تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن "خيار الرئيس هو قرار جماعي يعطي الشعور لكل مواطن ان الرئيس هو رئيسه. لذا، لا يحق لأي طرف لبناني ان يُنكر على أي طرف لبناني آخر حقّه في أن تكون له كلمة في اختيار رئيس للجمهورية. فالرئيس الماروني، بحسب الميثاق الوطني المتجدد في اتفاق الطائف، هو رئيس كل اللبنانيين، وبالتالي يجب اختياره في اطار الأصول الديمقراطية والثوابت الوطنية"، لافتا الى ان "التعاون بين جميع الأطراف هو ضروري، ولكن ليس على حساب السيادة، وهو مسؤولية إيجابية مشتركة ينبغي ألاّ تبلغ حدّ الفيتو والتعطيل".
كلام الراعي جاء خلال زيارته الى القاهرة التي وصلها أمس ملبيا دعوة جامعة الدول العربية، للمشاركة في مؤتمر "التسامح والسلام والتنمية المستدامة في الوطن العربي" الذي يُعقد في 17 و18 الجاري.
جامعة الدول العربية: وقال الراعي في المداخلة التي ألقاها في مؤتمر التسامح والسلام والتنمية المستدامة في الوطن العربيّ في مقرّ الأمانة العامّة للجامعة العربيّة تحت عنوان "التسامح في المسيحيّة ودوره في ترسيخ أسس السلام الإجتماعيّ": "يسعدني أن أشارك في المؤتمر بدعوة كريمة من الدكتور أحمد بن محمّد الجروان رئيس المجلس العالي للتسامح والسلام، ومن السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الإجتماعيّة، وأن أتكلّم عن الموضوع المطلوب منّي: التسامح في المسيحيّة ودوره في ترسيخ أسس السلام المجتمعيّ".
أضاف: "أودّ أوّلًا توضيح مصطلح التسامح الذي يدعو إليه الجميع، تجّنبًا للوقوع في مفهومه السلبيّ. بالمفهوم الإيجابيّ، التسامح يعني قبول الآخر المختلف، والعيش معه بسلام ومساواة وتكامل. فبدون الآخر ليس بوسعي أن أعي ذاتي في غَيرِيَتها. فالآخر هو الطريق إلى ذاتي. ومع ذلك، عليّ أن أكون ذاتي لكي أستطيع اللقاء بالآخر، ومحاورته ومعايشته والتنامي معه في تآلف الاختلاف. الانتماء الديني والثقافي والحضاري والجغرافي، في مضامينه الفلسفية والوجودية، لا يعني بالضرورةِ التعارضَ مع الآخر والدخولَ معه في صراع الهويات القاتلة. قبول الآخر بهذا المعنى يرسّخ السلام الإجتماعيّ.
أمّا بالمفهوم السلبيّ، فالتسامح يعني مسًّا خطيرًا بحقوق الإنسان الأساسية. المتسامح هو الأقوى الذي يتنازل ويسمح للآخر المختلف والمستضعف بالبقاء على قيد الحياة، أو بمشاركته الحياة، ولكن ضمن ضوابط لا ترقى مطلقاً إلى مستوى الندية. لذا إعتماد الإنسان مبدأ التسامح تجاه إنسان آخر، أكان فردًا أم جماعة، ينمّ عن تصرّف فوقيّ، ولو كان الهدف نبيلًا وصادرًا عن سلطة يدّعيها فريق تجاه فريق آخر. أتسامح بوجودك، بسكنك، بعملك، بممارستك، بنمط حياتك المختلف ... لكن، من نكون حتى نستعمل سلطان التسامح تجاه أخ في الإنسانيّة؟ نفضّل قبولك بسلام، لا قبولك بتسامح. السلام حقّ دائم ذاتيّ، بينما التسامح حقّ قابل للطعن، لأنّه مرهون بتسامح الآخر.
انطلاقاً من حقوق الإنسان الطبيعية، الكائن البشري لا يستجدي وجوده من أحد، وبناءً على ذلك، فهو ليس بحاجة إلى تسامح الآخرين في حقه اللامنقوص في الاختلاف. له الحريةُ المطلقة في أن يكون كما هو يريد أن يكون، ضمن حدود احترام الآخر في الأمور عينها والمحافظة على السلم العام".
وتابع: "ترتكز المسيحيّة في تعليمها على قبول الآخر المختلف دينيًّا وثقافيًّا وإتنيًّا وإجتماعيًّا، وعلى التضامن معه لمساعدته، والتكامل مع مواهبه لخير الجماعة البشريّة والمجتمع الذي نعيش فيه.
فالقاعدة الأساس هي أنّ جميع الناس أبناء للخالق الأحد وهو أبو الجميع، وكلّنا بالتالي إخوة وأخوات لهذا الآب السماويّ؛ والقاعدة أيضًا أنّ كلّ إنسان، ذكرًا كان أم أنثى، مخلوق على صورة الله، بتنوّع فرادته. ولكوننا مجبولين بالضعف نحتاج إلى فضيلتين أساسيّتين: المحبّة والمغفرة.
هذا هو الطريق الذي يؤدّي بنا إلى "ترسيخ أسس السلام المجتمعيّ"، وهذه هي الوسيلة "لمكافحة الكراهية ونشر ثقافة التسامح في الخطاب الدينيّ".
إنّنا نلتقي هنا مع مقدّمة "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة" (أبو ظبي 16 فبراير 2019) حيث نقرأ:
" يحملُ الإيمانُ المؤمنَ على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه، فإنَّ المؤمنَ مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاءِ منهم والأشخاصِ الأكثرِ حاجَةً وعَوَزًا".
وقال الراعي: "نتناول من المسيحيّة ثلاثة نماذج متكاملة عن قبول الآخر المختلف (التسامح) بكلّ أبعاد هذا القبول. وهي تلتقي مع تعليم الإسلام و "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة":
النموذج الأوّل، الإنفتاح على الإختلاف الدينيّ وعدم جعله حاجزًا أمام العلاقة مع الآخرين.
نذكر لقاء الربّ يسوع مع المرأة السامريّة على بئر يعقوب في مدينة من السامرة إسمها سوخار (يوحنا 4: 5-42)، جلس يسوع على حافّة البئر وكان تعبًا من السفر، فيما تلاميذه ذهبوا إلى المدينة يشترون طعامًا. جاءت إمرأة سامريّة لتستقي ماءً. فطلب منها أن تعطيه ليشرب. فأجابت: "أنت يهوديّ وأنا سامريّة. فكيف تطلب منّي أن أسقيك، واليهود لا يخالطون السامريّين" (الآية 9).
أمّا يسوع فأكمل حواره الصعب معها، مرتفعًا بها إلى قمم الروح، وأفهمها أنّه عارف بكلّ ظروف حياتها حتى هتفت: "يا سيّدي، أرى أنّك نبيّ" (الآية 19). وانتهى اللقاء بأنّ كثيرين من السامريّين آمنوا به، وألحوّا عليه أن يقيم عندهم، فمكث يومين (الآية 40).
أراد يسوع مواصلة الحوار مع تلك المرأة السامريّة لكي يخرجها من تقوقعها وأفكارها المسبقة. ويريد ذلك منّا جميعًا لكي ننفتح على جميع الناس كما فعل هو. ويحثّنا على أن لا نعتبر انتماءاتنا كافية لتبرئتنا، إذا كنّا لا نعيش حقًّا بحسب قيم هذه الإنتماءات وتعاليمها.
هذا التعليم يلتقي مع كلام الله في القرآن الكريم: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ (سورة هود (11): آية 118). وأيضًا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (سورة الحجرات (49): آية 13).
النموذج الثاني، التضامن مع الآخر المختلف ومساعدته على أساس المحبّة الشاملة والرحمة.
نذكر مثل السامريّ الصالح (لوقا 10: 30-37)، وقد شرح به يسوع لأحد معلّمي الشريعة معنى: "من هو قريبي" الذي عليّ أن أحبّه كنفسي؟ كما نقرأ في التوراة (الآيات 26-29). القصّة أنّ رجلًا كان نازلًا من أورشليم إلى أريحا. فوقع بين أيدي لصوص عرّوه وضربوه ثمّ تركوه بين حيّ وميت. مرّ على طريقه إثنان من ملّته ومسؤولان روحيًّا، الواحد تلو الآخر، كاهن ولاويّ، فمالا عنه ومشيا. ومرّ سامريّ مسافر – من غير ملّته ودينه – فتوقّف وضمّد جراحه وحمله على دابتّه وجاء به إلى فندق وأنفق عليه ما لزم.
فسأل يسوع عالم الشريعة: "أيّ واحد من هؤلاء الثلاثة كان قريب هذا المعتدى عليه؟ فأجابه: الذي عامله بالرحمة. فقال له يسوع: إذهب أنت واعمل مثله".
خلاصة هذا المثل: إنّ التضامن بين الناس بروح المحبّة والرحمة يجب ألّا يحدّه أيّ إختلاف دينيّ أو مذهبيّ أو إجتماعيّ. بهذا المثل يرتفع يسوع بمفهوم "القريب" من صلة الدمّ والعائلة أو الوطن أو الدين، إلى معنى روحيّ لاهوتيّ، هو أنّ كلّ إنسان قريب لأخيه الإنسان، لأنّهم جميعًا مخلوقون على صورة الله. لهذا علّم يوحنّا الرسول: "من كانت له خيرات العالم ورأى أخاه محتاجًا فأغلق قلبه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه. يا أبنائي، لا تكن محبتنا بالكلام أو باللسان بل بالعمل والحق." (1 يوحنا 3: 17-18).
هذا التعليم يلتقي مع الحديث الشريف "الخلق كلّهم عيال الله وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله". ويلتقي أيضًا مع "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة"، التي إذ تنبّه إلى أهميّة دور الأديان في بناء السلام العالميّ، تؤكّد "القناعةَ الراسخةَ بأنَّ التعاليمَ الصحيحةَ للأديانِ تَدعُو إلى التمسُّك بقِيَمِ السلام وإعلاءِ قِيَمِ التعارُّفِ المُتبادَلِ والأُخُوَّةِ الإنسانيَّةِ والعَيْشِ المشترَكِ، وتكريس الحِكْمَةِ والعَدْلِ والإحسانِ، وإيقاظِ نَزْعَةِ التديُّن لدى النَّشْءِ والشبابِ؛ لحمايةِ الأجيالِ الجديدةِ من سَيْطَرَةِ الفكرِ المادِّيِّ، ومن خَطَرِ سِياساتِ التربُّح الأعمى واللامُبالاةِ القائمةِ على قانونِ القُوَّةِ لا على قُوَّةِ القانونِ"
النموذج الثالث، الإعتراف بالتنوّع والتكامل بين الناس في الحياة المجتمعيّة.
نختار صورة الجسد وأعضائه التي يعطيها بولس الرسول (1 كورنتس 12: 14-16). فالجسد البشريّ مؤلّف من أعضاء كثيرة ومتنوّعة تجعله كاملًا، وتمكّنه من العيش والتحرّك والعمل. "الأعضاء كثيرة، لكنّ الجسد واحد. وليس من أي عضو أن يحلّ مكان الآخر أو أن يستغني عن الآخر. والعضو الذي نحسبه أضعف أعضاء الجسد هو ما كان أشدّ ضرورة. وما نحسبه أقلّ كرامة هو الذي نخصّه بمزيد من التكريم. فالله صنع الجسد بطريقة تزيد من كرامة الأعضاء كلّها بعضها ببعض" (الآيات 20-25).
أجل، الحياة لا تسكن إلا في التنوع، على شاكلة الجسد الحي، حيث لا خلية تشبه الأخرى ولا عضو يشبه الآخر، وتتكامل الخلايا والأعضاء وظائفياً لتكوّن هيكل الحياة. بينما وحدةُ الشكل والأنظمة الشمولية التي تستند إلى اعتبارات دينية منحرفة تسحقُ الانسانَ وحرّيتَه وكرامتَه، إنّما هي موكب جنازة الحياةِ، على شاكلة الجثة المنصهرة أعضاؤها في هدأة الموت.
التنوّع في الوحدة نجده في حديث شريف عن المساواة وعن الفرق بالتقوى: "لا فضل لعربيّ على عجميّ ولا لعجميّ على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى. إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم" (رواه البيهقي)".
وختم: "وضعت المسيحيّة جميع أعمالها وإنجازاتها في مفهوم السلام، والمفهوم الإيجابيّ للتسامح، تمامًا من أجل ترسيخ أسس السلام المجتمعيّ في العالم. والمسيحيّة أعطت البشريّةَ الحقَّ الطبيعيّ في التزام الخير، وجعلت هذا الحقّ واجبًا بديهيًّا. إنّ قراءة الإنجيل تزيدنا توقًا للخدمة، لأنّها الطريق لمعرفة الآخر، والتضامن معه.
أتمنّى لهذا المؤتمر النجاح والثمار المرجوّة، مع الشكر لإصغائكم!"
قداس: الى ذلك، ألقى البطريرك الراعي عظة في كاتدرائية القديس يوسف المارونية - الظاهر في القاهرة، حملت عنوان: "في منتصف الليل صارت الصيحة: هوذا العريس أخرجوا للقائه"، في حضور راعي الأبرشية المطران جورج شيحان، سفير لبنان في القاهرة علي الحلبي وعدد من الكهنة والراهبات، قال فيها: "في إنجيل اليوم العريس هو الرب يسوع، فادي الإنسان ومخلص العالم. هو عريس لأنه صديق كل إنسان ورفيق كل إنسان في دروب الحياة. مجيئه المفاجئ هو ساعة موت كل واحد منا. فيه يطلب أن نكون مستعدين لهذا اللقاء. تنبسط معاني هذا الإنجيل إلى مجئ الرب في حياتنا اليومية عندما ينتظر منا موقف او عمل أو مبادرة خيرة بناءة فعالة، ويدعونا لنكون مستعدين لمجيئه اليومي وللقائنا معه في نهاية حياة كل واحد وواحدة منا.
يسعدني أن نحتفل معًا بهذه الليتورجية الإلهية، وكما ذكر سيادة راعي الأبرشية، انا هنا لتلبية دعوة للمشاركة في المؤتمر الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالتعاون مع المجلس العالمي للتسامح والسلام في مقرّ الأمانة العامة للجامعة بين 17و18 تشرين الأول الجاري، وقد طُلب اليّ الكلام في جلسة الافتتاح بموضوع: "التسامح في المسيحية ودوره في ترسيخ أسس السلام الاجتماعي".
نحن نرجو ان يكون هذا المؤتمر من سلسلة اللقاءات التي فيها يتحاور الجميع من اجل بناء السلام. وخاصة الحوار الذي يبنى على القيم الدينية والقيم الروحية خلافًا لما يقول البعض أن الأديان مصدر خلافات ونزاعات، هذا غير صحيح بل الأديان تعطي روح، ومعنى وقيمة لكل حوار دبلوماسي بين الشعوب. الأديان تعطي الأساس لكل تفاوض بين الناس، أساسًا خلقيًا، أساسًا روحيًا، وبدون هذا الأساس تبنى المفاواضات على المصالح والنزاعات، كأننا نبني على الرمل. الحمدلله في هذه السنوات الأخيرة هناك سعي حول حوار الأديان، كل الأديان من أجل إستعادة هذه الأسس الروحية وهذه القيم. المؤتمر هذا الذي نشارك فيه يندرج في هذا الخط.
الإنجيل اليوم كما قلت هو إنجيل لقاء المسيح الرب مع كل إنسان في حياته اليومية يستعمل الرموز. الرمز الأول أن يسوع هو العريس لأنه رفيق الإنسان، فادي كل إنسان، صديق كل إنسان كما ظهر في حياته التاريخية. يأتي في يومنا الأخير ولا يسمي هذا اللقاء موتًا، الموت طبيعي كل من يولد يموت. نعرف هذا. سنموت ويجب أن نموت لأننا بدأنا مسيرة تاريخية. لكن يعنيه أن يقول عند ساعة الموت هو الذي يتقبل كل واحد منا. هو الذي يعطي معنى لحياتي بعد التاريخ. هو الذي يسعدني إن كنت عشت معه ومع الله، و بكل أسف لا يعرفني لأنني لم أعرفه في هذه الدنيا. يستعمل صور العرس. العذارى هم النفوس هم الناس. الحكيمات هم الذين يفكرون في عمق الحياة ومعانيها، يفكرون بالموت بمعنى الموت، بالألم، بمعنى الوجود ويحطاطون له بحياة صالحة، ويضعون امامهم القاعدة التي تقول: إذكر يا إنسان أواخرك فلن تخطأ. الجاهلات هم الناس السطحيون الذين يعيشون لهذه الدنيا فقط . اما المصابيح فهي العقل، الطاقة لمعرفة الحقيقة، الارادة لفعل الخير، القلب للمشاعر الانسانية. والزيت هو الايمان للعقل والرجاء للارادة والحب للقلب. لا احد يعرف ساعة موته وكيف سيموت لكن ينبغي ان اكون مستعدًا. في حياتي اليومية ينتظر مني الرب موقفًا في لحظته، يجب ان اقول الحقيقة الآن، يجب ان احمي العدالة الآن، ينبغي ان ابني السلام الآن. ان اقول لا عندما يجب ان اقول لا ونعم عندما يجب ان اقول نعم. لا استطيع ان اعيش فاترًا. فلا معنى للحياة بدون موقف. الكثير من الناس يهربون من قول الحقيقة ومن الدفاع عن العدالة ومن اتخاذ موقف بوجه الظلم. فلا قيمة لحياتهم ولا معنى لوجودهم".
أضاف: "إننا نوجّه معكم تحية تقدير لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، لمثابرته في عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولحرصه على وحدة القرار مع كل من دولة رئيس مجلس النواب ودولة رئيس مجلس الوزراء. ونرجو أن يعبر الترسيم القانوني الى حيّز التنفيذ، وان تنبسط وحدة القرار هذه الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 31 تشرين الأول الجاري. ويتطّلع اللبنانيون واصدقاء لبنان الى انتخاب رئيس يعمل على شدّ أواصر وحدة الشعب اللبناني، ويلتزم مع الحكومة والمجلس النيابي في إجراء الإصلاحات المطلوبة، والنهوض الاقتصادي والمالي والمعيشي. وعلى هذه النية نصلي معكم الليلة.
خيار الرئيس هو قرار جماعي يعطي الشعور لكل مواطن ان الرئيس هو رئيسه. لذا، لا يحق لأي طرف لبناني ان يُنكر على أي طرف لبناني آخر حقّه في أن تكون له كلمة في اختيار رئيس للجمهورية. فالرئيس الماروني، بحسب الميثاق الوطني المتجدد في اتفاق الطائف، هو رئيس كل اللبنانيين، وبالتالي يجب اختياره في اطار الأصول الديمقراطية والثوابت الوطنية.
ان التعاون بين جميع الأطراف هو ضروري، ولكن ليس على حساب السيادة، وهو مسؤولية إيجابية مشتركة ينبغي ألاّ تبلغ حدّ الفيتو والتعطيل.
أما لجهة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، حيثُ تاريخهم وثقافتهم وحضارتهم ووطنهم، فإن عددهم الذي يفوق المليون ونصف بات يشكّل عبئًا اقتصاديًا ضاغطًا لا يستطيع لبنان المنهك حِملَه، كما يشكل خطرًا أمنيًا على المجتمع اللبناني، وينذر بخلل ديموغرافي له نتائجه الوخيمة على النظام السياسي في لبنان، فضلاً عن تغيير في هوية لبنان الثقافية.
لقد صُدمنا برفض المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة قرار لبنان بإعادة هؤلاء النازحين إلى وطنهم، وبتمسّكها بإعطاء كل نازح حرية البقاء او العودة. هذا القرار غير مقبول على الإطلاق، لأنه مكلف جدًا على لبنان. بل نطالب الدولة اللبنانية بالمضي قدمًا في مواصلة إعادة النازحين السوريين إلى المناطق السورية الآمنة، لكي يتمكن لبنان من تطبيق مشاريع الإنقاذ. ونطالب الأمم المتحدة بأن تعطي مساعداتها المالية للنازحين على أرض سوريا لا على أرض لبنان.
إننا نطالب بكل ذلك لا كرهًا ولا عداء ولا بغضًا، بل حبًا بالإخوة النازحين، لكي يعيشوا بكرامة في وطنهم، ويواصلوا فيه كتابة تاريخهم، ويحافظوا على ثقافتهم وحضارتهم، وهي العناصر التي تشكل هويّة كل بلد ووطن . فالاوطان ليست فقط ارض وجغرافيا انما ايضا ثقافة وحضارة وانتماء.
وانّا نودع هذه الأمنيات في عناية الله، وتشفّع أمنا مريم العذراء، والقديس يوسف شفيع هذه الكاتدرائية، لمجده تعالى ولإحلال الخير والسلام في مصر ولبنان والعالم".
هدف المؤتمر: وكان الراعي وصل الى القاهرة امس، ملبيا دعوة جامعة الدول العربية، للمشاركة في مؤتمر "التسامح والسلام والتنمية المستدامة في الوطن العربي".
وشارك الراعي في افتتاح المؤتمر وألقى كلمة ركز فيها على حوار الأديان ونبذ العنف والصراعات على أشكالها.
ويهدف المؤتمر الى نشر قيم التسامح في الوطن العربي بهدف ترسيخ ركائز السلام الوطني والدولي لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على جهود المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في مكافحة الكراهية والتعصب ونشر ثقافة التسامح.
ويناقش المؤتمر محاور عدة، تتمحور حول التسامح واستدامة التنمية على المستويين العالمي والإقليمي ودور المؤسسات الوطنية والدولية والمجتمع المدني وإعادة الاعمار في مجتمعات دول ما بعد الصراع والاعلام واثره في نشر هذه القيم وما ينتج عنها من تهتك لنسيج مجتمع الدولة وإعاقة تقدمها الاقتصادي ورقيها الاجتماعي، وفي عصر السماوات المفتوحة والاتصالات المباشرة بين البشر في كل أرجاء المعمورة لن تستطيع أي دولة ان تواجه تلك الآفات دون تنسيق الجهود مع الدول الأخرى والتوافق على رؤية مستقبلية دولية لمواجهتها.
وسيتحدث في المؤتمر كل من أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا الانبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الارثوذكسية ورئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام أحمد الجروان، بالإضافة الى العديد من الشخصيات.
ويفتتح أعماله اليوم الاثنين 17 أكتوبر، وغدا الثلاثاء في مقر الأمانة العامة للجامعه العربية.