تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي "
أن يكون للإنسان مثال يحتذي به في تصرّفاته وأعماله هي مسألة أصيلة تحفّز الشخص البشري على التشبّه بمثاله، وهذا ما ينعكس إيجابيًّا على المجتمعات، لا سيّما وأنّ المثال غالبًا ما يكون خيرًا وليس شرًّا. وهذا ما ينطبق على الكيانات أيضًا في السياسة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أن تأخذ مثالا في لبنان الدّول المتحضّرة والمتقدّمة في مجال حقوق الانسان وربّي هذه مسألة تجعلك كدولة في منافسة ذاتية لترتقي بالانسان في دولتك نحو أعلى المراتب.
لكن، تكمن المفارقة عندما تحتذي في لبنان بدولة مثل إيران، رئيس جمهوريّتها اليوم، كان المدّعي العام في " لجنة الموت" التي أصدرت تنفيذ حكم الاعدام بأكثر من ثلاثة آلاف ناشط سياسيّ في العام 1988. مع الأخذ بعين الاعتبار، أنّ اليوم الاحتجاجات في الأهواز وفي معظم المحافظات الايرانيّة مستمرّة لانقطاع المياه، وبرلمانيون يبرّرون قتل المتظاهرين مع استمرار "احتجاجات العطش" في إيران، كما سماها ناشطون، حيث ادّعى عدد من البرلمانيين الإيرانيين أن "عملاء ومعادين للثورة" قاموا بقتل المتظاهرين. واعترف "أوميد صبري بور"، المشرف على مديرية الفلاحية، أن "مصطفى نعيماوي" وهو أحد الناشطين، قُتل، لكنه اتّهم "مثيري الشغب" بقتله. إلا أنّ ناشطين أكّدوا أنّ الشاب توفي على يد القوات الأمنيّة أثناء محاولة فضّ الاحتجاجات، وهو ما أشعل غضبًا واسعًا في المنطقة. وذلك بناء على ما ورد في الصحف الخليجيّة اليوم الاثنين 19 تمّوز 2021.
وتجدر الاشارة إلى أنّه في الفترة التي سبقت الانتخابات الايرانيّة، قام مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة مؤلفة من من رجال الدين والخبراء القانونيين المكلفين بالإشراف على الانتخابات، باستبعاد عدد كبير من المرشحين دون ذكر أسباب، منهم العديد من المسؤولين الحكوميين البارزين. كان من بينهم علي لاريجاني، رئيس البرلمان السابق، وإسحاق جهانجيري، النائب الأول للرئيس المنتهية ولايته.
إيران البلد الذي تسجّل فيه انتهاكات شبه يوميّة لحقوق الانسان عبر منظّمة هيومن رايتس واتش، محاصرة دوليًّا بعقوبات. نفطها لا يخرج منها. وتدعم تنظيمات مصنّفة إرهابيّة في العالم لتزعزع أمن أكثر من أربع دول عربيّة. وتتعاطى هذه التنظيمات تجارات غير شرعيّة وتشرف بشكل مباشر على عمليّات التهريب والاتّجار بالممنوعات. ويحاولون اليوم بالاحتيال على القانون اللبناني أن يجعلوا من السوق اللبنانيّة سوقًا رديفة لتصريف إنتاج الأدوية الايرانيّة غير المعترف بها عالميًّا. ويعود الفضل بذلك إلى العهد القوي الذي دخل بتحالف مع التنظيم الايراني في لبنان، أي حزب الله، حيث صارت الدّولة اللبنانيّة تحت احتلال ايراني بعد غزوها بفعل تحالف منظومة السلاح والفساد.
وصارت هذه المنظومة تفاخر بإيران كمثال يحتذى به في لبنان. هذا ما يعدوننا بالوصول إليه. إعدامات سياسيّة، وانقطاع بالمياه والكهرباء لكلّ المناطق التي تعترض على الحكم، دواء إيراني الصنع، ولبناني التصنيع بمواد إيرانيّة مستورَدَة غصبًا عن المجتمع الدّولي وعقوباته؛ ومن دون أن تكون مختبَرَة دوليًّا ليصبح الشعب اللبناني حقلا للتجارب الايرانيّة.
وذلك كلّه بشراكة بين الأجهزة الأمن والاستخبارات في البلاد مع النظام القضائي الإيراني، حيث تمّ قمع المعارضة بشدة، بما في ذلك من خلال استخدام القوة المفرطة والقاتلة ضد المتظاهرين وتقارير عن سوء المعاملة والتعذيب في مراكز الاحتجاز. في زمن الرئيس السابق روحاني الذي لم يبدِ وإداراته أي ميول لكبح أو مواجهة هذه الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية الإيرانية، فيما تستمر السلطات على أعلى المستويات في السماح بارتكاب هذه الانتهاكات المتفشية اليوم في زمن الرئيس "ابراهيم رئيسي".
قال مايكل بَيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "مهّدت السلطات الإيرانية الطريق لإبراهيم رئيسي ليصبح رئيسا بالقمع وانتخابات غير عادلة. أشرف رئيسي من منصبه على رأس الجهاز القضائي القمعي على بعض أبشع الجرائم في تاريخ إيران الحديث، وهي جرائم تستحق التحقيق والمساءلة بدلا من الانتخاب لشغل منصب رفيع".
هذه كلّها انتهاكات لحقوق الانسان واضحة وضوح الشمس، وهذا تمامًا ما يبشّروننا بأنّ لبنان الذي يقودون سفينته نحو الغرق سيصل إليه. انتخابات رئاسيّة ستكون على شاكلة الانتخابات الرئاسيّة الايرانيّة. وحتّى الانتخابات النيابيّة لن تكون بعيدة أجواؤها عن هذه الانتهاكات. ناشطون أحرار سيلاحقون قضائيًّا، وقد يُقتَل بعضهم كما جرى ويجري في إيران لقمع أيّ تحرّك اعتراضيّ للمنظومة الايرانيّة- اللبنانيّة المتغطرسة في لبنان.
المطلوب اليوم واحد وعدم إجهاد أنفسنا فيما لا طائلة لنا فيه. المطلوب قيادة حكيمة تقود اللبنانيّين الأحرار في معركتهم للتحرير من تحت الهيمنة الايرانيّة بأقنعتها اللبنانيّة، من حزب الله وحليفه البرتقالي وكلّ من لفّ لفيفيهما. وهذه العمليّة لن يستطيع اللبنانيّون وحدهم تنفيذها. فالمطلوب من المجتمع الدّولي أن يلعب دورًا رقابيًّا مباشرًا. كذلك المطلوب من الثورة اللبنانيّة أن يتبلور لديها رأيًا عامًّا بحمل مشروع التحرير إضافة إلى المطالبة بالمطالب الاجتماعيّة والاصلاحيّة كلّها.
وما يجب الانتباه إليه، أنّ ما من أحد يستطيع القيام بأيّ مشروع إصلاحي تطويريّ حداثيّ لنقل الوطن والدّولة من الحضيض الذي وضعتنا فيه هذه المنظومة ما لم تَقُدْ هذه الثورة مع الأحرار في الوطن عمليّة استعادة السيادة اللبنانيّة من فم الشيطان الأصفر. وبعدها يُبحَثُ في المطالب كلّها. عدا ذلك، لا يبحثنَّ أحد عن طريقة للتغيير. ولا يترقّبنَّ أحد من هذه السلطة بالذات أن تسمح لأيّ حرّ بأن يصل إلى مبتغاه، حتّى لو اضطرّها الأمر إلى تصفيته جسديًّا تحت ذريعة " لم أُبَلَّغْ بذلك" النيتراتيّة. ولن تسمح بأيّ عمل ديمقراطيّ تغييري، إنتخابيًّا كان أم حكوميًّا تنفيذيًّا، إن استشعرَت بأنّه قد يصيبها ب1 % من التغيير. فلا تين يرتجى من العوسج. ومن له أذنان للسماع ... فليسمع !