تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
للمرة الثانية خلال شهرين يزور وفد روسي لبنان والتقى في اليومين الماضيين، بوزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار. وطالب المسؤولون الروس بالوصول إلى مينائي بيروت وطرابلس لمدة ثلاثة أيام لتقييم حالة البنية التحتية. وخلال هذه الفترة، من المخطط إعداد مقترحات فنية محددة، لتحديث الموانئ البحرية اللبنانية، في بيروت وطرابلس، وبناء مخازن للحبوب.
وأجرى الوفد محادثات أخرى، مع وزير الطاقة والموارد المائية والكهربائية الدكتور ريمون غجر، وعرض معه مشروع إنشاء محطتين للطاقة وتحديث مصفاتي البداوي والزهراني المتقادمتين.
لا شك أن المشروع الروسي يُشكّل حدثاً اقتصادياً مهماً للبنان، في ظل الظروف التي يعاني منها البلد، خاصة أن الطرح الروسي الاستثماري يعرض تمويل المشروع دون تحميل الدولة اللبنانية أي مبالغ حالية ودون ضمانة من صندوق النقد الدولي. وتسعى روسيا بجدية للاستثمار في لبنان خاصة في مجال الطاقة، وهي تشارك بفعالية في التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط. وترتبط الشركات الروسية بعقود منجزة مع إسرائيل وسوريا ولبنان في هذا المجال . وبالرغم من هذه العقود يبدو أن الموافقة الأمريكية والأوروبية غير متوافرة، على الدور الروسي في موضوعي الكهرباء وإعادة تأهيل المرافىء.
ولقد تعاطى بعض الإعلام اللبناني بشيء من التعمية على المقترح الروسي، بحيث لم يحظ هذا العرض بتغطية إعلامية، توازي الإعلان عن تسليم الولايات المتحدة الأمريكية، لصندوقين من الأقنعة الطبية كمساعدة للبنان . فهل هذا يعني رفضاً مسبقاً من السلطات اللبنانية للعرض الروسي ؟؟؟ ومن هي الجهة المستفيدة من استمرار معاناة اللبنانيين في الكهرباء والنفط ؟؟؟ أم أن هناك قطبة مخفية في الأمر؟؟؟.
وكان لبنان تلقى عدة عروض في هذا المجال من الشركات الصينية، لكنها تراجعت بعد أن تلقت إشارات بالرفض، ويبدو أن الصين بعكس روسيا، لا ترغب بالدخول في مواجهة مع أمريكا وأوروبا، خاصة أن عروضاً مماثلة كانت قد تقدمت بها كل من ألمانيا وتركيا ، وفرنسا التي وضعت خطة متكاملة وتسعى للفوز بهذا المشروع، وهي تمارس ضغوطاً سياسية على المسؤولين اللبنانيين، كما تُقدّم لهم وعوداً بفتح باب المساعدات للبنان فور البدء بتنفيذها المشروع، الذي يشمل أيضاً إعادة تأهيل سكة الحديد، وإنشاء نفق من المتن إلى البقاع لربط لبنان بالعالم العربي.
ورغم الاندفاعة الروسية تجاه لبنان، فإن فُرص نجاح العرض الروسي ضئيلة، لأن لبنان محكوم بعلاقات اقتصادية ومصالح مشتركة مع الغرب وأوروبا، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ، هذا إضافة إلى التأثير الغربي الكبير على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين يحتاجهما لبنان اليوم للخلاص من أزمته ، وكذلك أموال المساعدات الدولية الموعودة، والتي يُمكن أن تُقدّم لاحقاً إلى لبنان، عندما ينضج الحل السياسي، ويُتخذ قرار إعادة إنعاش الاقتصاد اللبناني .
أما عن تقييم الزيارة الروسية، فإنه من المعروف أن أي قرار بشأن هذه المشاريع يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، وهذا يعني ضرورة انعقاده، وهو الأمر المتعذر في ظل حكومة تصريف الأعمال، ورفض الرئيس دياب الإقدام على خطوة كهذه. وبالتالي فإن الزيارة الروسية لا تعدو كونها عملية استطلاع للرأي، والكشف الميداني لجمع المعلومات اللازمة، لإعداد دراسة متكاملة، استعداداً للدخول في بازار المناقصات، عندما يحين الوقت لذلك. وبالانتظار ستبقى معاناة اللبنانيين مستمرة، حتى تنجلي الأمور، وتتبلور الحلول في المنطقة من حولنا، خاصة في سوريا، وفي الملف النووي الإيراني.