تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب المحامي كميل طانيوس يقول:
لم تشهد يوماً انتخابات في لبنان هذا الكم الهائل من المخالفات الانتخابية والتجاوزات والإنتهاكات الصارخة لقانون الانتخاب، في ظل غياب مريع لهيئة الاشراف على الانتخابات عن المشهد الانتخابي،
فهذه محطة تلفزيونية كرّست شاشتها لفريق واحد من دون مراعاة الحد الادنى لمبدأ المساوة وتكافؤ الفرص بين المرشحين الذي يوجبه القانون،
وهذا فريق يستخدم الاملاك والمؤسسات والمرافق العامة للترويج لحملته الانتخابية، فيسخّر آليات البلديات لتعليق ملصقات الترويج لمشروعه الانتخابي وصور مرشحيه الميامين على اعمدة الانارة والجادات والطرق العامة،
وهذا حزب يمارس اقصى درجات التهديد والتهويل على مرشحين لحملهم على الانسحاب من لوائح منافسة بعد انتهاء مهل اعلان اللوائح وانسحاب المرشحين، حيث لا ينفع الانسحاب،
ويترصد مهرجاناً انتخابياً للائحة منافسة في منطقة يحسبها له، فيوجه اليها رعاعه لفض اجتماعها بقوة السلاح المتمتع بالغطاء الحزبي،
ويطوق لقاءاً انتخابياً لرئيس لائحة ابى الانضواء والانصياع والتسليم وشاء الاعتراض ورفع الصوت، فيستقبله بزخات من الرصاص المتطاير ويمطره بالقذائف الصاروخية كي لا يتجرأ على لقاء مؤيديه ولا يتجرأ هؤلاء على انتخابه،
ويحرض جماهيره ودعاته المجاهدين على التطاول على معتقدات وحريات ونمط عيش الآخرين، ويحاول فرض فكره الأحادي الغارق في الجهل والدين، مهدداً بذلك هوية البلد التعددية والحضارية والثقافية،
وهاك مرشح مستقوٍ بقوة السلطة ومركز القرار، فيسخّر أجهزة الدولة والقوى الامنية لحملته الانتخابية، ويصطحب لمواكبته جيشاً جراراً من القوى العسكرية وآلياتها المعدة للذوذ عن الشعب والدفاع عن الوطن ويُستخدم لها اطنانا من الوقود حينما عزت مادة المازوت لمولد مستشفى او جهاز اوكسجين لمريض على شفير الموت،
وهذا مسؤول يسخّر موقعه الوطني للتدخل في تركيب اللوائح ، فيستغل مقره الرسمي لاستقبال هذا المرشح واسترضاء ذاك واستبعاد ذلك، وحض فلان على الترشح وحمل آخر على العزوف، ويصرف نفوذه لصالح فريق بمواجهة الأفرقاء الآخرين،
ناهيك عن تخطي بعض اللوائح الانتخابية والمرشحين لكل سقوف الصرف الانتخابية بما لا يجيزه حق او عدل او قانون،
وهذا غيض من فيض التجاوزات والانتهاكات الصارخة لقانون الانتخاب وحق المساواة وتكافؤ الفرص المقرر للمرشحين،
فيما تقف هيئة الاشراف على الإنتخابات متفرجة على هذا المشهد المروع، من دون ان تقوم بأي فعل او تأتي بأي حراك او تنبس ببنت شفة او تصدر حتى حفظاً لماء الوجه، بيانا توجيهيا او تحذيريا على الاقل لما يمكن ان يترتب على هذه الافعال من نتائج او ينتج من طعون،
ويقابل هذه الاستقالة لهذه الهيئة من دورها الاساسي الناظم للعملية الانتخابية، ما نشهده بالمقابل من عزوف لدى اللوائح والمرشحين عن مراجعة هذه الهيئة والتوجه اليها من اجل تقديم الشكاوى وتسجيل الإعتراضات وتكوين الاسباب المبررة لتقديم الطعون الانتخابية،
فيما يشبه التسليم بعدم وجودها او بانعدام جدوى الاحتكام اليها وعدم فعاليتها،
وهو ما يدل، مع كل من نشهده من شذوذٍ في ممارسة السلطة وتغييب الدولة والهيمنة على مؤسساتها وقرارها والسطوة على مقدراتها وجعلها تحت نير الوصاية الغريبة المتسترة بادوات محلية، على انحلال الدولة وغياب حكم القانون،
ويدعونا جميعاً كمواطنين وناخبين، ان نعي حجم الخطر الداهم الذي يحيط بالشعب والكيان، ويحدق بالهوية والوطن ويهدده في جوهره وعلة وجوده، ويحوله كما في زمن الحرب المشؤومة الى مطية لمصالح الأخرين وورقة سياسية سائبة في يد الوصاية القديمة الجديدة ومهب السياسات الدولية والبازارات الاقليمية،
ويستدعي منا جميعاً كما في ربيع العام ٢٠٠٥، ان نقف صفاَ واحدا للانتفاض على الواقع المرير والذوذ عن الكيان والمصير ، والانقضاض على من اوصل البلاد والعباد الى هذه الحال من أجل إصلاح الأحوال، ومواجهة حالة الهيمنة والتبعية ووضع اليد على الوطن وقراره ومقدراته دون هوادة،
والكف عن ممارسة فعل الإنتحاب والإقبال على صناديق الإنتخاب، من اجل الإقتراع للبنان الحقيقي الحيادي الحر السيد المستقل الرافض لمحاولات الإخضاع والإستتباع،
الضامن لحقوق جميع ابنائه ومكوناته ونسيجه المتنوع، والحافظ لحرياتهم، والمدافع عن القضايا المحقة وحقوق الانسان في كل مكان وزمان، والمحافظ على هويته الحقيقية كوطن التعددية والرسالة والانسان وملتقى الديانات والحضارات ودوره وموقعه كهمزة وصل بين الشرق والغرب.