تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
منذ إعلان دولة لبنان الكبير، نشأ خلاف حول عروبة لبنان، وانقسم اللبنانيون بين التيار العروبي المتمثّل بأحزاب اليسار، والتيار المناهض للعروبة والداعي إلى القومية الفينيقية اللبنانية، وما تحمل في طياتها من عداء لفكرة الانتماء العربي.
أيام الانتداب الفرنسي نصح السوريون دعاة الوحدة في لبنان(أغلبية: مسلمون وأرثوذوكس) ، بالقبول بدولة ذات وجه عربي، بالشراكة مع دعاة لبنان الصغير(أغلبية: الموارنة والكاثوليك)، الذي يمكن أن يستخدمه الغرب، شوكة في خاصرة العرب، ولم يكن يومها يعلم هؤلاء بمخطط انشاء إسرائيل على أرض فلسطين بعد.
اتفق رياض الصلح وبشارة الخوري عام ١٩٤٣ على صيغة الميثاق الوطني، ونجح هذا التيار العروبي بايصال الخوري إلى سدة الرئاسة، وتحقيق الاستقلال، ثم نجح هذا التيار أيضاً بايصال كميل شمعون، الذي ما لبث أن انقلب على حلفائه، واستمال اليمين، وسعى لإدخال لبنان في حلف بغداد، فاندلعت الثورة ضده، ليأتي بعده رجل الاعتدال الوسطي فؤاد شهاب.
في عام ١٩٦٩ وقّع قائد الجيش إميل البستاني اتفاق القاهرة، الذي سمح بانتقال منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن إلى لبنان، على أمل أن يوصله ذلك إلى سدة الرئاسة، لكن اليمين اللبناني بزعامة بيار الجميل أسقطه وفاز سليمان فرنجية، بصوت كمال جنبلاط.
انتشر السلاح خارج الدولة، وانفجرت الحرب بين اليسار واليمين، لتنتهي بعد ١٥ عاماً من الدمار والخراب والتراجع الاقتصادي، باتفاق الطائف، الذي ثبّت عروبة لبنان.
وكان التيار العروبي نجح في إسقاط اتفاق ١٧ أيار مع إسرائيل.
لكن سرعان ما تم الانقلاب على اتفاق الطائف، وسمح بذلك دعم الرئيس حافظ الاسد ومشاركته إلى جانب الأمركيين، في حرب تحرير الكويت، فغضت الإدارة الأمركية النظر عن سلوك دمشق، التي حولت لبنان إلى مجرد محافظة سورية، وعيّنت عليه حاكماً عسكرياً، كان الأمر الناهي في كل شيء.
بعد الخروج السوري عام ٢٠٠٥ عاد الانقسام، لكن هذه المُرّة اختلطت الأوراق، فالتحق ميشال عون بفريق الثامن من أذار، بهدف الوصول إلى سدة الرئاسة، ونجح في تحقيق هدفه، أما وليد جنبلاط فدخل في تحالف ١٤ أذار، مع سعد الحريري وسمير جعجع واليمين اللبناني، لكنه عاد وتموضع في الوسط، تداركاً لاندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان.
اليوم يستمر الصراع في لبنان على الخيارات الكبرى، وانتخاب رئيس للجمهورية، بين فريق: يرفض وصول رئيس يسعى إلى نزع سلاح المقاومة، والتبعية للغرب، وفريق آخر : يدعو إلى رفض السلاح خارج الدولة، والتبعية لإيران.
يمثّل سليمان فرنجية الحفيد، أحد الأقطاب المسيحيين الأربعة، الذين تم التوافق بينهم، في الانتخابات الرئاسية السابقة، على دعم أي مرشح من بينهم، يكون لديه فرصة الوصول إلى بعبدا، لكن ميشال عون وسمير جعجع رفضا وصول فرنجية، عندم رشّحه سعد الحريري، وأعلن جعجع دعمه ترشيح العماد عون.
التزم فرنجية بالخط العروبي، وتحالفه مع حزب الله وسوريا، ولهذا السبب يرفض البعض ترشيحه، باعتباره مرشحاً لقوى ٨ آذار، ويطالبون بمرشح وسطي.
احتفظ فرنجية بعلاقات جيدة مع دول الخليج العربي، وحتى مع الدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية، ومع غالبية القوى اللبنانية، لكن رغم مصالحتة مع سمير جعجع، ما زالت العلاقات بينهما غير طبيعية، وتخشى القوات اللبنانية وترفض وصول فرنجية إلى بعبدا.
يخشى التيار الذي يُطلق على نفسه صفة "السيادي" تكرار تجربة ميشال عون، ويقول أنه لا يثق بقدرة فرنجية على الخروج من عباءة حزب الله والنظام السوري، رغم علم الجميع بحجم المشاكل التي تشغل النظام السوري، وتراجع دوره وقدرته على التأثير في لبنان.
يغمز البعض من قناة عدم وجود مشروع إنقاذي، أو خطة اقتصادية لدى فرنجية، فيما يقول البعض الآخر بأن وصول فرنجية، هو استمرار للمنظومة الحاكمة، التي يتهمها بالفساد والتسبب بالانهيار الاقتصادي، ويضيف هؤلاء: أن وصول فرنجية سيقفل الباب أمام أي مساعدات عربية وغربية، يحتاجها لبنان للخروج من أزمته.
وهنا لا بد من سؤال جوهري!!!.
مَن سينتخب الرئيس؟؟ أليس نواب من يُطلق عليهم نواب التغيير تسمية "المنظومة"؟؟؟ وهل يُمكن لرئيس أن يحكم، إذا لم يتفق هؤلاء الممسكون بزمام الأمور في لبنان؟؟؟
في الحقيقة لا قيمة لأي مشروع اقتصادي سيقدّمه أي مرشح للرئاسة، لأن الدستور أناط هذه المسؤولية بمجلس الوزراء وليس برئيس الجمهورية، ولأن الإنقاذ يحتاج إلى مشروع توافق سياسي، بين غالبية القوى السياسية، وهذا يحتاج رئيساً جامعاً، قادراً على التواصل مع جميع الفرقاء، في الداخل والخارج، ولا صحة لمقولة أنه هناك فيتو غربي أو عربي على ترشيح فرنجية.
يحتاج لبنان إلى رئيس يحفظ مقام الرئاسة، ولديه ثوابت سيادية، يجمع ولا يفرق، ويضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الخاصة والطائفية.
فلماذا البحث عن رئيس برتبة موظف، وهل يمكن لهذا الرئيس فعلاً أن يُنقذ لبنان.
هل مشاريع الفيدرالية، وما يخفيه دعاتها من نوايا تفرقة وتقسيم، لا تُخيف دعاة وحدة لبنان وسيادة الدولة؟؟؟ وهل تخلّى بعض اللبنانيين عن الخط العروبي؟؟؟ أم أصبحت العروبة ملتصقة بمسار التطبيع مع إسرائيل؟؟؟
وهل تخلّى المسيحيون عن فكرة الرئيس القوي، وباتوا يسعون لتعين موظف في قصر بعبدا؟؟
وهل فعلاً انتخاب رئيس كهذا، سينقذ لبنان من أزماته؟
وهل باتت عروبة سليمان فرنجية تهمة، تمنع وصوله إلى قصر بعبدا؟؟؟
ربما سيندم أولئك الذين يعارضون انتخاب فرنجية، ويطالبون اليوم برئيس حيادي، خبير اقتصادي، وقد لا يندمون!!! لكن من سيندم بكل تأكيد هم الموارنة، عندما يقبلون برئيس، من رتبة موظف، يعجز عن اتخاذ قرار في قصر بعبدا.