تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
في وسط العام الدراسي، قررت الجامعة الأمريكية في بيروت رفع سعر الدولار الطالبي من ١٥٠٠ ليرة إلى ٣٩٠٠ ليرة، مما جعل الأقساط المرتفعة أصلاً، تزيد أكثر من ثلاثة أضعاف .
يتراوح سعر الكرديت في الجامعة الأمريكية من 530 الى 926 دولاراً ، وتصل كلفة بعض الاختصاصات فيها إلى 40 الف دولار سنوياً، ووفقا للسعر الجديد للجامعة، فإن هذا الاختصاص ارتفع من 60 مليون ليرة وصار يُكلّف 156 مليون ليرة لبنانية.
في العام 2019 كان نصيب الفرد في لبنان من الناتج المحلي 9900 دولار سنوياً تقريباً، أما اليوم فهو يُقدّر بنحو ألفي دولار سنوياً .
فهل بعد ما حدث بالأمس في الجامعة الأمريكية، يمكن لطلاب لبنان من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، أن يحلموا بدخول الجامعة الأمريكية .
والسؤال الأهم ماذ سيفعل الطلاب وهم في وسط العام الدراسي ؟ هل يتركون الدراسة مرغمين؟ وهل يحق لأدارة الجامعة حرمانهم من العام الدراسي، بسبب عجزهم عن دفع أقساطها الجديدة ؟
في تموز الماضي كانت قد توافقت معظم الجامعات الخاصة في لبنان، في اجتماع تحت عنوان «إنقاذ التعليم»
على عدم رفع الأقساط، واستيفائها على أساس سعر الصرف الرسمي للدولار أي ١٥٠٠ ليرة.
بعد إقرار قانون الدولار الطالبي للطلاب الذين يتعلّمون خارج لبنان، انفتحت شهية الجامعات، وفي مقدمتها الجامعة الأمريكية، على حفنة الدولارات المتبقية في مصرف لبنان .
وهذا ما أكّده عميد شؤون الطلاب في الجامعة الأمريكية الدكتور رائد محسن، عندما توجّه إلى الطلاب الذين اعتصموا احتجاجاً على قرار رفع سعر الدولار فقال ؛ « أن الجامعة مضطرة إلى رفع سعر الدولار الجامعي، لأن مدفوعاتها تتم وفق سعر صرف الدولار اليومي في السوق السوداء»، وحمّل السلطة والحكومات المتعاقبة وسياسة مصرف لبنان مسؤولية ما يحصل، معتبراً أن الجامعة لا تتحمل مسؤولية ما يحصل، وقال: إنها ضحية سياسة المصرف المركزي .
ودعا محسن طلاب الجامعات الخاصة إلى التظاهر أمام مصرف لبنان ومجلس النواب، من أجل إيجاد حل لموضوع الأقساط الجامعية. وهذا يوضح طبعاً هدف الجامعة الأساسي، برمي كرة النار على الطلاب، لوضعهم في مواجهة مع المجلس النيابي ومصرف لبنان .
يبلغ قسط الطالب في اختصاص الطب في جامعة تاراس شفتشينكو الوطنية في أوكرانيا 5000 دولار سنوياً، وهي جامعة مصنّفة عالمياً في مرتبة أفضل من الجامعة الأمريكية في لبنان. والسبب هو التنافس الكبير بين جامعات أوكرانيا، وسياسة الدولة الأوكرانية التي تعتبر التعليم رسالة وواجب إنساني ، وليس عملية ربحية واحتكار ومتاجرة بمستقبل الطلاب والوطن .
لم يكن التعليم سابقاً متاحاً لأبناء الفقراء والطبقة الوسطى في لبنان، ويبدو أن تعليمهم أزعج الأغنياء الذين أصبح أبناؤهم في الصفوف الخلفية على مقاعد الدراسة، بعد أن تفوّق أبناء الفقراء عليهم، فعمدوا إلى احتكار التعليم، عبر عدم منح التراخيص لجامعات جديدة، ورفع جنوني للأقساط ، لطرد أبناء الفقراء من الجامعات.
لقد وجّهت الجامعة الأمريكية طعنة إلى طلابها في وسط العام الدراسي، لتدفعهم إلى مواجهة المصرف المركزي والنواب، وكل هدفها من وراء ذلك تحقيق مزيد من الأرباح .
هل يستحق القيمون على هذه الجامعة بعد هذا القرار الصلف اللإنساني واللاتربوي أي تقدير أو احترام ؟.
هؤلاء بالأمس كانوا يصفقون، وهم يبيعون شهادة دكتوراه فخرية لرئيس جمعية المصارف، وهؤلاء يفهمون فقط بلغة المال والسمسرة، ولا يستحقون سوى اللعنة ، ويجب إبعادهم عن أي صرح تربوي، لأنهم سيعلّمون الفساد والمتاجرة للطلاب، بدل الإنسانية والأخلاق.
كفى احتكاراً للتعليم في لبنان، وكفى جعل التربية عملاً تجارياً، وعلى الدولة أن تردّ بمنح مزيد من التراخيص، لفتح جامعات جديدة في كل المناطق اللبنانية. فنهوض لبنان رهن بإصلاح التربية والتعليم، وتحرير هذا القطاع من براثن أصحاب المدارس والجامعات الخاصة، لأنهم سماسرة وتجّار، يأخذون الطلاب والوطن رهينة غاياتهم ومصالحهم الخاصة .