تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في اقتناعِ البعضِ أن الرجالَ هم الذينَ يصنعونَ المناصبَ.
وفي اعتقادِ آخرينَ أن المناصبَ هي التي تفرضُ نفسها على الرجالِ فتصنعُ مسارَهم ومصيرَهم.
ولكن، تمرُّ علينا وجوهٌ يتكاملُ فيها الرجالُ والمناصبُ حتى التماهي.
في هذهِ الخانةِ النادرةِ، يتألَّقُ النقيبُ الصديقُ ملحم خلف.
فهنيئاً لنا في هذا الزمنِ البائسِ، إذ تُهدَرُ الحقوقُ وتداسُ المبادئ ويهانُ الإنسانُ، أن يكونَ ملحم خلف حارساً أميناً في نقابةِ المحامين.
وهنيئاً لنا هذا النبضُ الباقي، والأملُ الباقي، في وطنٍ يختنقُ فيهِ الحقُّ وتنطفئُ العدالةُ.
***
في دولةِ العارِ، يتبادلُ كبارُ المسؤولينَ عن أموالِ الشعبِ والدولةِ اتهاماتٍ فضائحيةً بالكذبِ، في الأرقامِ والوقائعِ والتدقيقِ الجنائيِّ.
لم يحدثُ ذلكَ في أيِّ دولةٍ أخرى متخلِّفةٍ، حتى في مجاهلِ الأرضِ.
وأما الناسُ، الموجوعونَ فعلاً، فيأكلهم القهرُ والجوعُ ويعجزونَ حتى عن الصُراخِ من الألمِ والاعتراضِ...
ولكن، يبقى صوتٌ واحدٌ يُدافعُ عنهم وعن ودائعهم المنهوبةِ.
إنه صوتُ نقابةِ الحقِّ والحقوقيينَ، وعلى رأسها فارسٌ نبيلٌ، هو ملحم خلف.
لقد شَهَرَ النقيبُ خلف سيفَ العدالةِ، مِن على منبرِ النقابةِ، وفي ثلاثةِ اتجاهاتٍ، فوضعَ النقاطَ على الحروفِ:
1- الأولُ كتابٌ إلى مصرفِ لبنانَ يذكِّرهُ بأن قانونَ النقدِ والتسليفِ يمنعُ تمويلَ القطاعِ العامِ من أموالِ المودعينَ.
2- الثاني كتابٌ إلى جمعية المصارفِ يضعها أمامَ مسؤوليَّاتها:
أنتم تعرفونَ أن مصرفَ لبنانَ يخالفُ الدستورَ والقانونَ، وعليكم "اتخاذُ الإجراءاتِ معهُ ولدى المصارفِ المراسلةِ لهُ، لمنعهِ من التصرُّفِ بما تبقّى من أموالِ المودعين".
3- الثالثُ أن النقابةَ ستطلبُ من "ألفاريز" أن تدقِّقَ في كيفيةِ تطبيقِ مصرفِ لبنانَ للمادة 90، وما يليها من قانونِ النقدِ والتسليفِ، خلالَ العقودِ الماضيةِ، لتبيانِ المسؤولياتِ والمخالفاتِ والارتكاباتِ.
فشكراً لنقيبِ الجرأةِ ملحم خلف، وهنيئاً لنا شعبُ لبنانَ الحضاريِّ بصوتكَ المتفرِّدِ، في زمنِ الصمتِ، دفاعاً عن الحقِّ ونُصرةً للمظلومِ.
***
في زخمِ الوثبةِ الأولى لثورةِ 17 تشرين، كان حُلماً للثوارِ أن يتسلّمَ ملحم خلف نقابةَ المحامين، هو الآتي من تاريخٍ في النضالِ من أجلِ الحقوقِ،
وهو الحقوقيُّ المولودُ من أبٍ حقوقيٍّ، ومن جدٍّ حقوقيٍّ ايضاً.
القوى السياسيةُ كلها خاضتِ المعركةَ لمنعِ وصولهِ، ولكنه عندما انتصرَ، نسيَّ كلَّ شيءٍ ووضعَ نفسهُ في خدمةِ الجميعِ من أجلِ الحقِّ والحقيقةِ.
واليوم، إذ يتراجعُ ضوءُ الثورةِ، يبقى ملحم خلف قلبَ الثورةِ النابضةِ،الجريئةِ، النظيفةِ، حاملاً همومَ الناسِ والوطنِ.
كيف لا، وهو الإنسانُ الإنسانُ قبلَ أن يكونَ أيَّ شيءٍ آخرَ.
الإنسانُ برُقيِّ أفكارهِ،
والإنسانُ بنضالهِ للحقِّ،
والإنسانُ الناشطُ في العطاءِ… وفرحِ العطاءِ.
***
كيفَ لا ننحني احتراماً لهؤلاءِ الصبايا والشبابِ، في جمعيةِ "فرحِ العطاء"، وقد تطوُّعوا لخدمةِ المجتمعِ بلا مقابلٍ؟
كيفَ ننسى دورَ النقيب خلف، قلبِ المجموعةِ النابضِ، وهو يبثُّ فيهم روحَ النضالِ في أصعبِ الظروفِ؟
منذُ العام 1985، ولمساتُ "فرحِ العطاء" تُبلسمُ الجروحَ في كلِّ لبنانَ، من أقصاهُ إلى أقصاه، وبلا تمييزٍ.
آلافُ الفقراءِ في العاصمةِ وطرابلس وسواهما يعرفونَ ما تفعلهُ هذهِ الجمعيةُ.
وبعدَ زلزالِ المرفأِ، شمَّرَ 100 شابةٍ وشابٍّ من "فرحِ العطاء" عن سواعدهم ليعيدوا إعمارَ الشوارعِ المدمَّرةِ، واضعينَ قلوبهم مع أهلها المنكوبينَ.
فهل من إرادةٍ للخيرِ، بلا مقابلٍ، أقوى من هذا العطاءِ؟
***
كلُّ الشرفاءِ في هذا البلدِ يَرفعونَ لكَ القبَّعةَ،
يا نقيبَ الحقِّ والإنسانِ.
فألفُ شكرٍ لكَ، ودامتْ فيكَ صلابةُ النقابيِّ وفرحُ العطاءِ.