في شباط الماضي، بناءً على شكوى تقدمت بها الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" ضد عدد من المصارف، طاولت التحقيقات الأولية سبعة منها، وطلبت القاضية عون خلالها من المسؤولين فيها رفع السرية المصرفية عن حسابات رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرين التنفيذيين ومدققي الحسابات السابقين والحاليين في هذه المصارف اعتباراً من عام 2016. وتجاوب عدد منها، وامتنعت مصارف أخرى عن تقديم المستندات المطلوبة وتقدمت بدعاوى مخاصمة الدولة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز المدعي. وأحيل الادعاء على كل من المصارف الثلاثة تباعاً على مرحلة التحقيق الاستنطاقي أمام قاضي التحقيق الأول في الجبل القاضي نقولا منصور.
ولم تكن هذه الملاحقات هي السبب الوحيد في تقرير جمعية المصارف الإضراب في شباط وآذار الماضيين بل صدور قرارات في شكاوى متفرقة تقدم بها مودعون على حدة، اعتراضاً على إلزام مصارف بتسديد أو تحويل ودائع بالعملة الأجنبية نقداً وعلى استدعاءات بحق مصارف بشبهة تبييض أموال. وحذرت جمعية المصارف في بيانات متصلة من "انعكاسات هذه الشبهة على المصارف المراسلة الأجنبية التي قد تقفل حسابات المصارف اللبنانية في الخارج وتوجّه الى الاقتصاد الوطني الضربة القاضية، ومن خطورة استمرار "بعض النيابات العامة بالادعاء على بعض المصارف بعد تغيير الوصف الجرمي خلافاً لقانون السرية المصرفية الجديد من جرم كتم معلومات الى جرم تبييض أموال".
ويقول محامي جمعية المصارف أكرم عازوري لـ"النهار" إنه سبق للجمعية أن حددت الخلل في المرفق القضائي وأشارت إليه في بياناتها في تلك الفترة، ومن مظاهر الخلل صدور أحكام تلزم المصارف بقبول استيفاء دينها بواسطة شيكات أو بالليرة اللبنانية بأسعار صرف للدولار أدنى من سعر صرفه في السوق بدءاً من1500 ليرة وصولاً الى سعر صيرفة بينما ما تقرضه المصارف للمدينين هو ودائع المودعين المحرّرة أساساً بالدولار الأميركي. وقد خلقت هذه الازدواجية نقصاً في الودائع بالعملة الأجنبية بلغ حتى الآن 30 مليار دولار. أضاف أن هذا الوجه من الخلل ليس القضاء مسؤولاً عنه لأن القاضي ينظر بكل استقلالية في كل ملف يُعرض عليه على حدة. هذا الوجه من الخلل لا يمكن معالجته إلا بقرار من السلطة التشريعية أو السلطة التنظيمية الأمر الذي لم يحصل حتى الآن". ووجه آخر من الخلل يستعرضه محامي الجمعية "بعدم احترام الصلاحية المكانية والوظيفية في النيابات العامة عند قبول شكاوى ضد المصارف. الى وجه إضافي من الخلل أيضاً هو لجوؤها الى ما يُسمى رحلة "صيد الأدلة" fishing expedition فوجهت الى المصارف طلبات عن فئات معينة من الأشخاص تتعلق بمعلومات مصرفية عن فترات زمنية وصلت حتى عام 2016. واتباع طريقة صيد الأدلة هو أمر مخالف لأصول التحقيقات الاولية التي تجريها النيابات العامة لأن هذه التحقيقات يجب أن تتناول واقعة معيّنة وصلت الى علم النائب العام ويريد استجماع أدلة حولها لكي يقرر الادعاء من عدمه. وعلى أثر الإضراب أصدر النائب العام التمييزي تعميماً ملزماً لكل النيابات العامة الخاضعة لإمرته التسلسلية في 28 شباط الماضي لم ينشئ فيها قواعد جديدة بل ذكّر النيابات العامة بالقواعد الموجودة أصلاً، والتي تنظم عملها. فإذا التزمت النيابات العامة بهذه الأصول فلا اعتراض لجمعية المصارف على أي دعوى لأنها ليست فوق القانون، ويحق لكل مودع لدى أي مصرف أن يقدّم أي شكوى يعتبرها محقة أمام أي قاض ضمن اختصاصه المكاني فإن اعتبر نائب عام معين بحسب تحقيقاته الأولية ضمن اختصاصه المكاني والوظيفي أن فعلاً ما له وصف جرمي احتمالي، يمكن لهذا النائب العام أن يدعي على هذا المصرف بعد أن يحدد الوصف الجرمي، عندئذ يدافع المصرف عن نفسه ويعود القرار الأخير لقاضي الحكم الذي هو دائماً، في نظامنا، قاضٍ مستقل. وإذا اتبعت تلك الاصول لا يحق لجمعية المصارف أن تعترض. لكن ما حصل أخيراً هو الادعاء على بعض المصارف التي رفضت إفشاء معلومات مصرفية لأنها اعتبرت أن طلب المعلومات مخالف لأحكام قانون السرية المصرفية الجديد رقم 306/2023، ومخالف لتعليمات النائب العام التمييزي بتاريخ 28 شباط. فتم الادعاء على هذه المصارف وفقاً للقانون 306 بعد تغيير الوصف الجرمي الاحتمالي الذي حدّده هذا القانون بأنه جرم كتم المعلومات الى وصف خاطئ ومخالف لهذا القانون وهو جرم #تبييض الأموال. هذا ما برر صدور بيان جمعية المصارف. والمطلوب، بحسب المحامي عازوري، ليس الاعتراض على الادعاء على المصرف بل الادعاء عليه عند الاقتضاء وفقاً للوصف القانوني المحدّد في القانون 306 أي جرم كتم معلومات، فإذا تم الادعاء بالوصف القانوني الصحيح يدافع المصرف عن نفسه أمام قاضي الحكم الذي وحده يقرر إن كان المصرف مخطئاً أو مذنباً.
ويوضح المحامي عازوري أن الفرق بين جرمي كتم المعلومات وتبييض الأموال شاسع بين الادعاء بالوصف الصحيح والادعاء بالوصف الخاطئ لأن مجرد تسمية الادعاء خطأً بتبييض أموال يحمل أي مراسل أجنبي للمصرف اللبناني المعنيّ على الحذر منه لا بل وقف التعامل معه بانتظار ما يسفر عنه الادعاء، وهذا أمر قد يطول سنوات يكون خلالها الضرر قد لحق بالمصرف جراء تسمية خاطئة للجرم المدعى به لأن المدعى به هو جرم تبييض أموال".
وفي رأي مصادر ذات شأن في القضايا الجزائية، إن ما اعتبره محامي جمعية المصارف خطأً في الوصف الجرمي يعود للمحقق الأول القاضي منصور إعادة النظر فيه والفصل بمدى تناقضه مع القانون الجديد لرفع السرية المصرفية، بمعزل عن النظر في مدى مخالفة كتاب إداري الطابع، أشارت مصادر قضائية الى أن المدعي العام التمييزي باشر بدرسه لتقرير مصيره. وهو كان قد وجه هذا الكتاب الى المدعية العامة الاستئنافية في الجبل في اليوم نفسه للتعميم الذي أصدره في ملف المصارف في شأن هذا القانون، وطلب فيه "وقف الإجراءات التحقيقية والاستقصائية موقتاً الى حين بت الهيئة العامة لمحكمة التمييز مداعاة مخاصمة الدولة عن أعمال القضاة" مقدمة من وكلاء مصارف بوجه القاضية عون، وفي عدادهم المصرف الأخير المدعى عليه وآخر مدعى عليه سابقاً في هذا الملف، وذلك عملاً بأحكام المادتين 751 و13 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، و"حفاظاً على حقوق المودعين والنظام العام"، بحسب الكتاب.