بين قوة الدبلوماسية و دبلوماسية القوة» |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كتب مدير موقع «أحوال مصر» سيد زهيري
المراقب للسياسة الخارجية المصرية, منذ تولّي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الأمور إبان ثورة 30يونيو, سيجد تغيراً كبيراً و نوعياً في مفهوم و"أجندة الدبلوماسية المصرية", ففي أعقاب ما سمّي بـ"ثورات الربيع العربي" وما خلّفته من كوارث وأزمات في المنطقة أهمّها انهيار العراق وسوريا اللذين كانا يمثلان "مثلث القوة العسكرية" في المنطقة إلى جانب الجيش المصري, وحالة السُعار الدولي على مقدرات وثروات المنطقة, وتصاعد وتيرة العنف واطلاق يد التطرّف والإرهاب وسماسرة السياسة الدولية لتقسيم "كعكة الشرق الأوسط" وإعادة ترسيم التحالفات والعلاقات الدولية, كانت الدبلوماسية المصرية حاضرة وفاعلة في المشهد السياسي الدولي.
فالدبلوماسية ببساطة هي "فن إدارة السياسة أو فن إدارة العلاقات الدولية", وكثيرا ما أطلق المراقبون والمحللون لإدارة الرئيس السيسي للأزمات والملفات الإقليمية والدولية مصطلح "الدبلوماسية الهادئة", ورغم أنني أختلف مع ذاك المصطلح فالدبلوماسية لا يمكن أن تكون إلّا هادئة, إلّا أنّه بالفعل ما حققته السياسة الخارجية المصرية من نجاح وإنجاز شهد به وله العدو قبل الصديق ما كان ليتحقق إلّا بثقة وقوة و هدوء و ثبات الدبلوماسية المصرية, وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه لا يمكن للدولة أي دولة أن تحظى بـ"دبلوماسة قوية" إلّا إذا امتلكت العناصر والأدوات التي تمنح تلك الدبلوماسية القوة, وفي السطور التالية نستعرض أهم عناصر قوة الدبلوماسية المصرية.
أولاً: تماسك الجبهة الداخلية: فكما يردد الرئيس السيسي دائما أن "قوة مصر الخارجية لا يمكن أن تتحقق إلّا بداخل قوي", فتماسك الجبهة الداخلية ووحدتها وقدرتها على المقاومة والفوز والتفافها حول مشروعها الوطني, هو أول وأهم عناصر القوة والدعم للسياسة الخارجية, خاصة في ظل حالة الاستهداف الثقافي والفكري من خلال اطلاق الشائعات والفتن التي تستهدف تغييب الوعي وتفتيت الهوية والوقيعة بين الشعب وقيادته ومؤسساته الوطنية, ورغم تسخير الكثير من الأبواق والمنابر والقنوات الموجّهة لزرع الفتنة وإحداث حالة انقسام في الجبهة الداخلية, إلّا أن وحدة الشعب المصري ووطنيته ووعيه الفطري كان حائط الصد المنيع الذي تحطمت علي صخرته تلك المخططات.
ثانيا: قوة الجيش المصري رغم محاولات إنهاك وإضعاف القوات المسلحة المصرية, التي باتت حائط الصد الوحيد في المنطقة وتحطمت على صخرتها مخططات التقسيم, عن طريق استفزازها للدخول في صراعات إقليمية, أو عن طريق إشعال الحدود المصرية شرقاً وغرباً وتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في سيناء, الا أن العقيدة الوطنية للمقاتل المصري أعطت الدرس والعبرة للقاصي والداني, ولأن القيادة السياسية المصرية أدركت برؤية وطنية أهمية تعزيز القدرات العسكرية للجيش المصرية, لدعم قدرته على صد وردع أي تهديد مستقبلي يستهدف كيان الدولة المصرية براً وبحراً وجواً, فلم يكتفي الرئيس السيسي بتعزيز القدرات العسكرية البحرية والجوية والبرية, بل كان حريصاً علي إحداث تغير نوعي في أجندة السياسة الخارجية المصرية من خلال تنويع مصادر السلاح شرقاً و غرباً.
ثالثا: ترسيم الحدود البحرية و لا أخفي حضراتكم سراً أنني كغيري من المصريين, لم أكن أدرك أهمية موضوع "ترسيم الحدود البحرية" وخاصة عندما تم الإعلان عن موضوع "تيران وصنافير" وحالة الشك والجدل التي تبعتها, إلى أن دار حوار بيني وبين المهندس أسامة كمال, وزير البترول الأسبق وأحد أهم خبراء الطاقة الوطنيين, حيث أضاء الكثير من النقاط المظلمة التي حجبت عني رؤية واستيعاب أهمية ترسيم الحدود وما سيحققه من نقلة نوعية في قوة مصر البحرية ووضعها على الخريطة العالمية كأحد أهم القوي الاقتصادية البترولية, بترسيم حدودها مع السعودية واليونان وقبرص....الخ, وهو ماحدث بالفعل في شرق المتوسط بعد الاكتشافات المتتالية التي أعقبت "حقل طهر" بإنتاجه الذي ناهز 3 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعي, لتصبح مصر مركزاً إقليمياً للطاقة, الأمر الذي لم يكن ليتحقق إلّا بترسيم الحدود البحرية.
رابعا: العمق الأفريقي والإقليمي والعلاقات الخارجية نعم فقد تنبهت القيادة السياسية مبكراً لخطورة ملف العلاقات الأفريقية والإقليمية وحالة الإهمال خلال الحقب السابقة والتي تسببت في الكثير من المشاكل والأزمات, ليعلن الرئيس السيسي, أن أمن مصر القومي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقوة العلاقات الأفريقية والإقليمية, فتركزت جولاته الأولى عقب تولّيه المسؤولية بالعديد من الدول الأفريقية مؤكداً انتهاء عصر التعالي والإهمال, وأن أمن وسلامة وقوة العمق الأفريقي يُعدُّ أحد أهم ركائز الأمن القومي المصري, فينطلق من العمق الأفريقي إلى تعزيز العلاقات العربية والإقليمية والدولية من خلال جولاته المكوكية شرقاً وغرباً للخروج بالسياسة المصرية من عباءة التبعية الأحادية إلى سياسة الندية والمصالح المشتركة.
خامسا: قوة الاقتصاد المصري وهنا لابد من الإشارة إلى حجم الإنجاز الذي يصل إلى حد الإعجاز فيما قامت به الدولة المصرية انطلاقاً من خطة "التنمية المستدامة 2030", والمشروعات القومية وإحلال وتجديد البنية التحية ومشروعات الطرق والمحاور والمدن الجديدة وتطوير البحيرات ومشروعات الاستزراع السمكي والعاصمة الإدارية والمدن الجديدة وتطوير العشوائيات وصولاً إلى المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري...الخ. الأمر الذي أذهل العالم فرغم تأثّر العديد من اقتصاديات العالم بجائحة كورونا وما خلّفته من أزمات ومشاكل, إلّا أن الدولة المصرية أثبتت صلابتها وقدرتها علي الاستمرار في العبور بسفينتها نحو مستقبل مشرق رغم ما واجهته من أمواج متلاطمة ورياح عاتية, الأمر الذي يؤهّلها لأن تكون أحد النمور الاقتصادية القادمة بقوة.
وفي المقال القادم سنستعرض كيف تحطمت أحلام الخلافة الأردوغانية على صخرة الدبلوماسية المصرية...
فاللهم احفظ لمصرنا الحبيبة أمنها وأمانها و وحدة شعبها...
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|