تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان برسالة الجمعة لهذا الأسبوع إلى اللبنانيين، معتبرا أن "البلد الآن في أسوأ مرحلة تاريخية، لا دولة ولا مؤسسات ولا إدارات، فيما الأزمات تتوالى، والفساد لا يزال على أشده، وكأن البلد بألف خير والملفات تفتح لا للمحاسبة، إنما لتعميق الانقسام بين اللبنانيين، وكأن المطلوب هو انهيار البلد. وهذا ما يجري الآن وبكل وقاحة، سياسة وعهر ليس بعده عهر، والتعطيل سيد الموقف بكل شيء، ليس من أجل الإصلاح، بل من أجل الكيد والتحدي، من أجل الحصص، وسط انعدام الحس الوطني والشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه البلد والناس الذين انقطع أملهم، وانعدمت ثقتهم بكل هذه الطبقة السياسية، وباتوا على قناعة تامة بأن لا دولة ولا إصلاح ولا محاسبة ولا استرجاع أموال ولا اقتصاد ولا إنماء، وقد لا يكون هناك مستقبل لهذا البلد طالما هذا النهج السياسي هو الذي يحكم البلد، ويتحكم بالناس، وطالما هناك من يلعب لعبة الأدوات المقنعة في مشروع تدمير الدولة وإنهاء البلد لصالح الخارج الذي يصر على دفعه نحو القعر، حيث لم يعد سرا أن هناك دولا إقليمية اتخذت قرارا بالشراكة مع واشنطن على محاصرة البلد وتجويع شعبه والوصول به إلى الانهيار الشامل".
وأشار إلى "أن البلد مكشوف ومهدد أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، وهناك من يرعى ويمول وينظم ويدير شبكات وظيفتها منع قيام الدولة والوصول بالبلد إلى الفتنة، لهؤلاء نقول: إذا كنتم تعتقدون بأن التجويع والاستنزاف المالي واللعب بالسوق السوداء وإطباق الحصار أكثر والتهديد بالويل والثبور يدفع بحواضن المقاومة للتخلي عنها، فأنتم واهمون، فالمقاومة تعني لبنان الكرامة والسيادة، تعني الأمن والأمان، تعني الانتماء الوطني الحقيقي وليس المقنع، تعني الضمانة الضرورة لا بل الواجبة في ظل هذه العاصفة الأميركية الإقليمية التي تتعامل مع لبنان وشعبه بعقلية الدواعش".
ودعا "إلى عدم المقامرة، والتأكيد اليوم وغدا وفي كل حين على ضرورة إنقاذ البلد وحماية مشروع الدولة، وتأكيد العيش المشترك والسلم الأهلي، فالأوضاع كارثية، والبلد مقبل على أصعب مما نحن فيه، لا ماء ولا كهرباء ولا محروقات ولا دواء ولا طحين ولا مستشفيات ولا أدوات طبية، البلد في مهب الريح، والناس تحت عصف المجاعة، في حين أن من سرق البلد، وصادر أموال المودعين، وحولها إلى حسابه وحساب أزلامه يصر على رفع الدعم وخنق الناس".
وقال: "البلد يهوي والناس في حالة بؤس وقهر، وهناك من يتعاطى مع عملية تأليف الحكومة، وكأن البلد بألف خير، يماطل ويسوف ويفرض الشروط ويمارس التعطيل والعرقلة ويطالب بالحصص. جنى عمر الناس لم يسلم من جشعكم، من بطركم، من سوء إدارتكم، من تعنتكم وعنادكم، من تعلقكم بمصالحكم ولو انهار البلد، وها هو فيها، بعدما قوضتم كل موجبات وأساسيات الانتظام التي لم تعد موجودة في ظل سياساتكم وهيمناتكم التي ألغت الدولة وعطلت القوانين وعلقت الدستور، والآن رحتم تدفعون اللبنانيين إلى الفتنة، وتحرضونهم على المزيد من الانقسام، تارة بحرب البيانات، وطورا بحرب الملفات، وأخرى بحرب الصلاحيات، صلاحيات لمن؟ وعلى من؟ لقد دمرتم المرفأ، فمن المسؤول عن أكبر جريمة ارتكبت في حق العاصمة؟ مئات الضحايا وآلاف المهجرين والمنكوبين من الذي أجرم بحقهم؟ إهمالكم هو المسؤول، سوء إدارتكم، عجزكم، صراعاتكم، تلهيكم بالحصص والصفقات، فسادكم، إقطاعكم السياسي، قضاؤكم التابع والمرتهن، هو الذي فتك بالبلاد والعباد، لأن القضاء يجب أن يكون سلطة قانون وليس طريقة انتقام، أو إقطاع سياسي، وأكبر مشاكل القضاء تكمن بارتهان القضاء للسياسة. وهذا ما ندينه بشدة ونرفضه ونحذر من شره وطغيانه وفساده، لذلك المطلوب أن يتحرر القضاء من خبث بعض السياسيين وعقدهم النفسية والسياسية، حتى لا يتحول القضاء متاريس وخطوط تماس. وعلى البعض أن يتذكر أن البلد ينهار، ولم يبق منه إلا شبه دولة وشبه قانون وبقية قضاء وأمن، لذلك فإن تصرف القضاء على طريقة ابتزاز ونكايات وخدمات سياسية، سيحول القاضي إلى عبد يعمل بالسخرة لصالح إقطاعي يحكم مزرعة وليس دولة. القاضي بمنطق بلدنا اثنان قاضي حر وقاضي سمسار، القاضي الحر هو أكبر أعمدة دولة القانون إلا أنه نادر، والقاضي السمسار أكبر خائن للبلد والناس، إلا أنه الأكثر للأسف، وهو محمي ومدعوم، وعينه على الهدايا السياسية، وليس على الدولة، لأنه يعيش عقدة أنا الدولة، والدولة أنا، وهذا أكبر خطر يتهدد لبنان".
ووجه المفتي قبلان كلامه للسياسيين بالقول: "إن هذا الواقع المأساوي لن نخرج منه طالما أنتم الحاكمون والمتحكمون، ولكن كونوا على ثقة بأن البلد أكبر من الجميع، وأولويات الناس أبدى من أي حصة لهذا أو لذاك، فحذار الاستمرار بلعبة التعطيل والتهديم والتخريب والتحريض تحت أي عنوان كان، فالبلد لن يكون متروكا للمرتهنين والمراهنين، مهما كانت الأثمان، والأمل كبير بأن البلد سينهض من جديد، طالما هناك طفل من جنوب لبنان رفض التخلي عن دجاجته، رغم ترهيب العدو الإسرائيلي له، (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)".