تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أحداث العنف التي وقعت في لبنان قبل أيام قليلة أعادت إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية التي وقعت عام 1975 ، وتفرض العديد من التساؤلات التي تصبّ جميعها في ضرورة العمل الجاد على إخراج هذا البلد العربي من نفق مظلم دُفع إليه دفعاً !
(1)
في مقدمة هذه التساؤلات من المسؤول عما يحدث في لبنان ؟
لماذا ينجرف لبنان نحو الهاوية سياسيا واقتصاديا ؟ لماذا لم يؤثر تشكيل حكومة نجيب ميقاتي في تحسّن الأوضاع ؟
لماذا هذا الصمت العربي تجاه ما يحدث في لبنان ؟
أين الدعم الدولي للبنان ؟
هذه التساؤلات وغيرها تحتاج مصارحة عند التصدي للإجابة عليها !
( 2 )
وبداية لابد أن نؤكد على أن تراكم المشكلات وانصراف الطبقة السياسية إلى مصالحها الخاصة وإهمال الشأن اللبناني أو بعبارة أكثر دقة، إغفال مصالح الشعب اللبناني قد أدى إلى السقوط في مستنقع الفساد السياسي والاقتصادي .
وأتصور أن انفجار مرفأ بيروت العام الماضي لم يكن سوى ناقوس خطر صرخت دقاته في وجه كل الأطراف! .
(3)
ودعونا نتفق على أن النظام الطائفي الذي أرساه الانتداب الفرنسي قبل إنهائه في عام 1943سبب مباشر لما يعيشه اللبنانيون، وقد أبى المستعمر الفرنسي أن يغادر لبنان قبل أن يترك آلية سياسية تمنع تحقيق الاستقرار للدولة اللبنانية المستقلة ! وعرفت أدبيات الشؤون اللبنانية هذه الآلية بما يُسمّى ( المحاصصة الطائفية ) .
ونقول لم تستطع الحكومات والإدارات المتعاقبة في لبنان حل المعضلة الطائفية، بل على العكس زاد تجذرها في البنية اللبنانية، وخلقت طبقة سياسية مستفيدة من التعددية الطائفية وتحول دون نجاح أي محاولة للخروج من تحت سيطرتها
(4)
بات واضحاً ان الديموقراطية اللبنانية والتعددية السياسية والانفتاح الداخلي والخارجي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي كلها لم تكن سوى مظاهر على السطح لتجميل الصورة، في حين ظلت حمم البركان تحت الرماد ! .
ولم يكن ضحية الأوضاع في لبنان غير المواطن اللبناني الذي دفع ثمن الأخطاء المتراكمة على مدى أكثر من سبعين عاما !
(5)
حتى وصلنا إلى حال اليوم الذي لا يحسده عليه أحد أو يتمناه :
- أزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة
- انهيار في سعر العملة المحلية
- أزمة مزمنه في الطاقة وميزانية دولة تكاد تصل لحد الإفلاس
- وجود أزمة ثقة بين الفرقاء السياسيين
- تدخل خارجي بشكل أو بآخر في الشؤون اللبنانية لصالح اطراف إقليمية مثل إيران واسرائيل .
لاشك ان هذا الحال هو نتاج أوضاع جعلت لبنان يقف على المحك .
(6)
مثلت هذه الأوضاع ضغوطا شديدة على حكومة نجيب ميقاتي وفي مقدمة هذه الضغوط الوضع الاقتصادي ومسار التحقيق المتعثر في حادث مرفأ بيروت .
ومثّل الواقع اللبناني أيضا إحراجا للحكومة حيث لم يمر على تشكيلها سوى فترة قصيرة حتى وقعت أحداث العنف الأخيرة، ما يتطلب وقفة جادة وصادقة لكل الأطراف في الداخل والخارج، ونقول لهم نقطة البداية أولا (إرفعوا أيديكم عن لبنان) بمعنى ألغوا مصالحكم في لبنان، ودعونا نفكر للاتفاق على كلمة سواء من أجل الشعب اللبناني .
(7)
نقول هذا قبل أن نتساءل لماذا لم تقابل دعوة ميقاتي الأشقاء العرب لمساعدة لبنان على النهوض من عثراته برد فعل إيجابي ؟
كنت أرجو أن يطلب الأمين العام لجامعة الدول العربية عقد اجتماعا طارئا لمجلس الجامعة لمناقشة سبل إنهاء معاناة الشعب اللبناني . وكنت أتمنى أن تُوجّه بعض مليارات النفط العربي لمساعدة لبنان، و نلاحظ أنه لم يتحرك على الأرض غير مصر التي أرسلت الغاز عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، والعراق الذي قدم كميات من النفط الخام للمساعدة في حل أزمة الكهرباء ، خطوتان من قبيل إنقاذ الموقف.
(8)
كما نرى أن لبنان يقع جيوسياسياً بين سندان المشكلة السورية ومطرقة إسرائيل .
سوريا تعاني صراعاً داخلياً تم تدويله وفقد السوريون قدرتهم على استقلالية اتخاذ القرار، وانتهك الغير أراضيهم ومن الطبيعي أن تتأثر الدولة الجارة لبنان بالوضع السوري .
يعتبر عدم استقرار لبنان عاملاً يصب في صالح إسرائيل التي تستفيد أيضاً من عدم الاستقرار في سوريا، ومثال على ذلك استغلال إسرائيل الأراضي والأجواء اللبنانية لضرب سوريا ! على أي حال تُلقى هذه الوضعية بظلالها القاتمة على الأوضاع في لبنان .
(9)
وبالطبع لا يمكن تجاهل دور حزب الله المدعوم من إيران في التأثير السلبي على حلحلة المشكلة اللبنانية .
ولاشك يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية تدعوه إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب اللبناني، ولا يمكن إغفال المسؤولية الأخلاقيه التي تتحملها فرنسا تحديدا، في ضرورة حشد الدعم الأوروبي للبنان
ابراهيم الصياد
كاتب و إعلامي مصري