تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أدلى الوزير السابق منصور بطيش بالآتي، تعليقاً على مشروع قانون الكابيتال كونترول المطروح للنقاش في المجلس النيابي:
"أنا في المُطلَق مَع الكابيتال كونترول في ظِلّ الانهيار الاقتِصادي والمالي والنَقدي الحاصِل بلبنان. وكان يَجب إقراره بعدَ أقَلّ من ٣ أيام ولَيسَ بعد ٣ سَنَوات. وأسباب التأخير لَيسَت خافيَة على أحَد.
في هذا المَشروع، أرى أنّنا لا نزال نراوح في مكاننا، لا بَلْ هُناك تَراجُع عَن طُروحات سابِقة. فعلى سبيل المثال:
١- في المُلاحظات الشَكليّة، المادّة الاولى: لماذا يريدون حَذف الأهداف المُتَوخّاة من القانون التي كانت مَلحوظة في المَشروع السابِق، مِثل مَنع تهريب رؤوس الأموال، حِماية المُودعين، لَجم تدَهور سِعر الصَرف، المُحافَظة على أُصول القِطاع المَصرِفي؟!
ألا يخفي ذلك سوء نيّة؟
٢- في مَوضوع تَشكيل لَجنة خاصّة، هذا المُقتَرح يَلحَظ أنْ تكون مؤلَّفة مِن أعضاء المَجلِس المَركزي لمَصرِف لبنان زائداً ٢ (الحاكميّة ٥ + ٢ مُديريَن عامَّين + ٢ = ٩ أعضاء). بذلك، تصبح حاكميّة مَصرِف لبنان قادرة على أن تتحَكَّم، مِن خِلال النِصف زائِدا واحدا، بكلّ القرارات، يعني الحاكم وفريقه. وبذلك يتمّ تكريس صلاحيّات إضافيّة للحاكِم خِلافاً لما يُطالِب بِه صَراحَةً صُندوق النَقد الدَولي بتَقزيم دَور حاكِم مَصرِف لبنان.
وللتَذكير فقط، المَشروع السابق كان يلحَظ أن يترأس وزير الماليّة هذه اللجنة.
٣- في المادّة الخامِسة، عمليّات القَطع الأجنَبي:
ما هيَ شَرعيّة مِنَصّة صَيرَفة؟
ويَلحَظ المَشروع: "في ما عَدا عمليّات الحُكومة، عمليّات مَصرِف لبنان، تَحويلات إلى الخارج للطلاب أو بغَرَض الاستشفاء".
ما هيَ الأليّات التَنفيذيّة ؟ كيف سيمنَعون الناس من أن يصرّفوا من الليرة الى الدولار؟ ماذا عن الطلَب الداخلي على الدولار للجامِعات والمَدارس وللاستِشفاء والطَبابة ولبَوالص التأمين وغيرها؟
مِن أَين سيأتي الناس بدولارات؟
هذا تكريس لتفاقم السوق السَوداء، ولتفلُّت سِعر صَرف الدولار.
٤- الهدف المنشود من قانون الكابيتال كونترول ضَبط حَرَكة تَحويل عُملات أجنبيّة إلى الخارِج لإبقائها في البَلَد كضَمانة لاستِمراريّة الدَورَة الاقتِصاديّة، ومِن جِهة ثانية مُكَمِّلة للأولى، ليضمُن صُندوق النَقد الدَولي استِعادة قيمة القُروض التي يريد أن يمنَحها مباشَرة أو يساعِد في تأمِينها للبَلَد مِن غَير مَصادِر تَمويل. هذا يعني أن صُندوق النَقد الدَولي يتَطَلّع إلى تخفيفَ العَجز في ميزان المَدفوعات كَي لا أقول إلى إلغائِه أيّ تَصفيره.
فهَلْ مَشروع القانون هذا يضبُط تحويل الأموال إلى الخارِج التي ستَنجُم عن الفارِق بين قيمة إستيراد السِلَع وقيمة الصادِرات؟
بالتأكيد لا.
وأينَ الضَمانة لِعدَم التَلاعُب:
مِن جِهة بفَوتَرة الاستيراد بتحديد أسعار أعلى مِن الأسعار الحَقيقيّة overpricing , over invoicing،
ومِن جِهة مُقابِلة، بفَوتَرَة الصادِرات بسِعر أقَلّ مِن السِعر الحَقيقي underpricing, under invoicing؟
بالتأكيد، سوف تَزداد مخاطِر الفَساد مِن دون حَسيب ولا رَقيب risk of more corruption خُصوصاً في ظِلّ عَدَم وضوح النُصوص.
أيضاً، واستِناداً على ما ذكَرت في هذه النقطة، سَوف تَتَفاقَم مخاطِر زيادة سِعر القَطع وبالتالي الإمعان بإفقار الناس.
٥- لَقَد طالَب صُندوق النَقد الدَولي بقانون كابيتال كونترول، إنَّما لَيسَ على حِدَة بَلْ مِن ضِمن سَلَّة مُتَكامِلة من الإصلاحات التشريعيّة.
فأينَ هذه الإصلاحات المَطلوبة، وأينَ الضَمانة بأنّه سَوف يُصار إلى إقرارها قريباً؟
٦- كَيفَ يُمكن أن نطَمئِن الناس بأنَّهم سوف يستَعيدون الجُزء الأكبر من ودائِعِهم وإنْ تدريجيّاً مع الوَقت في غُضون سنَوات مَعدودة؟
لقَد خسِر لبنان في خِلال ٣ سَنوات منذ ١٧ تشرين الأوَّل 2019، ما يزيد عَن ٢٥ مليار دولار، قُرابة نصفِهِم لاستيراد السِلَع والنِصف الآخر تَحويلات إلى الخارِج لِودائع غَير مُقيمين ولِودائِع إئتمانيّة تَعود للبنانيّين أخفوا اسماءَهم بهذا النَوع مِن الحِسابات.
إنّ أسماء مُعظَم مَن حَوَّلوا هذه الـ ١٣ مليار دولار وحَرموها على الشَعب اللبناني، معروفة، في ظِلّ ممارسة كابيتال كونترول بشكل غَير قانوني واستِنسابي.
إذن، كيف نُطَمئن الناس باستِعادة بعض من مُدَّخَراتِهم؟ هَلْ مَثلاً بالغاء الألف دولار شَهريّاً كَحَدّ أدنى؟!
لكلِّ ما سَلَف، إن مَشروع قانون الكابيتال الكونترول لا يُطَمئِن إلّا فقَط مَن يُريدون التَهرُّب مِن المُساءَلة والمُحاسَبة.
يجِب إقرار قانون الكابيتال كونترول مِن دون تأخير، إنَّما بالتَوازي مع الإجراءات التالية:
أ- تَحرير سِعر الصَرف وتوحيده، وبالتالي العَمل على إيقاف السوق السوداء ومَهزَلة الأسعار المُتَعَدِّدة التي يعتَمِدُها مَصرِف لبنان، مِن الـ ١٥٠٠ ليرة للدولار التي تُنشَر على أساسِها ميزانيَّته وميزانيّات المَصارِف، إلى ٨٠٠٠ إلى ١٢٠٠٠ إلى الدولار الجُمركي إلى سِعر صَيرَفة… وهذه جريمة ماليّة موصوفة إذْ ذَوّبوا منذ تشرين ٢٠١٩ ولا زالوا يذَوِّبون شهريّاً مدَّخرات اللبنانيّين.
ب-إقرار خُطّة للتَعافي الاقتِصادي والمالي والنَقدي، وذلكَ بمَوجب قانون، على أنْ تكون شامِلة مُتكامِلة يُتَّكَئ عليها لاستِنهاض الاقتِصاد ووضعِه على خارِطة النُمُوّ الحَقيقي المُستَدام.
ج-وَضع موازَنة للدولة تُطلِق النُمُوّ في الاقتِصاد الوَطني.
د-إقرار قانون إعادة هَيكَلَة القِطاع المالي أي مَصرِف لبنان والهَيئات التابِعة له، والمَصارف، ويُستَحسَن إضافة شَرِكات التأمين في خُطَّة التَعافي.
يا للأسَف، يَبدو لي بأنَّ هذه التَدابير والاجراءات الاصلاحيّة لا تَزال بَعيدة المَنال.