تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
مشهدٌ واحدٌ كافٍ، مدينةٌ ممزّقةٌ ومدمّرةٌ... بعضُ بيوتها المتداعيةِ تغطيها لفافاتٌ من النايلونِ والكرتون اتقاءً للشتاءِ فيما الابنيةُ الاخرى بلا سقوفٍ ولا نايلون ولا شيءَ يحمي من الشتاءِ المنهمرِ ولو متأخراً... بركاتُ السماءِ تحلُّ للأسفِ وكأنها لعناتٌ على الناسِ الذين صاروا بلا سقفٍ ولا مأوى، ناسٌ شرّدتهم دولتهم وتركتهم من دونِ ان تسألَ عنهم...
***
بالآلافِ يبدو الناسُ مشرّدينَ فيما الدولةُ المتداعيةُ كما البيوتُ، تتلهى كيف تتقاسمُ ما تبقى من فُتاتِ الدولةِ من خلالِ توزيعِ مغانمِ الحقائبِ الوزارية...
أليسَ هذا موتاً بحدِّ ذاتهِ في الدولةِ الفاشلةِ؟
ماذا بقي لنعلنَ انهيارَ الدولةِ؟
في بلدٍ منهارٍ... لا حكومةَ.. حكومةُ تصريفِ الاعمالِ تبدو وكأنها "تُصفّي" التركةَ وحسان دياب يبدو وكيلَ التفليسةِ مع مجموعةِ معاونيه الذين يعيثُ الفسادُ والجهلُ في مضاربِ وزاراتهم..
***
مَن يسألُ عن الناس؟
لا احد... رئيسُ الحكومةِ المكلّفُ لا يبدو مستعجلاً على الانقاذِ، ربما بانتظارِ نفحاتِ التغييرِ القادمِ بإعتقادهِ من اميركا، وتبلورِ ازمةِ ماكرون الداخلية وهي لم تبدأ بعد....
اما مجلس النوابُ فيعملُ على "القطعةِ" تبعاً لمتطلباتِ المصالح التي تفرضها القوى السياسيةُ المتصارعةُ.
مَن يسألُ عن الناس ومصالحها؟
كورونا تحصدُ العشراتِ من الضحايا وتبدو السلطةُ عاجزةً عن فرضِ أسرَّةٍ اضافيةٍ على المستشفياتِ العاجزةِ بدورها عن الاستقبالِ وعن الطبابةِ وعن الدفعِ بالدولار، والغارقةِ بالديون مع الدولةِ ومع الجهاتِ الضامنة.
***
الكهرباءُ حدّثْ ولا حرجْ...
رئيسُ مؤسسةِ كهرباء لبنان يعملُ من "كاراجِ" المؤسسة وهو الوحيدُ المتبقي في المبنى الذي دمّره انفجارُ المرفأ ودمّرَ معه ما تبقى من مشاريع للكهرباء المؤجلةِ حتى اشعارٍ آخر...
الجامعةُ اللبنانيةُ تنبعثُ منها روائحُ الفسادِ والفضائحِ يوماً بعد يوم وامتحاناتها معلّقةٌ وغيرُ معلّقةٍ وآخرُ الفضائحِ ادخالُ وزيرينِ الى الملاك فيما اساتذةٌ ينتظرونَ سنواتٍ ولا يضمّهم الملاك.
اما اذا وصلتَ الى وزيرِ التربيةِ المستقيل فحدِّثْ ولا حرجْ عن "جنونِ العظمةِ" وعن القراراتِ المتسرِّعةِ المتخذةِ فيما التعليمُ عن بعدٍ وبالطريقةِ التي يُدارُ فيها سيقضي على آخرِ أملٍ لمستقبلِ لبنان؟
***
مَن يسألُ عن الناس؟
فضائحُ النفاياتِ التي تنتظرُ حلولاً ابعدَ من التكديسِ والطمرِ وتأجيلِ الازمات....
مَن يسألُ عن الناس في دولةِ الفشلِ حيثُ يستيقظ اللبنانيون كل يومٍ على تدابيرَ ماليةٍ جديدةٍ تُغرقهم اكثرَ في الذلِّ وفي "البهدلةِ" على ابوابِ المصارف، وهم صاروا غارقينَ في خمسةِ اسعارٍ للدولار وربما سنصبح قريباً في خمسةِ اسعارٍ لليرة.
***
مَن يسألُ عن الناس ويجيبُ على اسئلتهم لماذا وصلنا الى هنا؟
ماذا نقولُ غداً لاطفالنا ولأحفادنا؟
ماذا نخبرهم عن بلدٍ عشنا فيهِ وكأننا في الجنةِ فاذا بمجموعةٍ تعتريها مئاتُ النعوتِ التي لا نذكرها لأدبِ اللياقةِ، وهي التي حكمت البلد وحولته الى جحيمٍ؟
***
لا تستعجلوا لتشكيلِ حكومة.. انتظروا حتى يغادرَ آخر شابٍ وشابةٍ، وحتى يموتَ آخرُ فقيرٍ جوعاً.
وحتى نختنقَ بالتسمّمِ والتلوّثِ والنفاياتِ، ونغرقَ في العتمةِ الشاملةِ ونشربَ المياهَ الآسنةَ..حتى تستفيقوا..
لم نعد نصدَّقُ سيناريوهاتِ الاصلاحِ التي تتحدثونَ عنها...
كلُّكمْ فشِلْتمْ ولم يبق للناسِ غيرُ الصلاةِ.
إترُكونا نموتُ بصمتٍ .... ومؤمنينَ!.