تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
عظيمٌ الجو التفاؤلي، وعظيمٌ هذا "التراجعُ التكتيكي" لسعرِ الدولار، وعظيمٌ هذا الحنانُ المستجدُّ بين زعماءِ الطوائفِ، ولكن، أين سيتمُ تصريفُهُ؟
تتحدثون عن حكومةِ المنِّ والسلوى التي "ستُخرِجُ الزيرَ من البير"، فيزدهرُ الاقتصادُ فجأةً، ويعودُ العزُّ إلى الليرةِ، وتعود الثقة بالبلدِ وكأن شيئاً لم يكن…
يقولون بالفرنسية "C'est trop beau pour être vrai"، أي إن الامرَ مستهجنٌ إلى حدٍّ يصعبُ التصديقُ أنه صحيحٌ. وهذه المقولةُ تنطبقُ هنا تماماً.
ربما تقولون إننا شعبٌ لبنانيٌ ، نكدٌ، متشائمٌ، وأن علينا أن نصدّقَ وعودكم هذه المرّة.
عظيمٌ وامرنا للهِ تعالى، سنصدِّقكم، ولكن، إذا أجبتم على بعضِ المواضيعِ الاساسية.
***
نسألكم مثلاً، يا دولة الرئيس الحريري،
هل ستشكّلون الحكومةَ في منأى عن كلِ الأحزابِ التي نخرتِ الدولةَ كالسّوس، كذلك كل المفاصلِ حتى اهترأت وسقطت؟
نحن الشعبُ اللبنانيُ نسمعُ منكم أنكم ستؤلفونَ حكومةً من الاختصاصيين.
وزعماءُ الطوائفُ والأحزابِ سيختارون ، "على ذوقهم"، الوزراء الذين ستطلقون عليهم تسميةَ "اختصاصيين"، سبحان اللهِ كما حصل تماماً بحكومة د. حسان دياب .
فَنِعمَ اولئك الاختصاصيين...
***
كم من الجدرانِ دخل فيها "الاختصاصيون" و"البروفسورية" الأشاوس الذين جاؤوا "مرفوعي الراسِ" إلى حكومةِ دياب ولم يعرفوا من أي بابٍ يخرجون؟
أي خطةٍ ماليةٍ تجرأوا على المسِّ بها!
وأيُ تدقيقٍ جنائيٍ في جريمةِ العصر بانفجارِ المرفأ وتدميرِ العاصمة بيروت في 4 آب ظهر حتى اليوم ولا تزالُ حكومةُ حسان دياب تُصرف اعمالها ،
هل مسّوا بالكهرباء او بالاتصالات او سواهما،
حتى "الكورونا" كَبُرتْ برعايتهم، وحتى في قراراتِ الحجرِ والإقفالِ ضاعوا، وغرقوا في "الكشتبان".
***
أخبِرونا يا دولةَ الرئيس المكلف سعد الحريري: مِن أين سيبدأُ إصلاحكم؟
هل ستحاسبونَ مُقترِحَ القرارَ الكارثي بسلسلةِ الرتبِ والرواتبِ التي قدَّروا أكلافها بــ 800 مليون دولار فجاءت الوقائعُ أضعافاً مضاعفةً؟
هل ستقفلون "مزرابَ" الهدرِ في ميزانيةِ الدولة،
وهل ستسْتقْوونَ على "المحاسيبِ" الذين يناهز عددهم 200 الف موظف مدعومٍ لا عمل لهم ؟
وماذا عن الملياراتِ التي هُرِّبت وتُهرَّب، وعن الملياراتِ التي تُهدَرُ تحت أشكالِ المِنَحِ والإكرامياتِ والإجازات؟
وماذا عن الموازناتِ التي يتقاضاها النوابُ وسُلالاتهم، على مدى الدهرِ، من عرقِ الشعبِ برمتهِ ؟
ناهيكم عن الفِ مزرابٍ ومزرابٍ، ولا ميزانيةَ اي دولةٍ بتروليةٍ تستطيعُ ان تقومَ بدون الاصلاحاتِ الجذريةِ.
***
هناك مصادرُ تقول أن المطلوب حكومة "كيفما كان كان" لأن الظروفَ الإقليمية والدوليةَ تقتضي ذلك.
فهل يعني هذا أن الحكومةَ ستكونُ حكومةَ الظروفِ الخارجيةِ، لا حكومةَ إنقاذٍ واصلاحاتٍ جذريةٍ ترفعُ من شأنِ وطننا من رتبةِ جهنم الى رتبةِ سطحِ جهنم؟
ماذا سينفعنا أن نُرضي العالمَ كلّهُ وننسى شعبنا؟
ماذا سيجني الشعبُ بأكملهِ من مفاوضاتٍ مستقبليةٍ تأخذُ اشهراً؟
وهل سيجدُ أولادنا مستقبلهم بالرهانِ على ترامب أو بايدن؟
وماذا سيقدِّمُ خبراءُ التحليلِ الجيوسياسي لشبابنا المهرْولينَ على أبوابِ السفارات، سعياً إلى تأشيرةٍ تقودُ إلى مستقبلٍ آمن؟
***
صدِّقوا ولو مرةً دولةَ الرئيس المكلف، ما يقولُ الشعبُ اللبنانيُ.
لم نعد نتحمَّلُ كثيراً من التفاؤلِ كي لا تأتينا الصدماتُ القاضيةُ.
فعلاً إطعامُ عقولِ الشعبِ "بالحلاوةِ" ، لقد جرْبوا بما لم يُجربْ أيُ شعبٍ الا في القرونِ الوسطى.
***
الشعبُ يريدُ الصراحةَ والشفافيةَ،
وليس جرعاتِ تفاؤلٍ مبهمةٍ لينزلَ سعر الدولار من حيث لا ندري، لا بعلمِ الحسابِ ولا بعلمِ الاقتصاد، بل إن نزل منسوبُ التفاؤلِ حتماً سيعودُ سعرُ صرفِ الدولار الى اكثر ما كان عليه قبل تكليفكم.
بالخلاصةِ.. من واجبِنا ان نكتبَ للرأي العام:هل منسوبُ التفاؤلِ يرتفعُ بحذرٍ؟