تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي " == خاص ==
"لا يحقّ لأيّ فريق أن يفرض إرادته على اللبنانيّين ويضرب علاقات لبنان مع العالم ويشلّ القضاء ويعطّل الحكومة". لقد اختصر غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته أمس الأحد الأزمة اللبنانيّة بالكامل. فكما لخّصها غبطته هي مثلّثة الأضلع:
- فريق يفرض على اللبنانيّين إرادته، وهو على مواجهة معهم كلّهم.
- هذا الفريق عينه يضرب علاقات لبنان مع العالم.
- وهذا الفريق أيضًا يشلّ القضاء ويعطّل الحكومة.
وهذه الإشكاليّة الكبيرة هي وراء كلّ ما يجري في لبنان. ولا يحاولنّ أحد البحث عن أيّ حلّ بعيدًا من حلّ هذه الأزمة بالذات. هذا الفريق قوامه ركنان أساسيّان: المنظومة والمنظّمة. هل من إمكانيّة ليتحرّر لبنان من هذه الإشكاليّة ذات الثلاثة أبعاد؟
هذه الإشكاليّة التي تعترض الحياة السياسيّة برمّتها شلّت الحكومة المفروض أن تكون الآداة التنفيذيّة لترجمة عمل هذا الدويتّو. لكن على ما يبدو أنّه لا يريد العمل بل جلّ ما يريده التعطيل بانتظار " قادم" ما من وراء الحدود وخلف البحار. أمام هذا الواقع لا يمكن لهذا الفريق تشكيل حكومة جديدة لا سيّما بعد مرور 11 شهرًا قضتها حكومة الرئيس حسان دياب في تصريف الأعمال. فلقد باتت الحكومة الميقاتيّة في القنّينة عينها، ولن تستطيع سوى دهن القليل من بلسم الآلام لأن لا بديل متاح سوى الفراغ. وأي فراغ قد يكون هدف هذا الدويتّو لأنّه بالفراغ ستتعطّل الانتخابات الموعودة. وأيّ استقالة لهذه الحكومة ستحقّق هذا الهدف فورًا.
الفارِض هو ح ز ب الله. والعلاقات التي ضُرِبَت ليست العلاقات العربيّة فقط بل لبنان اليوم داخل في عزلة أكبر طالما هذا الفريق مستمرّ بتعنّته؛ وعلى ما يبدو هو ماضٍ بما أقدم عليه، إن من حيث التصريحات وإن من حيث الأعمال التي قام بها. إضافة إلى ذلك القضاء والحكومة في حالة شلل مدقع. وهذه استراتيجيّة اعتمدها هذا الدويتّو منذ العام 2005 وحتّآ اليوم. فهو نجح بإرساء نهج الديمقراطيّة التعطيليّة.
لا يمكن بعد اليوم الدّخول في عمليّات تسوويّة. ويبدو هنا أنّ "أنتنات" المختارة قد رصدت هذه الحركة ووجّهت بوصلتها السياسيّة نحو المواجهة. فبتنا في هذه الحالة أمام اصطفاف جديد – قديم لم يكتمل بعد. يبدو أنّ هذا الإطار الجبهويّ الذي سيبصر النّور في القريب العاجل سيخوض المواجهة حتّى نهايتها، لأنّ المعركة هي معركة وجود، وليس أقلّ من ذلك. ومن المؤكّد أيضًا أنّ بكركي ستواكب وستبارك كلّ عمل يدعم تثبيت كيانيّة لبنان التي تعتبر نفسها من أكثر الأمناء عليها لأنّها كانت السبب بولادتها. وعلى ما يبدو أنّ بكركي لن تتخلّى عن هذا الحقّ الوجودي إطلاقًا. وذلك كلّه تحت شرط واحد هو استعادة الدّولة اللبنانيّة مع الحفاظ على الإستقلاليّة الفردانيّة لكلّ مَن سينضوي ضمن هذا الإطار.
وهذه المواجهة ستترجم في صناديق الإقتراع، حيث باتت واضحة من حيث أطرافها الذين قد يتوزّعون على ثلاثة مستويات:
1- الدويتّو الحاكم وقوامه المنظومة والمنظّمة.
2- الإطار الجبهويّ السيادي وكلّ مَن يعارض جهارة سياسة الدويتّو.
3- مستقلّون وأفرقاء من المجتمع المدني.
فالانتخابات صارت واقعًا حتميًّا. ولقد بات الدويتّو مدركًا بأنّ أيّ مسّ بالعمليّة الانتخابيّة تحت أيّ ذريعة كانت ستكون بمثابة رصاصة الرحمة الأخيرة التي قد يطلقها المجتمع الدّولي في رأسه. لذلك سنشهد في الأيّأم القليلة القادمة حركة انتخابيّة نشطة من جميع الاتّجاهات. وقد بدأنا نلمس أطرافها.
أمام هذه الوقائع، ما فتئ هذا الفريق بإرسال رسائل أمنيّة من الجرود إلى السواحل. ولا يعير الأزمة الديبلوماسيّة أيّ اعتبار ضاربًا عرض الحائط أيّ إمكانيّة لمساعدة لبنان اقتصاديًّا من قبل عمقه العربي الاستراتيجي. فلا علاج لأيّ شيء قبل رفع يد ح ز ب الله عن الدّولة اللبنانيّة. عندها فقط تحرّر التشكيلات القضائيّة، ويأخذ القضاء مجراه الطبيعيّ لأنّ العدليّة اللبنانيّة لا تخلو من القضاة النّزيهين. وهذا ما سيطمئن اللبنانيّين جميعهم إضافة إلى المجتمع الدّولي الذي يراقب بعين حذرة قضيّة التحقيقات في ملفّ انفجار المرفأ؛ ولن يستطيع الدويتّو التلاعب بالتحقيقات، مهما حاول التحايل على القضاء والقانون.
خلاصة القول، يجب أن نتذكر دائمًا، أنّ جزءًا كبيرًا من رسالتنا المقدسة في هذا المجتمع وقضيتنا، هو قيادة الغالبية التي تعيش في الظلام إلى نور الحرية. لذلك، يجب أن نمتنع عن مهاجمة أولئك الذين يعانون في الوقت الحاضر من أزمة وجوديّة لأنّهم يخوضون معركة ضخمة مع أنفسهم، بين مَن هم حقًّا، وما يميلون إلى أن يكونوا. علينا أن ندع هؤلاء ليجدوا أنفسهم وليحسموا أمرهم إنتخابيًّا.
مع التأكيد على أنّ الإطار الجبهويّ السياديّ حاسمٌ في خياره. فعلى هذين البعدين الإتّحاد لأنّهما في المواجهة نفسها. وكما يتمّ شحذ نصال السيوف الفولاذيّة بالفولاذ هكذا يجب أن يتمّ شحذ هؤلاء الأشخاص سياديًّا ومواجهاتيًّا بالسياديّين والذين قرّروا المواجهة. مع ضرورة التركيز على هذه المهمّة الوجوديّة ومتابعة النّضال خدمة للقضيّة اللبنانيّة؛ قضيّة الوجود اللبناني الحرّ التي من دونها لا يكون لبنان. وسيكون.