تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
منذُ انفجارِ الأزمةِ الماليةِ والمصرفيةِ في خريفِ 2019 وانفجارِ مرفأِ بيروتَ في 4 آب، والبلدُ يشهدُ "هجمةً" على العقاراتِ.
هناكَ سببانِ أساسيانِ لـ"الهجمةِ":
الأولُ هو أن الناسَ يهربونَ من ودائعهم المشكوكِ بمصيرها في المصارفِ.
والثاني هو حاجةُ الناسِ إلى المالِ من أجلِ اللقمةِ وحبَّةِ الدواءِ والاستشفاءِ وتعليمِ الأولادِ.
الخبراءُ يقدِّرونَ قيمةَ الأموالِ التي دُفِعتْ في القطاعِ العقاريِّ، خلالَ عامٍ ونصفِ العامِ، بنحو 14.4 مليارَ دولارٍ. ويقالُ إن عددَ العقاراتِ التي بيعتْ تجاوزَ الـــ 82 ألفاً.
ولكن، إذا كنَّا نريدُ قولَ الحقيقةِ "من الآخر"، ومن دونِ فلسفةٍ، فالعقاراتُ تباعُ بنصفِ أسعارها الحقيقيةِ. وقاعدةُ البيعِ هي الآتية:
إما أن يكونَ السعرُ مضاعفاً مرتين، إذا تمت الصفقةُ بشيكٍ مسحوبٍ على أحدِ المصارفِ اللبنانيةِ، حيثُ قيمةُ الدولارِ الحقيقيةِ تقاربُ ربعَ الرقمِ المسجَّلِ على الورقِ.
وإما أن تكونَ العقاراتُ بنصفِ سعرها الحقيقيِّ إذا كان الثمنُ مدفوعاً بالدولار Fresh.
وفي الحالينِ، عقاراتنا وودائعنا على حدٍّ سواءَ باتتْ لقمةً سائغةً للمحظوظينَ الذينَ يقبضونَ Fresh من أيِّ مصدرٍ كانَ.
وليسَ على الذينَ اشتروا عقاراتٍ بشيكاتٍ من ودائعهم المحتجزةِ في المصارفِ إلّا النومُ على حريرِ الوعودِ بالازدهارِ…
وما عليهم إلا الصبرُ والصلاةُ لتقومَ الدولةُ ذاتَ يومٍ، بدءاً من تشكيلِ الحكومةِ وصولاً إلى الانتخاباتِ النيابيةِ ثم الرئاسيةِ. وما بين هذهِ وتلك، "اللهُ أعلمُ".
***
للأسفِ الشديدِ، وبحسبِ خبيرٍ عقاريٍّ مخضرمٍ، إن أكثرَ الذينَ يبيعونَ ممتلكاتهم العقاريةَ هم من أبناءِ الطائفةِ المسيحيةِ الكريمةِ، مع كلِّ الرغبةِ في الهجرةِ.
وأما القدرةُ الشرائيةُ، فهي موجودةٌ خصوصاً لدى أبناءِ الطائفةِ الشيعيةِ الكريمةِ، من رجالِ الأعمالِ في افريقيا.
وبحسبِ الخبيرِ أيضاً، هناكَ مناطقُ معينةٌ تتركزُ فيها عملياتُ البيعِ، وهي:
الرابية، في المتن الشمالي خاصةً، حيث تُعرَضُ الفيلاتُ الراقيةُ، وكذلك بعبدا،وفاريا، حيثُ هناكَ مشروعٌ كبيرٌ يضمُ شاليهاتٍ وأراضيَ شاسعةً لوزيرٍ سابقٍ ومقاولٍ مشهورٍ، وقد تمَّ بيعهُ بالكاملِ لرجلِ اعمالٍ من افريقيا..
وهناكَ مناطقُ أخرى، في ضواحي العاصمة، حيثُ يتردَّدُ أن الشقةَ التي كان ثمنها 400 الفَ دولارٍ بيعتْ بأقلَّ بكثيرٍ من نصفِ سعرها بالدولارِ النقدي. والمشترونَ هم رجالُ أعمالٍ لبنانيون في افريقيا.
والأكثر "على الموضةِ"، هو الشراءُ في مجمعاتٍ بحريةٍ راقيةٍ في البترون، حيثُ الحياةُ هناكَ "عمرانة" ليلاً ونهاراً.
***
نقولها صراحةً، ومن دونِ أيِّ عقدةٍ أو خلفياتٍ: "صحتين على قلب" كلِ من يتملكُ عقاراً، وهنيئاً للجميعِ بأملاكهم، ومِن حقِّ كلِ مواطنٍ أن يكونَ له "مرقدُ عنزةٍ" في لبنانَ.
ولكن، إذا بقيتْ الأوضاعُ سائرةً هكذا، فمَن يدري بعد 5 سنواتٍ أو 10 سنواتٍ، أيُّ تَحوُّلٍ ديموغرافي سيكونُ في انتظارنا؟
وما ستكونُ تداعياتهُ على لبنانَ وصيغتهِ الفريدةِ وشخصيتهِ المميزةِ؟
وما مغزى هذا التحوُّلُ، في ظلِ ما يُرسمُ لنا وللمنطقةِ كلها من خططٍ وخرائطَ، لا سمحَ الله أن تتحققَ...
فجمالُ لبنانَ لا يكمنُ الاّ في صيغتهِ الفريدةِ وتعدُّدِ طوائفهِ!
***
إن التمسُّكَ بالأرضِ هو أقدسُ القيمِ الوطنيةِ.
ولَكَم تمسَّكْنا بأرضِنا عندما واجهنا شعارَ "طريقُ القدسِ تمرُّ بجونيه".
ولكن، من مساوئِ الأقدارِ أن الأكثرَ تمسُّكاً بأرضهِ كان الأكثرَ ميلاً إلى الهجرةِ.
وصحيحٌ أن اللبنانيينَ جميعاً يُعانونَ الأمرَّينَ، لا المسيحيينَ وحدهم،لكن الواضحَ أن أبناءَ كلِ الطوائفِ الكريمةِ الأخرى يُعانونَ نفسَ المأساةِ المعيشيةِ والاجتماعيةِ.
***
لبنانُ الذي نعرفهُ يعيشُ اليومَ أخطرَ أيامٍ في تاريخهِ، كما تؤكدُ مرجعياتٌ دوليةٌ.
في السابقِ كادت تُقضي على الوطنِ حروبُ الآخرينَ على ارضنا، طوالَ 16 عاماً، لكنهُ نجا، حينَ تركزت هجرةُ ابنائهِ الى دولِ الخليجِ، حيث عملوا وانتشلوا لبنانَ من محنتهِ، فعادَ إلى الحياةِ أفضلَ مما كانَ.
والآن، قدَرُنا أن يشعرَ الحاكِّمونَ المتحكِّمونَ بوجوبِ وقفِ الانهيارِ ، الذي انطلقَ وتمادى، منذُ ان انطلقت مسيرةُ إعادةِ الإعمارِ، قبلَ 25 عاماً.
وقدَرُنا ايضاً أن نواجهَ حالةَ الموتِ التي نقتربُ منها،
والتي أوصلتنا إليها منظومةُ الفسادِ والنهبِ بعدما أطاحت بكلِّ ما يسمى مقوِّماتُ الدولةِ ، تاركةً الاملَ الوحيدَ بالجيشِ اللبناني البطلِ وجميعِ القوى الامنيةِ .
لكننا حتماً نجهدُ ان لا نيأسَ والاَ نموتَ من حكم عبيدِ اللهِ.