تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " د. ميشال الشمّاعي "
يبدو أنّ هذا الأسبوع سيشهد مواقف جديدة تطلِق نواة الجبهة المعارِضَة التي باتت متبلورة معالمها حتّى هذه الساعة؛ إنّما اعتاد اللبنانيّون أن يكون الخلاف فيما بينهم على القيادة والزعامة عند لحظة الامتحان، لا سيّما في الشارع المسيحي، وعلى وجه أدقّ الماروني. إلا أنّ هذه اللحظة توجب التّعالي على الفردانيّة السياسيّة والالتزام بالشخصانيّة الوطنيّة فقط لا غير وفقًا للقاعدة الرحبانيّة التي تقول: إذا راح الملك بيجي ملك غيرو، وإذا راح الوطن ما في وطن غيرو."
قد يشهد هذا الأسبوع تقلّبات سياسيّة في بعض المواقف لا سيّما وأنّ أفق الحلّ بات مقفلا، ولا مخرج مع هذه السلطة والأكثريّة الحاكمة. وما أشار إلى ذلك التقارب الأخير بين الموقفين القوّاتي والاشتراكي، فيما يبدو رئيس الأخير حذرًا جدًّا في مواقفه التي لا يأخذها إلى على قاعدة " الموقف المضمون". ما يعني ذلك أنّ الاشتراكي اليوم ينتظر إشارة ما من المستقبل قد تدفعه إلى اتّخاذ موقف وطنيّ متقدّم فيدفع بدوره المستقبل نحو التقاء كيانيّ مع القوّات.
لكن ما يخشى منه التقارب الذي سعى إليه الرئيس برّي بين رؤساء الحكومات والحرير ضمنًا مع الاشتراكي في الأسبوعين المنصرمين؛ وهذا ما أوحى بحصار على جعجع والقوّات لفرض شروط هؤلاء على الخطّ القوّاتي لا العكس. لكن على ما يبدو أنّ اللقاء لم تكتمل فصوله، ومن الممكن أن يكون السبب لغياب أيّ غطاء مسيحي عنه بعدما لم يبد الوزير فرنجيّة أيّ حماسة لهكذا لقاء. وقد تكون لفرنجيّة قراءة إقليميّة دوليّة مغايرة عن قراءاته السابقة، وهذا ما لم يدفعه إلى الحضن القديم- الجديد مرّة جديدة.
من هنا، ستكون حركة جعجع هذا الأسبوع أفعل من ذي قبل لأنّ الصلابة السياسيّة التي تمتّع بها هذا الرّجل قد فرضت وجوده في المعادلة السياسيّة فرضًا، ولمس هؤلاء كلّهم أنّ تمسّكه بالحفاظ على موقع الرّئاسة هو أساسيّ، لا بل من الأساسيّات التي ترفعها القوّات في المرحلة المقبلة. فممنوع المسّ بمقام الرئاسة الأولى. بغضّ النّظر عن أيّ موقف سياسي من الرئيس وفريقه. وذهب جعجع في طرحه أبعد من الذين ينادون بإسقاط الرئيس الذي بحسب رأيه لن يؤدّي إلى أيّ تغيير مرجوّ. بل بالعكس سيطيل عمر هذه السلطة لسنوات ستّ قد تكون أكثر ضراوة على انقضاء لبنان إلى الأبد.
لذلك كلّه، رسمت القوّات خارطة طريق المرحلة المقبلة، ويبدو أنّ هذا الأسبوع سيشهد صراعًا بينها وبين حزب الله المتمسّك بتكليف الحريري، وسيسعى الحزب بكلّ ما أوتي من قوّة لإجهاض مساعي جعجع بإعطاء اندفاعة للحريري من دون أن يسمح له بالتأليف. إلا إذا زاد جعجع في تصلّبه قد يذهب الحزب إلى حافّة الهاوية ويطلق سراح حكومة الحريري فقط لإقفال الطريق على أيّ جبهة قد تتكتّل ضدّ مشروعه.
وإن حصل ذلك، لن تكون الحكومة الحريريّة الموعودة هي المطلوبة بل ستكون مغلّفة والجوهر سيبقى على حاله ما يعني ذلك أنّ الحزب قد ينجح في فرض ستاتيكو حكومي طوال الفترة المتبقيّة للعهد. فالسباق إذا اليوم بين مشروع حزب الله والمشروع الذي يحمله جعجع. وعلى اللبنانيّين الأحرار أن يثبّـوا تموضوعاتهم السياسيّة أينما يريدون لبنانهم أن يكون. وللمستقبل تجارب مرّة مع الحزب فإذا أراد الرئيس الحريري تكرارها من جديد فسيكون حتمًا قد قضى على أبعاده الاقليميّة والدّوليّة كلّها؛ وذلك للمواقف المعروفة من المجتمعين العربي والدّولي تجاه القضيّة اللبنانيّة ومعضلة الرّضوخ لحزب الله.
فالحريري اليوم أمام امتحان يضع مصداقيّـه السياسيّة على المحك. أيّ ملك يأتي ويذهب لكن الوطن إن ذهب فلا وطن غيره. من هذا المنطلق، يعرف جيّدًا أنّ أيّ تموضع للمستقبل اليوم سينسحب على مستقبله السياسي برمّـه. في وقت حفظ الاشتراكي دورًا له في أيّ جبهة قد تتشكّل. فالمطلوب واحد لا أكثر. على الجميع أن يحسم أمره ويوجّه خطابه حيثما يريد أن يكون، واللبنانيّون والتّاريخ لن يرحموا أحدًا هذه المرّة.