تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " فادي غانم "
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
فلا يحق لك أيها اللبناني: أن تنوح شاكيا
هذا أبلغ ما يُعبّر عن واقع الحال، أستعيره من المتنبي اليوم لشدة ما ينطبق على شعب لبنان، الذي بات غارقاً في سبات عميق، وكأن الخدر حلَّ قوامه، وأرخى مفاصله، حتى بات عاجزاً مشلولا.
بالأمس مررت بمكان، يُقدّم غذاء مجانياً للمحتاجين في لبنان، وما رأيته يدمي القلب، على وطن النجوم والخير الذي عرفناه.
رجال ونساء جاؤوا طلباً لوجبة صغيرة، يسدّون بها رمق جوعهم، فبعضهم لم يذق طعاماً منذ يوم أو يومين، ورغم ذلك فهو لم يأكل ما تم تقديمه له، بل وضعه في كيس صغير، ليأخذه إلى عائلته، التي لا تملك أي شيء يؤكل، سوى بعض فُتات الخبز اليابس والماء.
هذا حال عائلات عديدة من لبنان، وطن الخير الذي اعتاد أهله الكرم والضيافة، ولا يعرف البخل إلى بيوتهم سبيلاً، وحتى في أصعب أيام الحرب، لم نشهد هذا الذل والعوز في بيوت لبنان.
لقد تغيّر كل شيء، فبعض اللبنانيين يتباهى، بل يتبجح، بما لديه من مال، فتمتلئ قاعات المطاعم والملاهي والمنتجعات بهم، وهم يبذّرون المال يميناً وشمالاً، فيما تقبع في مكان آخر آلاف العائلات دون رغيف خبز .
مسؤولون تقتلهم التخمة، ويبدو أنهم سعداء بالطرقات الفارغة من عامة الشعب، فلقد أصبحت السيارات كما المطاعم، للأغنياء فقط، وكذلك الطبابة، والتعليم، والعيش الكريم، هي لطبقة الأغنياء فقط، أما الفقراء فهم لزوم احتفالات تنصيب الوزراء، وفوز النواب، وتوريث الزعامة، وكورال يصدح بشعارات "بالدم بالروح نفديك يا زعيم".
غريب هذا اللبنان!!!
رئاسة معطّلة، وحكومة تصريف أعمال مشلولة، ومجلس نيابي "جعجعة بلا طحين" ، ومصارف مغلقة أقفلت أبوابها بعد أن نهبت ودائع الناس،، وقضاء معتكف، وموظفون مضربون عن العمل، ومستشفيات يموت فيها المرضى لعدم توافر المال أو طبيب أو دواء، ومدارس رسمية مقفلة، وآلاف الطلاب تركوا المدرسة لأنهم لا يملكون ثمن الكتب أو تكلفة النقل. ورغم كل هذا ما زال الشعب في سبات عميق، والمسؤولون يحاضرون في العفة، وكل يُقدّم مطالعة كالمعلّقات السبع، يريد أن ينتصر بها على الآخرين، دون أن يسأل أحد منهم عن هذا الشعب الجائع، الذي يعاني أبشع أنواع الذل والعوز والإهانة.
الآن وليس غداً!!!
نعم الآن إمّا أن ينهض شعب لبنان من سباته، ويقلب الطاولة على جميع هؤلاء المسؤولين المنافقين الفاسدين، الذين دمروا الوطن، وإمّا لا يحق لنا بعد اليوم سوى البكاء والنحيب.
اليوم وليس غداً!!!
إمّا أن نرى مسؤولاً صادقاً يعمل لإنقاذ لبنان، وإلا فاليرحل هؤلاء قبل أن يأتي الطوفان، ويجرفهم إلى قاع مظلم لا رحمة فيه. فلا قيمة لوعودكم، ولا لخطاباتكم، ولا لمنابركم، ولا لربطات العنق الفاخرة التي ترتدونها في إطلالاتكم التلفزيونية المملة، ولا قيمة لكم ما دامت ضمائركم مفقودة، وشعبكم جائع، وبلدكم منهوب، وانتم قادة، تستعطفون دول العالم، وتمتهنون الشحاذة والاستعطاء.
كفى تبجحاً، وكفى كلاماً ومناظرات وسجالات، فكلكم مسؤول، وكلكم شريك في دمار لبنان، أوقفوا الآن حفلات الزجل هذه، وابحثوا عن حل، فهذا الشعب لم يعد يحتمل، ولن تُشبع خطاباتكم الرنانة، بطوناً تتضور جوعاً.
يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.