تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
مع إقفال المصارف خلال هذا الأسبوع، وفي ظل الأزمة التي تضرب المال والاقتصاد في الصميم، كيف انعكس هذا الإقفال على ما بقي من الاقتصاد والقطاعات؟ وماذا عن القدرة على السحوبات ولا سيما رواتب القطاع العام؟
من المعلوم أنّ كل المواد الأولية للصناعة هي مستورَدة، والتعاملات الخارجية تجري عبر المصارف. وأثّر إقفال المصارف على الإنتاجية كلها وعلى كلّ الاقتصاد في لبنان. والمورّدون في الخارج لا يتعاملون سوى من خلال المصارف، ولا يمكن تحويل المعاملات والمصارف مقفلة، هذا ما يؤكده زياد بكداش، نائب رئيس جمعية الصناعيين.
وفي حديثه لـ”النهار”، يلفت إلى أنّه حتى التحويل من لبنان إلى الموردين في الخارج غير ممكن، فهؤلاء لا يدركون الأزمة التي يمرّ بها لبنان. فالبضاعة التي تصل إلى المرفأ، لا يمكن تسلّمها وتخليصها دون تحويل البوالص للمورِّد في الخارج، وهذه تتحوّل عبر المصارف.
لكن حالياً، لم يتوقّف الإنتاج في المصانع، لكن إن احتاج أي مصنع إلى قطع غيار من الخارج، أو استيراد مواد أولية جديدة، فلن يستطيع والخسائر موجودة، ودون مواد أولية لا يمكن التصنيع، ولا يمكن إقفال المصنع لنفاد هذه المواد. هذا ما يورده بكداش، واصفاً ما يحدث بـ”المشكلة الكبيرة”. فبرأيه، إذا ما استمرّ الإقفال، فستلحق بالقطاع خسائر جمّة، ولا سيما خسارة الزبائن في الخارج. ويسأل: “لماذا لا يقوم المصرف بإنجاز المعاملات داخله باعتماد صيغة معيّنة، أقلّه للشركات؟”.
كذلك، وفيما الاقتصاد في لبنان قائم على الاستيراد، لا بدّ من معرفة انعكاس إقفال المصارف على استيراد السلع الغذائية. في هذا الإطار، يروي رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان، هاني البحصلي، لـ”النهار”: “انتظرنا 3 أيام على اعتبار أنّ المصارف ستفتح يوم الخميس، لكنّها لم تفتح، وهنا قد يبدأ ناقوس الخطر بالدق”. ويضيف: “نحن بانتظار هل ستفتح يوم الاثنين، فنحن أمام معضلة: من ناحية الحفاظ على سلامة موظفي المصارف والمودعين، ومن ناحية أخرى لا يمكن أن تبقى المصارف مقفَلة إلى أجل غير مسمّى، فهذا سيخلّف تداعيات سلبية”. فللتجار التزامات تجاه المورّدين في الخارج، وأساساً سمعة لبنان لناحية الاقتصاد “سيّئة”، والتأخير عن تسديد المستحقّات لا يساعد التجار في تعاملاتهم مع الموردين”.
من جهته، يفيد مصدر مصرفي أنّ “إقفال المصارف يتعلّق بحماية الموظفين، وهم بالآلاف ولا علاقة لهم بكل ما يجري، والإقفال هو اعتراض سلمي على أعمال الشغب التي جرت في المصارف، بانتظار ضمانات لتأمين سلامة الموظفين لنعاود فتح الأبواب”.
ويؤكّد المصدر، أنّ “المصارف غير مسرورة بالإقفال ولا مصلحة لديها بذلك، لا بل على العكس، تتكبّد كلفة من هذا الإقفال عليها وعلى الزبائن وعلى الاقتصاد، والمصارف تريد أن تعاود فتح أبواب حتى قبل الشركات والأفراد”.
ويسأل المصدر: “كيف لنا أن نتحدّث عن خسائر اقتصادية من هذا الإقفال والناس نبذت القطاع المصرفي؟ وعلى الناس أن يقرّروا تعاملهم مع المصارف، فإن كان القطاع لا يخدم الاقتصاد، فما الفرق إذن إن أقفل المصرف أو فتح؟ وإن كان المصرف لا يزال ضرورة بالرغم من غياب السيولة الكافية، ألا يجب بذل الجهود لإيقافه على رجليه؟”.
لكن عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي، عدنان رمال، يكشف لـ”النهار” أنّ “كلّ الحسابات بالدولار الفريش لا تزال “شغالة” رغم إقفال المصارف، أي إنّ كل التحويلات المصرفية الفريش من لبنان وإليه سارية لدى عدد من المصارف الكبرى، كذلك كل حسابات الفريش المرتبطة بمنصّة صيرفة أيضاً”.
إلّا أنّ إقفال المصارف انعكس سلباً على السحوبات الدولارية بحسب التعميم 151، ما ينعكس على الاستهلاك والاقتصاد، إذ له تأثيرات على استهلاك المودعين أيضاً، ما يؤثر على الحركة الاقتصادية حتى إنّ تصرّفه بأموال اللولار مقيّد من جراء الإقفال. هذا ما يوضحه رمال، مضيفاً أنّه إذا استمرّ إقفال المصارف، يعني ذلك “زيادة في خسائر القطاع المصرفي والمالي، وتقلّص الاحتياطي في المركزي، وفقدان الثقة نهائياً بالقطاع، وقد لا تقدر بعض المصارف على معاودة الفتح إذا ما أطالت وقت إقفالها أي إنّ المصارف قد تطلق الرصاصة الأخيرة على نفسها، والمودع سيخسر أمواله كلّياً حينها”.