تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في حديث لإذاعة "صوت لبنان"، أن "مشكلتنا اليوم تكمن في توجهنا الى دولة دينية تتأثر بأحداث المنطقة بعدما بات الولاء لدول خارجية أو لأشخاص وأحزاب وطوائف، في وقت كان يجب الحرص على بقاء لبنان الدولة الفاصلة بين الدين والدولة والمحافظة على ميزة لبنان التعددية والدولة المدنية التي أنشأها البطريرك الياس الحويك".
وقال: "البطريرك الياس الحويك حملنا حقيقة واحدة هي لبنان وحماية لبنان. وقد أراده دولة مختلفة كليا عن كل دول المنطقة وأراده دولة تفصل بين الدين والدولة ويتجلى ذلك بقوله لبنان طائفة واحدة إسمها لبنان وكل الطوائف الأخرى تشكل نسيجه الاجتماعي. هذه أول صيغة للبنان. أما الصيغة الثانية التي حملنا إياها هي أن يكون الولاء بالمواطنة للبنان وليس ولاء للطائفة او للدين ومشكلتنا اليوم أننا نبتعد عن الخطين وبدل فصل الدين عن الدولة وكأننا نتجه الى دولة دينية تتأثر بالمنطقة. واتعجب عندما ينادون بالدولة المدنية ولا أفهم معناها طالما عمرها مئة عام وأنشأها البطريرك الحويك وتقتضي منا الولاء للبنان في وقت بات الولاء اليوم لدول خارجية وأشخاص وأحزاب".
وردا على سؤال حول اذا ما كان هناك من ارتباط بين مذكرة البطريرك الياس الحويك الى مؤتمر الصلح والمذكرة التي اطلقها الراعي في 17 آب "الحياد الناشط"، قال البطريك الراعي: "مذكرة الحياد الناشط مكملة لمذكرة البطريرك الياس الحويك وقد ركزنا فيها على الحياد بحيث لا يكون للبنان اي ولاء لأي دولة غير لبنان ولا يستطيع الدخول بأي أحلاف سياسية وعسكرية أو أي حروب إقليمية ودولية كونه بلدا تعدديا ومركزا للحوار لا للحروب، بدليل انه عندما انحرف عن غايته عزل عن الشرق والغرب. ولذلك نشعر اليوم ان لبنان متروك لمصيره. ولولا كارثة المرفأ لما كان أحد ساعدنا. في كل الأحوال، الالتفاتة هي للشعب اللبناني وليس للدولة او للمسؤولين فيها".
وحول اذا ما أطلق المذكرة لمناسبة مئوية لبنان الكبير او نتيجة الأزمات الراهنة، قال: "مع حلول المئوية، دخلنا في عزلة بعدما أقحمنا رغما عنا في حروب ونزاعات وخلافات مخالفة للسياسية والتركيبة اللبنانية، فمنذ العام 1943 في الميثاق الوطني وفي كل بيانات الحكومات المتعاقبة منذ العام 1943 وصولا الى العام 1980، يرددون أن سياسة لبنان الخارجية هي الحياد وعدم الإنحياز ولكن وقع اتفاق القاهرة وأعطى للفلسطينيين الحق بامتلاك الأسلحة الثقيلة والحق بمحاربة اسرائيل من لبنان ثم كان الاجتياح الاسرائيلي ثم الاجتياح السوري وبعدها ولدت الميليشيات وما زلنا نعيش في هذه الدوامة وعاد لبنان الى الصفر".
وعن عظته في 5 تموز ومطالبته بـ"الحياد الايجابي" ووقوف الفاتيكان الى جانبه، قال الراعي: "الوضع في لبنان لم يعد يطاق على الإطلاق والمسؤولون السياسيون صموا آذانهم لصرخة الثورة في 17 تشرين الأول وكأنه لم يحصل أي شيء في البلد بل استمروا في مراعاة مصالحهم الخاصة ومكاسبهم وفرغوا الخزينة من المال ما أوصلنا الى مرحلة لم يعد لدينا أي ثقة بأنهم يستطيعون النهوض بالبلد. فأنا شخصيا مثل الشعب، فقدت الثقة الكلية بالمسؤولين, ولذلك رفعت الصوت وكذلك الدول الخارجية دعت لبنان الى التنبه والإسراع في تأليف حكومة وأنا اليوم أصبحت متأثرا بالثورة الحقيقية التي تحاول كل الوسائل لتنال إصغاء القيمين على الدولة ولكن تواجه بعدم الاكتراث ومن الضروري ان تسهر على عدم دس أي عناصر تخريبية في صفوفها".
وخلص الى القول: "لا يوجد إلا الحياد كحل للبنان والحياد ليس مشروع البطريرك انما هو من صميم الكيان السياسي اللبناني ومن صميم الطبيعة اللبنانية. فالحرب والنزاعات فرضت على اللبنانيين وهم أحفاد الفينيقيين الذين لم يصنعوا الحروب على مر التاريخ انما الثقافة والحضارة. ونحن اليوم نعاني من مرض الانحياز بعدما كان البلد بطبيعته حياديا".
وذكر بقول البطريرك الياس الحويك لحظة إعلان دولة لبنان الكبير وهو "أن يكون لبنان صاحب موقف حر وهذا يفترض عدم ارتباطه سياسيا وماليا".
وعن الرسالة التي يوجهها لمناسبة مئوية إعلان دولة لبنان الكبير، قال الراعي: "لو سألتني هذا السؤال قبل عظتي في الخامس من تموز كنت أجبت نريد أن نحضر لجنازة لبنان ولكن اليوم نستطيع أن نقول نحضر ولادة جديدة للبنان".