تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
نجح رئيس الجمهورية ميشال عون في إثارة الالتباس حول حقيقة موقفه من سيناريو بقائه في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته. في المرّة الأولى، قال: “أخشى أن ثمة مَن يريد الفراغ. أنا لن أسلّم إلى الفراغ”، ولو أنّه استبق التعبير عن خشيته، بالإشارة إلى أنه “إذا وصلنا إلى نهاية الولاية سأترك قصر بعبدا حتماً لرئيس يخلفني”. في المرة الثانية، اعتبر أنّ قوله “لن اسلّم الفراغ” استثمر بشكل خاطئ في اطار الحملات المركزة والمبرمجة للاساءة، وأنّ ما قصده كان من باب التأكيد على عدم حصول فراغ بعد انتهاء الولاية الرئاسية، مؤكداً أنّ التمديد غير وارد.
وفي المرة الثالثة، أعلن انّه سيعارض التمديد، وانه “في حال تم التمديد للمجلس النيابي يعود اليه تقرير ما اذا كان الرئيس سيبقى في قصر بعبدا أم لا، فالدستور يسمح بالتمديد وهو ما حصل مع رئيسين سابقين، إلّا أنّه استطرد قائلاً: “استبعد هذه الفرضية، وسأغادر عند انتهاء ولايتي، الا اذا كان لمجلس النواب كلام آخر، وهذا الأمر ممكن ولكنه غير مرغوب فيه وغير مخطط له”.
وهذا ما بيّن وكأنّ رئيس الجمهورية يستعين بالمفردات والتوليفات اللغوية المتناقضة كي يغلّف موقفه من التمديد بالغموض. فلا يقول إنّه يريده، ولا يعلن رفضه المطلق له. يتركه ورقة في جيبه إلى حين نضوج ظروف الاستحقاق الرئاسي، ليضعه وقتذاك على الطاولة.
وبحسب "نداء الوطن" لا أحد قادراً منذ اليوم على التكهن بطبيعة السيناريو الذي سيحكم المرحلة المقبلة. ثمة العديد من الاحتمالات الممكنة نظراً لتزامن استحقاقين أساسيين، من شأن حسم أي منهما، سلباً أو ايجاباً أن يأخذ الأمور باتجاه منحى مختلف. والبداية ستكون طبعاً من خلال تحديد مصير الانتخابات النيابية.
اذ أنّ اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، سواء في آذار أو في أيار، يعني أنّ الحكومة ستتحوّل بطبيعة الحال إلى حكومة تصريف أعمال. وسيكون الاتفاق على حكومة بديلة، مسألة معقّدة جداً لكونها حكومة الشغور الرئاسي بصلاحيات استثنائية.
أما في حال التمديد لمجلس النواب وإرجاء موعد الانتخابات لما بعد الاستحقاق الرئاسي، فهذا يعني أنّ حكومة ميقاتي ستكون حكومة “رؤساء الجمهورية”، التي ستتولى مهام رئيس الجمهورية، وهذا ما أشار إليه عون حين قال إنّ “الدستور اللبناني لحظ امكانية حصول الفراغ لأي سبب كان ونص على أنّ مجلس الوزراء يمارس مجتمعاً صلاحيات الرئيس الى حين انتخاب رئيس جديد من قبل مجلس النواب”.
ما يعني أنّ سيناريو الفراغ الذي أتى عون على ذكره، من باب إشارته إلى عدم تسليمه سدّة رئاسة الجمهورية، يعني بنظره إمّا أن تكون الحكومة التي ستخلفه هي حكومة تصريف أعمال، وإمّا عدم اجراء الانتخابات في موعدها، وعدم قدرة مجلس النواب على التمديد لنفسه، ما قد يطرح احتمال الفوضى الدستورية على المستويات كافة: الرئاسية، التشريعية والتنفيذية. والاحتمال الثاني لا يقلّ ترجيحاً عن الأول. وتتعاطى القوى السياسية، الموالية والمعارضة على قاعدة أنّ الانتخابات حاصلة، لكنّ هؤلاء جميعاً يعرفون جيداً أنّ احتمال التأجيل، المفتوح على مواعيد غير معروفة، هو الغالب على ما عداه من الاحتمالات، إلّا اذا نجح الضغط الدولي في فرض الاستحقاق ولم يتمكن اللاعبون المحليون، غير المتحمسين للوقوف أمام صناديق الاقتراع، وهؤلاء ليسوا بقلة، من مواجهة الرغبة الخارجية والتصدي لها.
وفق بعض المطلعين، فإنّ رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل هو أكثر المُتهمين بعدم الحماسة للخضوع لاختبار صناديق الاقتراع، ولكن التدقيق الفعلي في “الصناديق السوداء”، يبيّن أنّ “القوات” والمجموعات المعارضة، هي الأكثر استعداداً للانتخابات والأكثر رغبة في اجرائها. أمّا البقية، فيفضّلون بلا شك تأجيلها. حركة “أمل” ليست في أحسن أحوالها إن لجهة تحالفها مع “حزب الله” في ضوء صراع الإخوة على الأصوات التفضيلية الذي قد لا يرحم مرشحيها، إو لجهة تحالفها مع “التيار الوطني الحر” في المناطق المشتركة. الحزب التقدمي الاشتراكي يحتاج إلى تمويل غير متوفر. “تيار المستقبل” يعاني من تخبّط وضياع غير مسبوقين، وما النزلة إلى الشارع يوم الاثنين في مناطق نفوذه، إلّا عينة عن ضغط يريد ممارسته ولكن من دون أفق.
ولهذا يقول بعض المطلعين إنّ هناك تفاهماً ضمنياً بين بري والحريري وجنبلاط للسير بسيناريو تطيير الانتخابات وتأجيلها، كلّ لأسبابه واعتباراته، من دون أن يعني أنّهم سيكونون “أبطال” هذه المشهدية، ولكنهم سيكونون في مقدمة الداعمين لها. ولعل هذا ما يفسّر التوقيت الملتبس لتجدّد الاشتباك بين “أمل” وباسيل، فيما كان يفترض أن يكون العمل باتجاه ترميم الوضع الحكومي، لا شلّه أكثر… ليكون الترقّب على رصيف التطورات الاقليمية، هو سيّد الموقف.
مع عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الفاتيكان وعودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قطر، يُتوقع ان تتحرك مجددا المساعي والجهود لحل الازمة السياسية- القضائية التي تؤدي لتعطيل عمل الحكومة بعد فشل المساعي الاخيرة وطروحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحل والتي تمحورت حول احالة التحقيقات مع الوزراء والنواب ورؤساء الحكومات السابقين الى المجلس الاعلى لمحاكمة الوزراء والنواب مقابل استكمال المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تحقيقاته بالملف فيكون الكل ربح من خلال هذه التسوية، فلم تتم الاطاحة بالبيطار وهو ما يطالب به «الثنائي الشيعي» وبالمقابل تم سحب ورقة استدعاءات السياسيين من بين يديه.
وتقول مصادر سياسية مطلعة على النقاشات المستمرة في هذا الملف ل"الديار" ان «سقوط هذه الطروحات يعقد الازمة اكثر فأكثر ويظهر ان هناك طرفا يسعى لكسر الآخر من خلال رفضه ملاقاته في منتصف الطريق للتصدي للازمة التي تهدد بالاطاحة بكل شيء». وتضيف المصادر: «من يعول على كسر «الثنائي» وعودته الى جلسات مجلس الوزراء وفق المعطيات الحالية وتحت ضغط الشارع مخطىء تماما… فاما يُقدّم الجميع التنازلات ويتم وضع التحقيقات التي تُجمع القوى التي تشكل الحكومة بطريقة او بأخرى على ان هناك شوائب كثيرة تشوبها، على السكة الصحيحة، والا فسنبقى في هذه المراوحة القاتلة التي قد تستمر الى موعد الانتخابات النيابية المقبلة مع كل ما يعني ذلك من مخاطر محدقة بسعر الصرف وتحليق الاسعار ما ينعكس كله على الحياة اليومية للمواطن اللبناني الذي بات غير قادر على مواصلتها وفق الظروف الحالية».
وتنبه المصادر من ان محاولة احد الفرقاء السياسيين اقحام خلافاته الشخصية مع الرئيس بري في هذا الملف تهدد بمفاقمة الازمة، مشيرة الى انه «عليه ان يعي انه بذلك يطلق النار على رجليه باعتباره صاحب الاولوية بانجاح العام الاخير من العهد الحالي».
في إطار متصل، أشارت "اللواء" أن هناك جوجلة لأفكار تم التداول بها بين الرئيسين نبيه بري وميقاتي بمثابة إستكمال للقاء الرئاسي الثلاثي في عيدالاستقلال، ويمكن ان ينتج عنها حلحلة في مكان ما تخرق الجدار السميك القائم، مع عودة الرئيس عون من الدوحة لكن دائماَ ضمن مسار فصل السلطات التنفيذية والقضائية، ما يعني التعويل على مبادرة ما من القضاء في ملف القاضي بيطار، ومبادرة ما من وزير الاعلام جورج قرداحي تنزع فتيل الازمة مع السعودية ودول الخليج حتى لو لم تكن هناك ضمانات كافية بعودة العلاقات الى مسارها الطبيعي السابق لكنها ستكون بادرة حسن نية".
ووصفت مصادر سياسية بارزة محاولات ايجاد مخرج من أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء، بالمقفلة، بعدما تعثر تنفيذ الاتفاق الذي توافق عليه الرؤساء الثلاثة في بعبدا، يوم عيد الاستقلال، وتراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن تنفيذه في ما بعد.
وقالت المصادر ان الكرة بملعب عون اذا اراد تسريع حل الازمة، وبامكانه، المباشرة بتنفيذ الاتفاق المذكور، اما اذا كان المطلوب، ترك الامور على حالها، واجهاض كل محاولات الحلحلة وإيجاد المخارج المطلوبة للازمة، لغرض ما في نفس يعقوب، كما حصل باجهاض مسعى البطريرك الماروني بشارة الراعي وتفاهمه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل منذ مدة، فهذا يعني إطالة امد الازمة والاستمرار بالدوران بالحلقة المفرغة ذاتها، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية، وزيادة وتيرة الانهيار الحاصل بالبلاد.
وقللت المصادر من اهمية ما تروجه اوساط بعبدا عن نتائج واعدة لزيارة رئيس الجمهورية الى قطر، للمساعدة بحل أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء وقالت نقلا عن مصادر ديبلوماسية بالعاصمة القطرية، ان مفاعيل الزيارة، تنطلق من إطار الحرص على العلاقات الثنائية بين البلدين، وتأكيد أمير قطر على دعم ومساعدة لبنان في كل الظروف، في حين ان سبل حل الازمة داخلية لبنانية، وتكمن في الالتزام بالقوانين والدستور بملف تفجير مرفأ بيروت، وابعاد تدخلات التسييس والاستنسابية عنه، وعندها، تنزع كل الاعتراضات والشروط المطروحة لمعاودة جلسات مجلس الوزراء.
واعتبرت المصادر ان اعلان رئيس الجمهورية تمسكه بمبدأ الفصل بين السلطات وعدم التدخل في شؤون القضاء، امر جيد، ولكن بالمقابل، يجب أن يتبع ذلك، الالتزام بالدستور والقوانين، في ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب بانفجار مرفأ بيروت، مع التشديد على شمول الملاحقة، جميع المشتبه فيهم المتورطين، من دون استثناء، ايا كانوا، ونزع الغطاء السياسي عنهم، وليس تأمين تغطية للمقربين من العهد وتياره، كما حصل مؤخرا، مع احد رؤساء الاجهزه الأمنية المحظيين لدى التيار الوطني الحر.
وفي ضوء ذلك كلّه، بقي الرهان على ان تتمكن الاتصالات المفتوحة على التكثيف مع عودة عون، من أجل الذهاب إلى جلسة مجلس النواب الأسبوع المقبل، والتي سيدعو إليها الرئيس نبيه برّي على الرغم من عدم إنجاز التفاهم المطلوب لمعالجة مسألة تمنع الوزراء الشيعة عن المشاركة في جلسة لمجلس الوزراء، قبل بت وضع المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، والذي انضم إلى المطالبة بابعاده قاضي التحقيق العسكري الأوّل القاضي فادي صوان، حيث رفع أهالي ضحايا اشتباكات الطيونة - عين الرمانة - الشياح شعارات حول ذلك، خلال الاعتصام امام المحكمة العسكرية.
وعلى الصعيد النيابي، أعربت مصادر نيابية عن خشيتها من ان يؤدي الارتياب النيابي، الذي شغل الأوساط على اختلافها أمس من كلام الرئيس ميشال عون في قطر عن عدم ممانعته من التمديد لولاية أو نصف ولاية إذا وافق المجلس النيابي، مما يُفاقم حجم الخلافات السياسية الحالية والمستقبلية في البلاد، وينعكس سلباً على أي تفاهمات تسمح بجلسة منتجة في ما خص معالجة الشكوى الشيعية من أداء القاضي طارق بيطار.
واشارت أوساط مطلعة لـ«اللواء» إلى أن «الكربجة» الحاصلة في البلد بفعل شل العمل الحكومي لم تصل بعد الى خواتيمها لكن الأفق غير مسدود كليا مع العلم ان الاتصالات مقطوعة بين الأفرقاء المعنيين.
وقالت أن التخوف قائم من أن يستغرق التعطيل أكثر من شهر وتنبثق توصيات عن لجان تبقى من دون قرارات أو تدخل حيز التنفيذ، مشيرة إلى أن هناك البعض منها يستدعي مرسوما من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. ورأت أن المجال لم يقفل بعد لكن هل يعود الثنائي الشيعي عن مقاطعة مجلس الوزراء في حال دعا الرئيس ميقاتي إليه في خلال أيام إذا صحت التوقعات. وقالت أن الملفات الضاغطة تفرض نفسها لمعالجة الشلل الحكومي في اسرع وقت ممكن.
وعلمت «اللواء» ان زيارة عون الى قطر اثمرت تفاهما على دعم لبنان في مجالات النفط والكهرباء وإعمار مرفأ بيروت، كما ستقوم قطر بإستثمارات في لبنان على ان يتم تسهيل الاستثمارات ببعض التشريعات اللازمة او تعديل بعض القوانين وتطويرها. لكن لم تتحدد التفاصيل الكافية.
كما لم يتحدد موعد زيارة وزير الخارجية القطرية الى بيروت، لكن المصادر اكدت انه سيزور لبنان. وقطر ستبذل الجهد اللازم لمعالجة الازمة مع دول الخليج.
وكانت المخاوف تزايدت من إطالة تعطيل عمل مجلس الوزراء بسبب تمسك الاطراف المعنية بمواقفها، وبعد مواقف الرئيس ميشال عون حول التعاطي مع قضية القاضي طارق بيطار والانتخابات النيابية والرئاسية، ما دفع الى الاستعانة بالاصدقاء الخارجيين العرب والاجانب من دون ان تظهر نتائج حتى الان، لا سيما على صعيد الرهان على المسعى القطري الذي يُعوّل عليه رئيسا الجمهورية والحكومة، بإنتظار مسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى زيارة دول الخليج العربي. عدا تعهد البابا فرنسيس بإجراء الاتصالات اللازمة لمساعدة لبنان.