تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، رفعت معظم الدول الأوروبية موازنة الدفاع لديها بمئات مليارات الدولارات، وقدمت السويد وفنلندا طلباً بالإنضمام إلى حلف الناتو، وأعلنت اليابان عن انتهاج خطة دفاعية جديدة. ومع تصاعد هذا التوتر في العلاقات الدولية ، وخاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ، اتخذت الصين وروسيا خطوة أخرى.
فانطلقت الدولتان في بحر الصين الشرقي لإجراء سلسلة من التدريبات المشتركة. سُمّيت بمناورة "التعاون البحري - 2022" ، كما أشارت وزارة الدفاع الروسية ، وهي بدأت يوم 21 وستستمر حتى 27 من الشهر الحالي.
وقد أبلغ الطرفان إلى اليابان: أن الصين قد نشرت بالفعل ما لا يقل عن تسع سفن في المنطقة ، عبر المنفذ المحلي شرق الصين. وقد أوضحت الصين أنه من بين قطع هذا الأسطول ، هناك حاملة طائرات من طراز "لياونينغ" ومدمرة صاروخية. بينما ستوفر موسكو طراداً صاروخياً متقدّماً، من أسطول المحيط الهادئ، وفرقاطة "مارشال شابوشنيكوف" وطرادين آخرين.
تتضمن خطة المناورة : مناورات مدفعية ضد أهداف بحرية وجوية وإطلاق صواريخ ، وأعمال قتالية أُخرى. وقالت وزارة الدفاع في موسكو إن "الهدف الرئيسي" من هذه المناورات يكمن في "تعزيز التعاون البحري بين روسيا والصين، والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ". وليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الطرفان بهذه المناورات. ففي نهاية عام 2021 ، قام الجيشان بدورية مشتركة عبر المحيط الهادئ.
والهدف الذي كانوا يسعون وراءه مشابه للهدف الذي أشاروا إليه الآن وهو: "تعزيز صون السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ، فضلاً عن حماية أهداف النشاط الاقتصادي البحري للبلدين.
ويشار إلى أن "الحكومة الروسية. والصين تسعيان حسب بياناتهما إلى تشكيل "قوة الاستقرار" . وهذا منذ ما قبل الحرب في أوكرانيا ، حيث عملت بكين وموسكو معًا، لإنهاء الهيمنة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية.
علاوة على ذلك ، ففي اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) الذي عقد في سمرقند في أوزبكستان ، تحدث الرئيس الصيني شي جينغ بينغ عن "النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب".
ويبدو واضحاً أن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو في الحرب الأوكرانية الروسية، ودعم كيف بالمال والسلاح، وتسخير شبكة من أكثر من 500 قمر صناعي لتأمين الاتصالات والمعلومات للقوات الأوكرانية، تسبب بخسائر كبيرة للجيش الروسي وأجبره على تنفيذ انسحاب من عدة مناطق كان قد سيطر عليها في بداية الحرب. وفي التزامن مع الزيارات التي يقوم بها مسؤولون أمريكيون إلى تايوان، والتي شكّلت تحدياً واستفزازاً للصين، دفعت هذه التصرفات الغربية البلدين، إلى تجاوز خلافاتهما، وزيادة التعاون الاقتصادي والعسكري فيما بينهما.
ولا شك أن الصين شكّلت شريكاً اقتصادياً هاماً لموسكو، وشكّل هذا التعاون عاملاً هاماً في تدعيم الاقتصاد الروسي، في مواجه العقوبات الغربية، التي تأثرت بها أوروبا بشكل كبير، حتى أنها تضررت أكثر من موسكو.
أظهرت هذه الحرب أن العالم بدأ يتغيّر ، وأن أمريكا لن تبقى الدولة الوحيدة الحاكمة لهذا العالم، فالصين وروسيا تسعيان لفرض وجودهما على المسرح الدولي، كشركاء أقوياء لأمريكا، ولو بالقوة، وهناك عدة دول أُخرى تسعى إلى ذلك أيضاً وتطالب بدور فاعل على المسرح الاقليمي والدولي، مثل الهند وكوريا الشمالية وإيران وتركيا. وهذا ببساطة، يعني أن العالم دخل في مرحلة سباق تسلح جديدة، بدءاً من دول أوروبا، إلى اليابان وتايوان والصين وكوريا الشمالية والجنوبية وروسيا وايران وتركيا وغيرها.
ولا بد أن ينعكس اقتصاد الحرب هذا، وزيادة الانفاق العسكري (الضار بشكل عام) على كافة الدول، ومستوى التقديمات والخدمات الاجتماعية، التي تراجعت كثيراً خلال جائحة كورونا، ومع ما يرافق ذلك من ارتفاع جنوني في تكلفة الانتاج، وبالتالي في أسعار السلع، ستكون الدول الفقيرة، هي أول من سيدفع ثمن هذا الجنون، الذي بدأ يضرب العالم، وفيما ستتمكن الدول التي تمتلك ثروات طبيعية كبيرة، وقدرة إنتاجية متطورة، من النجاة، فإن الدول الفقيرة والمتخلفة، ستزداد فقراً، وستتدهور فيها أسعار العملات، وقد يتوسع مستقبلاً النموذج الفنزويلي واللبناني ليشمل عشرات الدول في أنحاء العالم.