تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
إن عدداً من النواب الجُدُد، أطلقوا على أنفسهم أسم "نواب التغيير"، ولا نعلم هل هذا خطأ وقصور في معرفة اللغة العربية، أم أنها تسمية مقصودة، (ونحن طبعاً نجهل من هو السيد تغيير الذي ينوبون عنه)، بدل أن يكونوا «نواباً عن الشعب الثائر، وسعاة إلى التغيير للأفضل».
قام "نواب التغيير" (كما يُحبّون أن يسمّوا أنفسهم) بجولة على بعض المراجع والقيادات السياسية، التي كانوا يتهمونها بالفساد، تحت شعار "كلن يعني كلن" . جلسوا، تناقشوا، صرّحوا مداورتنا أمام الكاميرات وعلى الإعلام.
في المحصلة لا نتائج ملموسة، وهم يعلمون أنهم لم يحققوا شيئاً، سوى ما يعتقدون أنه مكسباً بإطلالة إعلامية، باتت روتينية وغير مقنّعة لجمهور الثورة، الذي اعتقد بأنهم نُخب سياسية، يُمكن أن يأمل منها الشعب، تحقيق التغيير والإصلاح المنشود.
يبدو "نواب التغيير" كمن يبحث عن دور أو مكان، فبعضهم يطمح لرئاسة الحكومة في المستقبل، والبعض الآخر إلى وزارة، وآخرون يريدون تثبيت موقعهم النيابي. ولهذه الأسباب بدأوا التواصل، ومد الجسور، (بعضهم في العلن وبعضهم الآخر في الخفاء)، مع الزعامات والقوى والأحزاب اللبنانية، التي كانوا يهاجمونها بالأمس القريب، وجالوا عليهم اليوم بحجة انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد المحدد، ولبننة هذا الاستحقاق.
إذا كان "نواب التغيير" يجهلون كيف يتم انتخاب رئيس جمهورية في لبنان، فهذا يعني أنهم هواة في السياسة، أما اذا كانوا يعلمون وقاموا بهذه الجولة الاستعراضية، فهذا يعني أنهم بدأوا السير على خُطى وطريق من سبقهم من النواب والمسؤولين، في محاولة خداع الناس.
هي "حركة بلا بركة". فإذا كانوا جادّين فعلاً بالدفع إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد، فالينزلوا إلى المجلس النيابي، وليعتصموا هناك، حتى تطبيق الدستور بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفق الطُرق الديمقراطية المنصوص عليها في مواد الدستور، فهذا هو الحل الوحيد الآن، وليس إضاعة الوقت في مشاورات واجتماعات لا طائل منها، وعندها سيجدون أن جماهير الثورة، والشعب اللبناني، سيكون معهم وإلى جانبهم.
لكن هذا الشعب الذي بدأوا يخرجون عن طموحاته ورغباته، لن يرافقهم في مواكبهم الفاخرة وجولاتهم الاستعراضية، على بعض المسؤولين الذين عاثوا في البلاد فساداً، وتسبّبوا بهذا الكم من المآسي للمواطنين.
الشعب غاضب وخيبة الأمل مضاعفة، فهي خيبة أمل من سلوك من بيدهم القرار فعلاً، وما زالوا يقودون البلاد بسرعة إلى الفراغ في السلطة، ومزيد من التدهور والإنحدار، وخيبة أمل من نواب اعتقد أنهم يحملون فكراً تغييرياً، ليكتشف أن غالبيتهم هواة شاشات وفايسبوك ودعاية، ولا خبرة لديهم في القيادة، وكيفية إحداث تغيير حقيقي في البلاد.
الفعل أصدق إنباءً من الكُتبِ والخطابات، فمن خرج من الساحات عليه أن يعود إليها، والتغيير الحقيقي يحتاج قادة يلتصقون بالشعب، ويُنفذون إرادته، ويعيشون عيشته، فيشعرون بألمه، ويشاركونه همومه وتطلعاته، لا نواباً أبهرتهم أرقام سياراتهم وهواتفهم الجديدة، وحفلات السهر والطعام الفاخر، فيما الشعب جائع ولا يذوي على حبة دواء.
استفيقوا قبل فوات الآوان.