تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
نص الدستور اللبناني بشكل واضح وصريح، على صلاحيات كل من؛ رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس النيابي، والنواب، ورئيس مجلس الوزراء، في عملية تشكيل الحكومة .
نصت المادة ٥٣ من الدستور: "يُسمّي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة، يطلعه رسمياً على نتائجها."
فوفقاً للدستور يتوجب على رئيس الجمهورية عدة شروط لتشكيل الحكومة :
١- إجراء استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس الوزراء
٢- التشاور مع رئيس مجلس النواب، واطلاعه رسمياً على نتائج الإستشارات النيابية، أي إعلامه بالاسم الذي حاز أكثرية أصوات النواب، والاسماء الأخرى ايضاً، وعدد الاصوات التي نالها كل منهم. وهذا يعني أيضاً أخذ رأي رئيس المجلس، والتفاهم معه حول اسم رئيس للحكومة، خاصة إذا كان هناك أكثر من مرشح أو لم يحز أحد المرشحين على أكثرية الأصوات .
٣- لم يحدد الدستور مهلة لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة، كما لم يحدد مهلة لرئيس الوزراء لتقديم تشكيلة الحكومة لرئيس الجمهورية .
لا يجوز اعتبار عدم تحديد هذه المهل عيباً في الدستور. لأن الأصل أن رئيس الجمهورية وكذلك رئيس الحكومة حريصان على سير الحكم والمصلحة العليا للبلاد، التي لا تكتمل إلّا بوجود السلطة الإجرائية، التي أناطها الدستور بالحكومة الحائزة على ثقة المجلس النيابي، ولذلك عليهما العمل بأسرع ما يمكن لتشكيل الحكومة، وأية مماطلة ستكون تقصيراً ، وإخلالاً بالواجبات التي أناطها بهما الدستور .
أصبحت فترة تشكيل الحكومة تطول لعدة أشهر، بعد إصدار رئيس الجمهورية مرسوم تسمية رئيس لمجلس الوزراء، وذلك بسبب عدم الإتفاق، والخلافات بين القوى السياسية والكتل النيابية في البرلمان، على الحصص واسماء الوزراء. مما دفع برئيس الجمهورية إلى التمهل في إجراء الإستشارات النيابية، إفساحاً في المجال أمام تفاهمات بين القوى السياسية، على شكل الحكومة واسم رئيسها، من أجل الإسراع في التشكيل .
لقد نصت المادة ٦٤ من الدستور على أن: يُجري رئيس الوزراء المكلف استشارات نيابية لتشكيل الحكومة، ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها. مما يعني أن عليه الأتفاق مع رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية، بعد التشاور مع الكتل النيابية، لتأمين أوسع دعم لها وضمان نيلها ثقة البرلمان .
نعم أناط الدستور صلاحية تشكيل الحكومة برئيسها، لكن ليس منفرداً، بل اشترط توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم التشكيل، مما يعني أنه لا يمكن تشكيل حكومة بدون الإتفاق مع رئيس الجمهورية، كما لا يمكن أن تقوم بعملها بدون الحصول على ثقة مجلس النواب .
من الناحية القانونية، إن بدعة الإتفاق على تأليف الحكومة، أو التفاهمات بين القوى السياسية على شكل الحكومة، قبل إجراء الإستشارات النيابية الملزمة، وتسمية رئيس مجلس الوزراء، هو خرق واضح للدستور، وتجاوز لمهمة الرئيس المكلف في تشكيل حكومته .
أما من وجهة نظر سياسية، فإن البعض يرى أن عملية التشاور الذي يقودها رئيس الجمهورية، قبل الدعوة إلى استشارات نيابية، هي من باب تسهيل التشكيل، والإسراع في تأليف الحكومة .
فيما يراها فريق آخر، أنها عملية ابتزاز لرئيس الوزراء قبل تكليفه، ومن باب الضغط عليه للقبول بشروط رئيس الجمهورية، وبعض الأفرقاء السياسيين .
إن نظام لبنان الطائفي، القائم على أساس مشاركة المذاهب بشكل متناسب وعادل في الحكم، جعل رئاسة الحكومة عرفاً للطائفة السنية، أما تسمية رئيس الحكومة فهي بعد اتفاق الطائف، لم تعد بيد رئيس الجمهورية كما كانت سابقاً دون قيد أو شرط، بل أصبحت أشبه بعملية انتخاب برلماني، بحيث سيكون من شبه المستحيل تكليف رئيس للحكومة بعكس رغبة أكثرية أعضاء المجلس النيابي .
في خضم أزمة لبنان الذي يقف على شفير السقوط الكبير، ما زال بعض السياسيين يجد وقتاً للماطلة والتلهي بحسابات ضيقة، ويتمسك بجدالات دستورية لا طائل منها. وما زالت استشارات تسمية رئيس جديد للحكومة عالقة، بحجة عدم وجود النصوص على المهل في الدستور، واللبنانيون عالقون في شِباك سلطة، لا هم لها سوى مصالحها والمحاصصة، وإعادة تعويم بعض رموزها، الذين فقدوا أية ثقة شعبية، وداست عليهم أقدام الثوار .