تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
جيش من المحللين والناشطين، وآلاف المقالات والآراء، حول سبب انفجار مخزن نترات الأمونيوم في العنبر رقم ١٢ على مرفأ بيروت، تأرجحت بين ما إذا كان السبب إهمال وخطأ بشري، أم عمل إرهابي، أم قصف إسرائيلي لمخزن أسلحة وصواريخ تابع لحزب الله .
ولمعرفة حقيقة ما جرى لا بد من إيضاح بعض النقاط، خاصة من ناحية العلوم العسكرية :
١- ترتكز عملية الانفجار على سرعة احتراق المواد التي تُنتج كمية كبيرة من الغازات، حيث يؤدي ارتفاع الضغط الهائل إلى الإنفجار والتسبب بموجة عصف تدميرية .
٢- تُعتبر نترات الأمونيوم NH4NO3 من أولى المواد المتفجرة التي تم اكتشافها عام 1867، وهي تُستعمل ايضاً كسماد زراعي، ولذا يُسمح بنقلها وتداولها التجاري، وهي غير مصنّفة ضمن المرتبة 1 للمواد المتفجرة، في اللائحة الصادرة عن الأمم المتحدة. وهي من المواد التي لا تنفجر من ذاتها، بل تحتاج إلى محفز خارجي، كصاعق تفجير أو ما شابه. وعند احتراقها تُنتج غازات O2 و H2O و N2 وهذه الغازات تُحدث انفجاراً بسرعة تصل إلى ٢٧٠٠ متر في الثانية .
٣- يتم استخدام نيترات الأمونيوم في تفجيرات الانفاق والصخور والمناجم، ويمكن استخدامها كعبوات ناسفة أيضاً إلى جانب الديناميت وغيره .
٤- عام 1863 تم اكتشاف مادة TNT الشديدة الإنفجار، بحيث يمكن أن تصل سرعتها إلى 6900 م/ث مما جعلها المادة الاولى المستخدمة على الصعيد العسكري في القذائف والرؤوس المتفجرة للصواريخ .
٥- اثناء الحرب العالمية الثانية لجأت الدول المتحاربة إلى مزج مادة TNT مع مواد أخرى لزيادة قوة الانفجار، فتم اختراع السيكلونايت RDX بتركيبة 3(O2NNCH) ، وخلطه مع TNT بنسبة 40 إلى 50% ، كما تم مزجه لاحقاً مع مواد لدنة بحيث تم إنتاج مواد C1و C2 و C3و C4 المستخدمة في عمليات النسف، وأصبحت سرعة الانفجار تصل إلى حوالي 9700 م/ث .
٦- في عام 1955 بدأ استخدام نترات الأمونيوم، المستعمل في التسميد، بنسبة 94% وخلطه مع زيت الوقود بنسبة 6%، وعرف باسمANFO ، وأصبحت قوة الإنفجار أشد بنسبة 25% فشكّل مادة شديدة الإنفجار، ورخيصة نسبياً، واستعملت حركة طالبان هذه المواد لتصنيع قنابل بدائية، استخدمتها في هجماتها على القوات الأمريكية .
٧- بالرغم من إمكانية استخدام نترات الأمونيوم في التفجيرات، لكن استخدامه كمواد متفجرة في رؤوس الصواريخ والقذائف يُعتبر غير مجدي، لأن قوة انفجاره تعادل 25% من قوة انفجار نفس الكمية من مادة RDX أو الأكتوجينHMX ، ومع مشكلات إيصال الصواريخ إلى أهدافها على مسافات طويلة، فالحاجة تكون ملّحة لمواد شديدة الإنفجار، يتم وضعها في رأس الصاروخ، لتخفيف وزن الرأس القتالي قدر الإمكان .
٨- وفقاً للمعادلات العلمية العسكرية، فإن إنفجار بيروت يُقدّر بما يعادل إنفجار 687,5 طن من مادةTNT ، بينما كانت قنبلة هيروشيما بقوة 13000 طن أي، أقوى بما يقارب 19 مرة من إنفجار بيروت. كما أن قنبلة هيروشيما انفجرت على ارتفاع 600 متر ، مما سبب دماراً شاملاً لدائرة بقطر 3200 متر، أما انفجار بيروت فحدث بمخزن على سطح الأرض، مما جعل كمية من قوة العصف تذهب في البحر والقشرة الأرضية، ولهذا السبب شعر السكان بارتدادات الهزة الأرضية قبل سماع دوي الأنفجار، وهذا خفف من الأضرار بالأرواح والدمار خاصة لسكان العاصمة .
٩- أما الكلام عن وجود مخزن أسلحة وصواريخ تابع لحزب الله .
لمن لا يعرف "بور" بيروت؛ فإن العنبر رقم 12 على المرفأ، هو مخصص لتخزين المواد المتفجرة، وكان شبه مليء كما بات معلوماً ب 2750 طن من نترات الأمونيوم منذ عام 2014 .
كما يوجد على مرفأ بيروت كافة أجهزة الدولة الأمنية، وهو منطقة مفتوحة يدخلها آلاف الأشخاص يومياً، ولا يمكن إخفاء مخزن أسلحة بداخله لحزب الله، دون أن يعرف به أحد، ولن يخاطر الحزب بعمل كهذا. ورغم ما يُشاع عن سيطرة الحزب على المرفأ، وقدرته على إدخال بضائع دون رقابة أجهزة الدولة أو دفع رسوم جمركية عليها، لكن تخزين أسلحة هناك، هو شيء مختلف كلياً وغير مرجّح من وجهة نظر عسكرية .
استناداً إلى هذه المعطيات فما هي قصة صواريخ حزب الله؟ والقصف الإسرائيلي؟
يمكن طبعاً بسهولة اكتشاف ما إذا كان هناك من أثار للصواريخ في موقع الإنفجار، فعادةً تحاليل عينات الرماد والتراب تفيدنا عن نوع المواد التي انفجرت، كما إن بقايا الصواريخ لا تختفي بالكامل، سوى في الإنفجارات النووية، أمّا الصواريخ العادية فعادةً ما ينتج عنها شضايا وبقايا معدنية، يمكن تحليلها ومعرفتها بدقة .
لا شك أن سبب الإنفجار هو عامل خارجي عن النترات المخزّنة، أكان نتج عن عملية تلحيم واشتعال مفرقعات كما أفاد بعض شهود العيان، أو عن قصف صاروخي إسرائيلي استهدف المخزن كما قدّر البعض. ورغم كل تأكيدات الأجهزة العسكرية اللبنانية أن السبب خطأ بشري وإهمال، إلا أن مثل هذا الإستنتاج السريع لا يجوز، ويُضلل التحقيق ويأخذه باتجاه واحد محدد مسبقاً، ولا يُسهم في كشف الحقيقة .
لا يمكن استبعاد فرضية القصف الإسرائيلي بهذه البساطة، لمجرّد نفيها المسؤولية وعدم اعترافها بذلك، كما أن التدخل الإسرائيلي ليس بالضرورة أن يكون قصفاً بذخيرة عادية بل يمكن أن يكون بمسيرة تحمل مواد حارقة أو متفجّرة أو ذخائر، أو حتى بطريقة أُخرى. وعلينا أن لا ننسى أنه لدى إسرائيل مصلحة كبيرة جداً فيما حصل من تدمير لمرفأ بيروت .
يجب التنبّه جيداً إلى أن القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الأربعة حول قانون الحرب تمنع قصف المنشآت المدنية، مثل السدود والمطارات والمرافئ، وتُعتبر هذه جرائم حرب، وبالتالي ستحاول إسرائيل التنصل من هذا الإعتداء بكل الطرق المتاحة، فيما لو كانت هي الفاعلة .
لهذه الأسباب من المهم أن يكون هناك تحقيق شفاف، وخبراء حقيقيون، وأن لا نكتفي بتحليلات وأراء أو معلومات عامة، فهناك العديد من الأسئلة تحتاج إلى إجابات .
لماذا تمت مصادرة هذه الموادالمتفجرة رغم أنها ذاهبة إلى دولة أُخرى؟ ولصالح من؟ ولماذا تم تخزينها طوال هذه المدة خلافاً لشروط تخزين المواد الخطرة التي تفرضها الاتفاقات الدولية؟ لماذا لم يتم توزيع هذه الأسمدة على المزارعين؟ لماذا وكيف تم السكوت عن وجود هذه المواد؟
كلّها أسئلة برسم لجنة التحقيق. فهل ستجيب عليها؟ أم سنستمر في التعمية وطمس الحقائق، والقول أننا لا نحتاج إلى خبراء دوليين، كما صرّح وزير الداخلية العميد محمد فهمي. ونعتبر الإستعانة بالخبراء إهانة لنا، بدل أن نراها مساعدة جيدة، وعملاً مشروعاً يُسهم في كشف الحقيقة؟ .
- " انفجار بيروت "
- " بيروت مدينة منكوبة "