تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
في المدّة الفاصلة عن أولى استدعاءات المحقّق العدلي في السادس من شباط ينصبّ التركيز على ما يُمكِن أن يَخرُج به مجلس القضاء الأعلى من "فتوى" تُجيز أو تحرِّم مفاعيل القرارات الأخيرة للقاضي طارق البيطار الذي بات بنظر النيابة العامّة التمييزية، ثاني أعلى مرجعية قضائية، وبرأي قضاة في مجلس القضاء الأعلى، المرجع الأوّل في الهرميّة القضائية، "مُغتصب سلطة وملاحقاً أمام النيابة العامّة".
حتى الآن وبخلاف ما نُشِر في بعض وسائل الإعلام لم يُبلَّغ أيّ جهاز أمنيّ، وفق المعلومات، بإحضار المحقّق العدلي للمثول أمام مدّعي عامّ التمييز. يتحرّك البيطار من مكتبه إلى منزله وبالعكس بحماية أمنيّة من الجيش اللبناني، لكن حاليّاً لا يداوم في قصر العدل.
يَصعب فعلاً تخيّل سيناريو تنفيذ جهاز أمنيّ مهمّة إحضار البيطار أو تنفيذ مذكّرة توقيفه، في حال صدورها، في ظلّ الحماية الأمنيّة المشدّدة المفروزة له.
إلى هذا الحدّ من العبثيّة وصل ملفّ التحقيقات في انفجار المرفأ، خصوصاً بعد قفز المحقّق العدلي فوق كلّ دعاوى الردّ ومخاصمة الدولة بحقّه واستئنافه التحقيقات وادّعائه على سياسيين وموظّفين وقضاة وعلى رأسهم مدّعي عامّ التمييز.
لكنّ مصدراً أمنيّاً يوضح لـ "أساس": "حتى الآن هناك دعاوى قضائية بحقّ البيطار، وليس من طلب إحضار بحقّه. ولكن في حال نَزل إلى مكتبه وبادر مدّعي عامّ التمييز إلى إرسال استنابة بإحضاره سينفّذ المرجع المعنيّ، وهو على الأرجح جهاز أمن الدولة، مهمّة الإحضار".
يضيف المصدر: "في حال وَصَلنا إلى هذا السيناريو ستتوجّه قوّة من أمن الدولة إلى مكتب البيطار وتُبلّغ عناصر المكافحة في الجيش المولجة حمايته بوجود أمر قضائي بإحضاره أمام مدّعي عامّ التمييز، لكن حتّى هذه اللحظة ليس من قرار إحضار بحقّ البيطار"، مشيراً إلى أنّ "المحقّق العدلي يحميه الجيش من التهديدات الإرهابية والأمنيّة على خلفيّة ملفّ التحقيق في انفجار المرفأ ولا يحميه من تنفيذ استنابة قضائية بحقّه".
بالمفهوم "البيطاريّ" الاستدعاءات قائمة في موعدها مع توجّه إلى إصدار مذكّرات توقيف بحقّ من يرفض المثول أمامه. تؤكّد أوساط المحقّق العدلي أنّه غير معنيّ بالدعوات إلى انتقاله إلى "عدليّة الجديدة"، وسيحضر إلى مكتبه في قصر عدل بيروت للاستماع إلى المُستدعين في التواريخ والأوقات المحدّدة لهم.
لكن بحكم الأمر الواقع سقطت الاستدعاءات وتَكرّسَ واقع قانونيّ كبّل البيطار وحاصره بعد تقديم النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر المدّعى عليهما في قضية انفجار المرفأ ثلاث شكاوى جزائية ومسلكيّة ونقل دعوى بحقّ المحقّق العدلي.
هو مسار يلي ادّعاء مدّعي عامّ التمييز على البيطار، بعد ادّعاء الأخير عليه، وطلب المثول أمامه ومنعه من السفر والطلب من النيابة العامّة التمييزية عدم تسلّم أيّ مذكّرة أو تبليغ أو استنابة منه، وإخلاء سبيل الموقوفين الـ 17.
الأمر المؤكّد أنّه تمّ تطيير اجتماع مجلس القضاء الأعلى الأسبوع الماضي بضغط من "محور عويدات" داخل مجلس القضاء الأعلى رفضاً لاتّخاذ أيّ قرارات جذرية في شأن البيطار تحت ضغط الشارع، ولا سيّما أنّ حراك بعض أهالي الضحايا والنواب أدّى إلى تشنّجات خطيرة، فيما تقاطعت المصلحة مع محور عبّود أيضاً لعدم انعقاد الجلسة للسبب نفسه الذي قد يمنع انعقاد المجلس هذا الأسبوع. فالجلسة المُقبلة لمجلس القضاء الأعلى غير المُقرّر توقيتها بعد يَحكمها فيتو من قبل رئيسه القاضي سهيل عبود في محاولة لمنع المجلس من اتّخاذ قرارات في شأن قانونية إجراءات البيطار وردّ مدّعي عامّ التمييز عليها في ظلّ ميزان قوى يطبش لصالح معارضي البيطار وعبّود الذي يرفض مشاركة عويدات بالجلسة لأنّه مدّعى عليه!
بالأسماء ينقسم مجلس القضاء الأعلى راهناً إلى قسمين: القاضي عبود ومعه القاضي عفيف حكيم (المحسوب على الحزب الاشتراكي) في مواجهة "محور" عويدات وحبيب مزهر وداني شبلي وميراي حداد والياس ريشا. هذا ويبلغ عدد أعضاء المجلس حاليّاً سبعة، ويحتاج نصاب الحضور إلى مشاركة ستّة أعضاء في الجلسة. من ناحية أخرى، يجزم كثر أنّ القاضي حكيم يقف في الوسط بين "المحورين".
وكان سَبق لعبّود، من زاوية "مقاومة" مشروع محاصرة البيطار، أن عطّل دعوة أربعة أعضاء من مجلس القضاء الأعلى في منتصف كانون الثاني الماضي، وهم شبلي ومزهر وحدّاد وريشا، إلى بحث، كما جاء في الدعوة، بند وحيد يتناول مقتضيات سير التحقيق العدلي وكان المقصود منه تعيين قاضٍ رديف مكان البيطار. وينسحب هذا الانقسام على الجسم القضائي برمّته والنيابات العامّة وبات يحكمه سؤال أساس محوريّ يختصر كلّ صخب الأيّام الماضية: هل يقود الضغط إلى إقالة البيطار قبل إصدار قراره الظنّي الذي لا يمكن أن يرى النور ويُحال إلى المجلس العدلي قبل إبداء النائب العامّ التمييزي "المدّعى عليه" من قبل البيطار مطالعته بالأساس؟
طوال نهار يوم أمس تردّدت معلومات عن احتمال حصول لقاء ثلاثي في قصر العدل بين وزير العدل هنري خوري والقاضي عبود والقاضي عويدات، لكن هذا اللقاء لم يحصل وبقي التشاور محصوراً بين القضاة في الغرف المغلقة.