تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي " ==خاص==
لقد سجّلت الديبلوماسيّة الفرنسيّة خرقًا لافتًا في الملفّ اللبناني الشائك حتّى الموت. فتمّ ترطيب العلاقات اللبنانيّة – السعوديّة على أثر الضغط الذي مورِسَ على إيران لتنفيذ استقالة الوزير قرداحي. لكنّ هذه الاستقالة " ما رح تشيل الزير من البير" لأنّ المسألة مع السعوديّة ودول الخليج لا ترتبط بنهج اعتمده شخص ما بل بنهج دولة بالكامل بات معتمَدًا من قبل الدولة اللبنانيّ’ المسيطَر عليها من قبل منظّمة حزب الله. كيف ستترجم عمليّة هذه الخطوة؟ وهل سيستطيع الرئيس الفرنسي الاستفادة من التعثّر الفينّويّ لتحقيق المزيد من النقاط الديبلوماسيّة في الملفّ اللبناني؟
عمليًّا، يبدو أنّ الترجمة بدأت فعلاً بتحديد موعد الجلسة النيابيّة التي ستقرّ قانون الكابيتال كونترول على وقع اعتراضات سياديّة لهذا القانون الذي سيعطي المصارف المزيد من القدرة للتحكّم بما تبقّى، وسيقوّي قدرة مصرف لبنان على الإمساك بالكتلة النقديّة التي ما زالت صامدة في المصارف اللبنانيّة نتيجة لتعاميم حاكمه المركزي ولسياسته النقديّة التوجيهيّة التي وضعت ودائع اللبنانيّين جميعهم في الأسر المركزي.
وسيلي ذلك انعقاد لمجلس الوزراء الذي سيترجم هذا القانون تنفيذيًّا، مع ترقّب حذر لما قد يصدر من قرارات عن المجلس الدّستوري بالنسبة إلى الطعن الذي تقدّم من قبل التيار في قانون الانتخابات. ولعلّ هذا المسار إن سلك مجاريه آمنًا سيزيد من التأزّم في الوضعيّة اللبنانيّة لأنّه سيكون قد أبطل حكمًا نتائج أيّ انتخابات مرتقبة؛ وهذا ما سيدفع بحزب الله إلى الإقدام على تقديم هديّة حسن نيّة للديبلوماسيّة الفرنسيّة بتسهيل إجراء الانتخابات النيابيّة لأنّه سيكون عمليًّا قد ضمن سيطرة ما في مكان ما على نتائجها.
ذلك كلّه، والرئيس الفرنسي في حالة سباق مع المفاوضات الدائرة في فيينّا علّه يستطيع تسجيل نقاط ديبلوماسيّة إضافيّة قد تفتح له أبواب الإليزه مجدّدًا. ولعلّ الرئيس ماكرون يحاول الاستفادة أيضًا من الضغوطات الدّوليّة على إيران لرفع رصيد أوروبّا الدّولي لا سيّما وأنّ المعارك القادمة ستكون اقتصاديّة على وقع تنفيذ تلزيمات استخراج الغاز الطبيعي من منطقة شرقي المتوسّط.
وهذه المسألة بالذات ستعيد الولايات المتّحدة الأميركيّة بقوّة إلى الساحة اللبنانيّة لأنّها على ما يبدو لن تتخلّى عن بلد تبني فيه سفارة على مستوى أكبر قاعدة عسكريّة في المنطقة. ولا يبدو أيضًا أنّ المرحلة القادمة ستشهد أيّ حرب في هذه المنطقة، بغضّ النّظر عن إمكانيّة افتعال بعض المساعي الفوضويّة التي تعشقها وتبرع بها الأذرع الإيرانيّة في المنقة لا سيم/ا حزب الله اللبناني. وهذا ما سيتمّ تطويقه من قبل الجيش اللبناني الذي بات في مكان مغاير بالكامل عن المكان الذي كان فيه قبل العام . ويجب عدم إغفال مسألة تحرّر المؤسّسة العسكريّة من إلزاميّة إجراء دورات الأركان لضبّاطها وعناصرها في سوريا بعد العام . ومنذ ذلك التاريخ وحتّى اليوم تضطلع الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا بإجراء هذه الدّورات من خلال التعاون الاستراتيجي مع الجيش اللبناني، وهذا ما جعله جيشًا وطنيًّا ومؤسّسة منتظمة العمل بعيدًا من السيطرة الأمنيّة، إن بقيت في بعض الأماكن ولو بشكل خجول.
من هذا المنطلق، لن تشهد هذه المرحلة أكثر من حالة تهدئة عامّة بغية السماح للحكومة اللبنانيّة بالقيام ببعض الاصلاحات التي لا يبدو أنّها ستكون جذريّة بل ما قد نشهده من تقدّم وحلحلة في ملفّ الكهرباء إنّما سيأتي من ضمن باقة رفع المنسوب الحيوي للبنانيّين بانتظار تسجيل المزيد من الخروقات الإقليميّة. وما التلويح دائمًا بالخيارا العسكري مع إيران سوى لمزيد من الضغط على الجمهوريّة الاسلاميّة لإخضاعها.
كذلك لا يمكن إغفال ما حدث في منشأة نطنز النوويّة ولم تُعرَف حقيقته بعد، ولا يبدو أنّها ستعرَف. لكنّ ذلك يندرج في السياق التدميري البطيء للنهج الذي تقوده إيران على مسارين:
- المسار الدّاخلي للتوصّل ربّما إلى قلب للنظام الإيراني من الدّاخل؛ ولعلّ هذا أقصى ما يتمنّاه ويعمل له المجتمع الدّولي لأنّه سيكون أقلّ كلفة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
- المسار الخارجي وهو معقّد ومتشعّب كثيرًا يمتدّ من بيروت إلى صنعاء وما بينهما. ولعلّ هذا المسار آخذ في الإنحدار السريع أكثر من المسار الدّاخي. وهذا ما قد يريح المجتمع الدولي أكثر في معركته مع إيران.
أمام هذه الوقائع المحلّيّة والإقليميّة والدّوليّة لا يبدو أنّ الفترة الممتدّة حتّى الوصول إلى الانتخابات النيابيّة في لبنان ستشهد تأزّمات أمنيّة كبيرة إلا إذا حدث ما هو غير متوقّع في إيران، لا سيّما في المسار الدّاخلي الذي أشرنا إليه آنفًا. لذلك، على اللبنانيّين الاستفادة بزرع المزيد من التحصينات السياديّة في المجتمع اللبناني ككلّ؛ استعدادًا للمرحلة القادمة التي باعتقادنا ستكون أكثر سهولة سياديًّا وأكثر صعوبة اقتصاديًّا. وبين ما يُطبَخُ للإقليم ككلّ والتسجيلات الدوليّة التي تسعى دول القرار إلى تسجيلها بعضها على بعض، إلى متى سيبقى الشعب اللبناني مخدَّرًا وخاضعًا؟
يُرجى الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي شيء من مضمون الخبر وضرورة ذكر اسم موقع «الثائر» الالكتروني وإرفاقه برابط الخبر تحت طائلة الملاحقة القانونية.