تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"
سباق محموم ومحمود نهاية هذا الأسبوع، بين الاتصالات اللبنانية المدعومة بجهود فرنسية، وبين تآكل المهلة الماكرونية غير المعلنة، من أجل بلوغ هدف تأليف الحكومة اللبنانية الموعودة في اليومين أو الثلاثة المقبلة. في وقت تقترب استحقاقات إقليمية ودولية مؤثرة في لبنان، وهي مبهمة في توقع نتائجها الآن، وإنما هي معلومة التوقيت العام على ساعة الإنتخابات الرئاسية الأميركية المحددة بعد شهرين من الآن.
معلومات أفادت أن الرئيس الفرنسي متمسك بمبادرته ولن يسحبها، ومع عتب فرنسي على الأفرقاءاللبنانين لعدم التزامهم تعهداتهم في أول أيلول.
معلومات أخرى أشارت إلى ظهور دخول روسي فرعي على خطوط محلية- إقليميية، في إطار المواكبة الإيجابية لمسار الاتصالات الرامية إلى تحقيق تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة، بعد تخفيف ثقل العقد أمام التأليف.
ومن هنا يتبدى أن الأمر أبعد من تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المالية في الحكومة المنشودة المكلف الدكتور مصطفى أديب تأليفها. ولعل من دلائل الإصرار أو الحرص الفرنسي على إنجاح المسار ومراكمة الأجواء الملائمة، هو ما صدر عن الخارجية الفرنسية "بأن لا دليل على وجود مخابئ نيترات متفجرات لحزب الله في فرنسا".
في أي حال، اللبنانيون الذين يقبعون الآن في اسوأ حال منذ قيام لبنان الكبير قبل مئة عام، عيونهم شاخصة نحو نافذة رجاء يأملون أن يتصاعد منها دخان أبيض، مبشرا بتأليف الحكومة قريبا، فيما هم يتوجسون من دخول المجهول العابق بالدخان الأسود، المتنوعِ المصادر والمسببات، لا سمح الله.
رؤساء الحكومة السابقون التقوا في "بيت الوسط"، وحضوا الرئيس المكلف مصطفى أديب على التمسك بصلاحياته لجهة تأليف الحكومة، والتشاور مع رئيس الجمهورية، وتحت سقف الدستور.
أوساط مطلعة لفتت إلى تشاور واتصالات كثيفة قائمة وبعيدة من الإعلان على محور القصر الجمهوري في بعبدا، إضافة إلى اتصالات عبر دوائر أخرى أبرزها عين التينة، وفي وقت التواصل مستمر من حين لآخر بين باريس وبيروت.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
لا اختراقات في الجدار الحكومي، ما يبقي ملف التأليف عالقا في عنق الزجاجة، بقوة نأي المعطلين عن دائرة الواقعية، وركوبهم منحى تفرديا لا يقبله أحد.
وإذا كان ثمة لا جديد تحت شمس التأليف، فإن الأمل يظل معلقا على حبال أعجوبة ما، في وقت ما. كما يظل الرهان قائما على المبادرة الفرنسية، التي سجلت في الساعات الأخيرة حضورا لافتا، سواء عبر ديبلوماسية الهواتف أو عبر بيانات رسمية. أحدث هذه البيانات صدر عن وزارة الخارجية الفرنسية، التي جددت حض القوى السياسية اللبنانية على تشكيل حكومة برئاسة مصطفى أديب من دون تأخير.
فهل يأخذ المعرقلون بهذه الدعوة؟، وهل ينتبهون ويتنبهون إلى رسالة عين التينة بالأمس للواقفين عند عناوين كالمثالثة والمرابعة: تفضلوا إلى الدولة المدنية؟.
في المواقف المحلية اليوم، إثارة متجددة للصلاحيات كررها رؤساء الحكومات السابقون، مشددين على تمسك الرئيس المكلف بها كاملة. أما "التيار الحر" فكان يبتدع فكرة توزيع الوزارات السيادية على الطوائف الأقل عددا.
بانتظار انتشال ملف التأليف الحكومي من مراوحته، يواصل ملف كورونا حراكه التصاعدي، استنادا إلى أرقام قياسية جديدة بلغت ثماني عشرة حالة وفاة وسبعمئة وخمسين إصابة خلال يوم واحد. ومن هنا جاءت تحذيرات مراجع حكومية وصحية وطبية، من أن أمامنا أوقاتا صعبة، ولكن الأمل يظل معلقا على التزام سلوك أهلي وقائي.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
إنها الدولة الباحثة عن أبنائها الغرقى في بحر الموت وهم يحاولون الهروب من بحار الأزمات، فما كان لها إلا انتظار البحر الذي يعود بجثثهم واحدا تلو الآخر، لتنتشلهم وتوزعهم على ذويهم، فيتجدد الحزن غير المنقطع أصلا، لا سيما في طرابلس، المصطفة على شاطئ المتوسط، تنتظر ولو بصيص أمل.
إلى عمق الكارثة ينظر اللبنانيون وهم يسيرون مع جائحة كورونا، ورغم أن الأرقام باتت مخيفة من حيث عدد المصابين وحتى الوفيات، فإنه لا وفاء بالوعود، لا من السلطات بفرض الضوابط المطلوبة، ولا من المواطن المتفلت من كل التزام، ما ينذر بإغراق البلد بموجة مخيفة من الإصابات، وستكون عندها وزارة الصحة والقطاع الطبي عاجزين عن الإنقاذ.
أما الحكومة الغارقة في بحر النكد، المحبوسة لدى حيتان السياسة، فما زالت كل فرق الإنقاذ عاجزة عن انتشالها، والمؤسف أن هؤلاء المتعنتين- وككل مرة- يعاودون الأسلوب المفلس نفسه من التعالي والعناد، ويتوقعون نتائج مغايرة.
لا تغيير في المشهد الحكومي إذا مع تآكل المهل، سوى أن الفرنسي زاد من أسفه، ودعوته القوى اللبنانية للاضطلاع بمسؤولياتها والإسراع في تشكيل حكومة تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات والوفاء بتطلعات الشعب اللبناني. أما التطلع إلى الحل فسهل إن قرر رؤساء الحكومات السابقون التخلي عن الآحادية والاستئثار، والعودة إلى الشراكة الوطنية، وإلى المنطق والأعراف بل المواثيق السياسية، فيفرجون عن الحكومة ورئيسها، وبالتالي يكون من وراءهم- أي الأميركي- قد أفرج عن المبادرة الفرنسية.
أما ما أفرجت عنه الصحافة العبرية، فيظهر واقع الأزمة وموقعها الحقيقي الذي هو أبعد من مداورة أو شكل حكومة، فالمهمة المطلوبة من لبنان مع حديث موقع "والاه" العبري عن ضغط أميركي لتنفيذها، هي إقامة مفاوضات مباشرة بين اللبنانيين والإسرائيليين حول الحدود البحرية. ولتبحر مخيلة المحللين في هذا الخبر الذي يشير لأوهام بعض اللبنانيين، المصرين على البقاء في دوامة الخيبات.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
عشية أسبوع جديد يؤمل معه أن تثمر الجهود الفرنسية واللبنانية تشكيل حكومة جديدة تبدأ العمل لانتشال البلاد من مستنقع السنوات الثلاثين، يمكن اختصار المشهد المحلي على الشكل الآتي:
قوى الحراك على تشتتها: لا مشروع بل مشاريع، ولا هدف بل أهداف.
حزب "الكتائب" خارج المعادلة، إلى درجة أن رئيسه سامي الجميل وجد ما يكفي من الوقت لل"كزدرة" والتقاط الصور، في مشاهد تناقلتها مواقع التواصل.
وفيما الرؤية مشوشة لدى "المردة"، "القوات" التي اعتقدت أن تفاهم معراب أسداها خدمة تاريخية في تلميع الصورة، تمضي وقتها في إصدار المواقف الإعلامية والمذكرات الداخلية، الهادفة إلى لملمة ما لحق بها من ضرر بفعل أخطائها المتكررة، التي لم تبدأ بالوصف المسيء لرئيس الجمهورية الذي كرره أحد نوابها، ولا تنتهي بالعراضات ذات الطابع الميليشيوي، وبينها الاعتداء على المقر العام ل" التيار الوطني الحر " في ميرنا الشالوحي الذي حسم تفاصيله بوضوح بيان قيادة الجيش.
ثنائي "أمل"- " حزب الله " يتهم تجمع رؤساء الحكومة السابقين باستغلال الجو الدولي لاقتناص وزارة المال، ورؤساء الحكومة السابقون وتيار "المستقبل" يحضون رئيس الحكومة المكلف على التمسك بصلاحياته لجهة تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وتحت سقف القواعد المنصوص عنها في الدستور، وفق ما جاء في بيانهم اليوم.
الحزب "الاشتراكي" بشخص رئيسه وليد جنبلاط يزايد بالحرص على المبادرة الفرنسية، من دون أن يفهم الناس سبب الهجوم المتقطع الذي يشنه على من يشاركه الحرص نفسه.
أما "التيار الوطني الحر"، فأكد على لسان هيئته السياسية اليوم، مواصلته عن اقتناع، دوره المسهل والإيجابي، محذرا من أن يفهم أي طرف هذا التسهيل على غير معناه أو يظنه نوعا من الضعف، ف"التيار" يساهم في الحل من موقع قوته الشعبية وشرعيته النيابية، وهو ليس مستعدا أبدا لإلغاء ذاته سياسيا، ولن يسمح بأي اعتداء على المنتسبين إليه أو المناصرين له أو على مقراته، وسيقوم بالرد المناسب على كل حالة.
وأكدت الهيئة أن "التيار" يقدم النصائح، وهو لم يضع أي شرط وليس له أي مطلب، لكنه يرفض اعتبار أي تسهيل من قبله كأنه تكريس لأي عرف يطوب أي وزارة لأي طائفة أو فريق، لا بل يقترح في هذا المجال القيام بتجربة توزيع الوزارات المعروفة بالسيادية على الطوائف الأقل عددا، وبالتحديد على الدروز والعلويين والأرمن والأقليات المسيحية.
وفي موقف حاسم، رفضت الهيئة السياسية في "التيار" أن تقوم أي جهة بفرض توقيعها على اللبنانيين من خارج الدستور والأعراف والأصول، أو أن تفرض أي جهة أخرى على اللبنانيين تسمية جميع الوزراء في الحكومة فيما هي لا تمتلك أكثرية نيابية ولا أكثرية ميثاقية.
وخلصت الهيئة إلى أنه مع تنازل "التيار" عن أي مطلب، وقيامه بتسهيل تشكيل الحكومة حفاظا على فرصة الإنقاذ المالي والاقتصادي المتوفرة للبنان، إلا أنه لا يخضع لأي ضغوط خارجية ولا للتهديد بعقوبات بل لرغبة اللبنانيين بالتقاط فرصة الإنقاذ، ومع ذلك فإنه لن يقبل بتسلط فريق واحد على كل اللبنانيين مهما بلغت قوته أو مهما بلغ استقواؤه بالخارج.
إن "التيار" وإن تنازل عن دوره في تشكيل الحكومة، ختم بيان هيئته السياسية، فهو لن يقبل بعدم التساوي بين اللبنانيين، كما لن يقبل بتخطي شراكة رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة، ولن يقبل بأن يفرض عليه بحجة الوضع الضاغط ما لم يقبل به تحت ضغوط الأمن والسياسة.
******************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
كيف ولماذا تحول الثنائي الشيعي خصما لمعظم اللبنانيين؟، بل كيف تحول الثنائي المذكور عقبة أمام المحاولة الأخيرة، ربما، لاستعادة لبنان عافيته وازدهاره؟.
السبب بسيط، فاللبنانيون اليوم يئنون تحت وطأة الفقر والعوز، فيما الثنائي الشيعي لا يبالي إلا بتكريس نيله التوقيع الثالث. اللبنانيون يهربون من بلدهم ولو بعبارات الموت في الشمال، فيما الثنائي الشيعي يتصرف بطريقة يمكن أن تؤدي بلبنان إلى الموت اليومي البطيء. اللبنانيون سئموا من كل شيء وكفروا بكل شيء ويئسوا من كل شيء، أما الثنائي الشيعي فلا يسأم ولا يكفر ولا ييأس بل يواصل معاركه العبثية ولو على حساب حاضر اللبنانيين ومستقبلهم.
ترى، ألا يدري هذا الثنائي أنه يتحمل مسؤولية عن الحالة المأسوية التي وصل إليها اللبنانيون؟، فكيف يحق له أن يتحدى معظم اللبنانيين، وأن يخالف توجهات المجتمعين العربي والإقليمي بالوصول إلى حكومة انقاذ؟.
كلنا نتذكر ما حصل عندما جاء الرئيس الفرنسي إلى لبنان، واجتمع بالمسؤولين والزعماء في قصر الصنوبر. فهو عندما طرح مبادرة وتصورا للحكومة لم يرتفع صوت واحد معترض. لقد قال بحكومة اختصاصيين مستقلة غير معينة من سياسيين، لا شروط مسبقة ولا امتيازات فيها لأحد. والجميع يذكر أن الثنائي الشيعي وافق يومها على طرح ماكرون، فلماذا غير رأيه بعدها؟، هل لأن مصلحة إيران فوق كل اعتبار، أم لأن الثنائي يخاف أن يدخل أحد سواه إلى مغارة وزارة المالية فيكشف المستور فيها ويفضح السرقات، فيعرف عندها اللبنانيون والمجتمعان العربي والدولي من ساهم في سرقة أموالهم وفي استباحة مدخراتهم وفي تحويلهم متسولين وجائعين في بلدهم؟.
أكثر من ذلك: ان الثنائي الشيعي بمحاولته إسقاط المبادرة الفرنسية يسعى إلى اسقاط ما تبقى من النظام المالي اللبناني. فالرئيس نبيه بري هو الذي ضغط على حكومة حسان دياب لتقرر عدم دفع سندات ال"يوروبند"، فوقعنا في المحظور. هكذا ألغت المصارف العالمية كل التسهيلات التي كانت ممنوحة للمصارف اللبنانية، وانخفض التصنيف الائتماني للبنان، وتوقف ضخ الدولار في السوق اللبنانية، ولم يعد أمام المصرف المركزي سوى صرف الاحتياطي الموجود لديه لتأمين الحاجات الأساسية. وتدخل الثنائي الشيعي مجددا ليغطي شراء وتهريب سلع أساسية مدعومة إلى سوريا، ما رفع سعر صرف الدولار إلى أكثر من تسعة آلاف ليرة.
واليوم، ان استمرار الثنائي الشيعي في سياسته السلبية عبر محاولته إسقاط المبادرة الفرنسية، سيؤدي إلى كوارث متلاحقة على صعيد الغذاء والدواء والفيول والكهرباء، وستدخل البلاد في حالة من الفوضى يتحمل الثنائي المسؤولية الأساسية عنها. فهل هذا ما تريده إيران ودول الصمود والتصدي والممانعة؟.
إن مطلب الناس من الرئيس الفرنسي ومن رئيس الحكومة معاكس لما يطلبه الثنائي منه. فالرئيس ماكرون وأديب مدعوان إلى عدم الرضوخ لمطلب الثنائي، وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين غير تابعين لسياسيين، ليصبح في الإمكان إجراء تدقيق جنائي فوري في كل الوزارات، وعلى رأسها وزارة المال لكشف الحقائق السوداء. وإذا لم يتحقق ذلك فإن الحكومة المقبلة ستكون كالحكومة الحالية وكالحكومات السابقة، أي حكومات تنال ثقة مجلس النواب وتفقد في نفس الوقت ثقة الشعب وثقة المجتمعين العربي والدولي. فهل بحكومة فاقدة الثقة نعيد بناء لبنان؟.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"
ظاهريا، الجميع أطفأوا محركاتهم في ما يتعلق بعملية تأليف الحكومة، إذ لم يعد من زوايا لتدويرها، خصوصا أن الجميع على مواقفهم ولا أحد منهم أبدى استعداده للتعديل قيد أنملة: رؤساء الحكومات السابقون حضوا الرئيس المكلف على "التمسك بصلاحياته كاملة لجهة تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، بالتشاور مع فخامة الرئيس وتحت سقف القواعد المنصوص عليها في الدستور". موقف رؤساء الحكومات تحدث عن نصوص الدستور، ولم يتحدث عن أعراف أو محاضر الطائف التي يتسلح بها "حزب الله" وحركة "أمل".
"التيار الوطني الحر" رفض أن تقوم أي جهة بفرض توقيعها على اللبنانيين من خارج الدستور والأعراف والأصول. هكذا، ومثلما غمز من قناة الحزب والحركة، كذلك غمز من قناة تيار "المستقبل" ورؤساء الحكومات السابقين، لجهة أن تفرض جهة على اللبنانيين تسمية جميع الوزراء في الحكومة، فيما هي لا تمتلك أكثرية نيابية ولا أكثرية ميثاقية.
إذا، الجميع على سلاحه، سلاح الموقف. فمن القادر على إحداث الخرق في جدار المأزق؟. بالتأكيد لم يعد هناك أي طرف داخلي قادر على القيام بهذا الدور.
خارجيا، فرنسا، عرابة عملية التكليف والتأليف، أفرغت ما في جعبتها من مقترحات، ومخارج لتكتشف أن ما يجري في لبنان ليس مسألة تشكيل حكومة بل "ترسيم حدود صلاحيات الطوائف والمذاهب"، وعملية الترسيم هذه، إذا أنجزت اليوم، فإن مقاييسها هي التي ستعتمد في المراحل المقبلة عند تشكيل الحكومات.
والمأزق الأكبر أن الجميع رفعوا سقوفهم، وأي خفض لهذه السقوف يمكن اعتباره هزيمة لا يتحملها أحد في ظل الأوضاع الراهنة، حيث الرأي العام في المرصاد، للمحاسبة.
وإذا كانت فرنسا أفرغت ما في جعبتها من مقترحات، فماذا عن الدول الفاعلة الأخرى؟. واشنطن تراقب أين أصبحت مبادرة حليفتها باريس، لكن أولوياتها في مكان آخر: العقوبات والتطبيع كأوراق ثمينة في معركة الانتخابات الأميركية. وما يبعد واشنطن أيضا عن المشهد اللبناني أنها غير مرتاحة كليا إلى الأداء الفرنسي الذي وصف ب"المساير" من أجل تمرير التشكيلة والقول إنها حققت إنجازا. أما المملكة العربية السعودية فإنها على موقفها اللامبالي لأن لها ملاحظاتها على كيفية التحكم بمفاصل البلد من خارج الآلية الدستورية. هكذا حتى الساعة، فإن باريس هي التي تقلع شوك العقبات بيديها ولا أحد معها.
وفي انتظار حلحلة لا يعرف كيف ستأتي ومتى، فإن البلد يرزح تحت ملفات إنسانية وصحية تتفاقم يوما بعد يوم. فعداد كورونا يكاد يلامس الثمانمئة إصابة، بحيث سجل اليوم 779 إصابة.
البداية من أحد هذه الملفات، من عبارة الموت التي لم تصل إلى قبرص، بل أعادت الذين حاولوا الهجرة... ضحايا.
*****************
* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
هو أصغر الضحايا العائدين من بحر أسود يتوسطه الموت. عاد على جناح موجة حملته من حيث غفا بين مياه إقليمية غير دافئة أوصلته إلى ساحل البترون. محمد ابن العشرين شهرا، اللبناني والصورة طبق الأصل عن إيلان السوري، نزح مع أسرته من عتمة العيش بين أغنى أغنياء طرابلس وضواحيها، باتجاه الضوء، فقضى من جوع ومن عطش لقطرة حليب استبدلته الأم بماء البحر وملحه، فعاد مكفنا، لا لذنب إلا أنه ولد في بلد أصدر فيه ساسته حكما مبرما على فقرائه: نحن من ورائكم والبحر أمامكم لهروب مميت.
منهم من اختار الموت بقفزة واحدة لأنها أرحم من الموت كل يوم. ومن لم يقض على أبواب المستشفيات وعلى أوتوسترادات خطف الأرواح أو برصاص طائش، سبقهم بانفجار أراده فساد السلطة الحاكمة أقصر الطرق إلى الأبدية.
وعلى المداورة اليومية في الموت، يتحصن أهل السلطة بميثاقية غب الطلب. يتناحرون على وزارة من هنا، وتوقيع ثالث من هناك خرقا للدستور. ومن باب التعنت السياسي دخل الملف الحكومي في مرحلة جمود، خرقتها "هوبرة" رؤساء الحكومات السابقين، وبيانات لزوم ما لا يلزم، معطوفة على "إلا" الشرطية التي استخدمها "التيار الوطني الحر" ليقول إن "التيار" يواصل دوره المسهل إلا أنه ليس مستعدا أبدا لإلغاء نفسه سياسيا.
والجمود المحلي أصيب بصعقة إنعاش فرنسية، حضت فيها المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول، كل القوى اللبنانية على الاضطلاع بمسؤولياتها والموافقة من دون تأخير على التشكيلة التي رشحها مصطفى أديب لحكومة المهمة، القادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة للوفاء بتطلعات الشعب اللبناني. والأهم من الصعقة، الصفعة التي وجهتها المتحدثة الفرنسية إلى منسق وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الإرهاب ناثان سيلز، الذي اتهم "حزب الله" بأنه يقيم مخابئ ويخزن مواد كيميائية ومنها نيترات الأمونيوم في فرنسا وبلجيكا واليونان وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا منذ عام 2012، وقالت المتحدثة الفرنسية: لا دليل يشير إلى أن "حزب الله" يخزن مواد كيميائية لصنع متفجرات في فرنسا، ولا شيء ملموسا يؤكد مثل هذا الزعم.
تكلمت فرنسا باسم الاتحاد الأوروبي، وردت اتهام أميركا على أعقابه من دون شراء وقت، فهل يهدي الله الحزب فلا يعرقل المساعي الفرنسية؟، هل يسهل عملية التأليف، أم يصبح من حيث لا يدري حليفا لشيطان احتل العراق على نفس ذريعة أسلحة الدمار الشامل.
المبادرة الفرنسية ومن ورائها المجتمع الدولي وحتى العربي، هي طوق النجاة الأخير الذي يرمى للبنان لانتشاله من عنق الهاوية، وسقوطها يعني سقوط العهد قبل الوطن. بين بعبدا وعين التينة وقعت القطيعة بضربة الميثاقية، والثنائي الشيعي صار معزولا عن أي موقف إسناد، بعدما فخخ رئيس مجلس النواب نبيه بري حقيبة المالية بالميثاقية، أما المداورة فالأصح أن تبدأ من فوق أي بالرئاسات الثلاث، إذ ما أراد بري تحقيق الدولة المدنية عندئذ "المي بتكذب الغطاس".