تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
اللبنانيُ لم يعد يعرفُ ان الإنترنت مازالت شغَّالةً، وان كانت بطيئةً،هل هي نعمةٌ يقدرها أم يلعنها،لأنها توفِّر عليه الكثير من المصاريف التي كان سيتحملها بالنسبة إلى بعض الأمور التي لا غنى عنها .
لو لم يكن هناك أنترنت، تصوروا كم كان اللبناني سيتكلف إذا أراد الإطلاع على الصحف والمجلات الأجنبية؟أسعارُ هذه المجلات تتراوح بين الخمسين ألف ليرة والـــ 250 ألف ليرة، يعني ان سعر أربع مجلات يساوي تقريباً راتباً شهرياً للحد الأدنى للأجور .
الإنترنت أنقذت اللبناني من هذا المصروف،لأن بإمكانه أن يطَّلع على هذه الصحف والمجلات عبر الإنترنت .
هنا الضربةُ والطامةُ الكبرى ان نقرأ عن وطننا في واحدةٍ من هذه الوسائل،وهي "دير شبيغل" الألمانية،التي نشرت تحقيقًاً مفصلاً عن الواقع اللبناني تحت عنوان :
" نهايةُ الوهمِ - الانهيارُ الحتميُ للبنان "
يُذكِّر التحقيق بأن لبنان كان "سويسرا الشرق"، لكنه اليوم يمرُ بأزمةٍ حادةٍ وبأن اقتصادهُ على طريق الانهيار، فيما يصعبُ توفرُ الكهرباء ولا رعاية طبيةً كافيةً، ويقول:"لقد فشلت الدولة".
ونضيف نحن اللبنانيين ان ما حصل من انهيارٍ هو بسبب فسادِ الفاسدين،والنهب والسرقة والتلزيمات وكل ما يوجد من فسادٍ في العالم،أصبح لبنان رقم 1 .
ويتابع التقرير:"إنه هبوطٌ هادئٌ في الفراغ. البلدُ ينفجرُ،بالكادِ تتوفرُ الكهرباء أو الديزل ولا توجدُ قطعُ غيارٍ للمولدات. المعداتُ الطبيةُ لم تعد تأتي إلى البلاد لأن المستوردين أفلسوا، وهناك نقصٌ في الأدوية .
وتنقل "دير شبيغل" عن مسؤولٌ طبي:"في غضون 14 يوماً، سنغلق كل شيء باستثناء العلاج الكيميائي وعددٍ قليلٍ من إجراءات الطوارئ". ويكشفُ إنهم لم يعودوا قادرين على الدفع لمورديهم، لأن الحكومة تدينُ للمستشفيات بملايين الدولارات صُرفت لعلاج آلاف من المضمونين من القطاع العام،ولا تدفعُ الحكومة ما هو متوجبٌ عليها، ليختمَ هذا المسؤول:"لا يمكننا الاستمرار."
***
يذكر التقرير أنه لسنوات عديدة، كان لبنانُ الاستثناء، كان واحةً من الهدوء النسبي في منطقةٍ مزقتها الحرب. وبينما غرقت سوريا المجاورة في الحرب،شهد لبنان نمواً مضطرداً للطبقة الوسطى القوية بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990. كان هناك ازدهارٌ في البناء،وساهمت الفنادقُ الفاخرةُ التي كانت تغصُ بالسياح الخليجيين في ازدهار الاقتصاد. كانت حريةُ الرأي والحياة الثقافية المزدهرة سائدةً في أكثر من أي مكانٍ آخر في المنطقة.
ومع ذلك،كان جزءٌ من الطفرة الاقتصادية مرتبطاً باستمرار بوهم العملة القوية. في نهاية عام 1997،كانت الليرةُ اللبنانيةُ مربوطةً بالدولار الأميركي،بمعدل 1 إلى 1500.
دفعتِ البنوك ما يصل إلى 10 في المائة أسعار الفائدة على الودائع وأقرضت رأس مالها للبنك المركزي مقابل معدلاتٍ أعلى - وهو الوضعُ الذي أدى إلى تعاقب الحكومات على تراكمٍ واحد من أعلى أعباء الديون السياديةِ في العالم ."
وبشكلٍ دراماتيكي، تختم " دير شبيغل " تقريرها :
" انهار النظامُ في تشرين الأول،وفجأةً، لم يعد هناك دولارات متاحة،على الأقل ليس بالسعر الرسمي.ما بدأ بانخفاضٍ غير مؤثر نسبياً في سعر الصرف سرعان ما أصبح انهياراً جليدياً،وذلك في بلدٍ يستوردُ جميع سلعهِ تقريباً. "
***
بالتأكيد لا يحتاجُ شعبُ لبنان الحضاري إلى "دير شبيغل" أو غيرها من وسائل الإعلام العالمية لمعرفةِ حقيقة ما يجري في وطنه، لكن ما يُحزِن هو أن الطبقة الفاسدة السابقة، والجديدة في غفلةٍ عما يجري،غير واعية لحقيقة المعضلة،ومَن لا يعرفُ التشخيص، كيف يُعالج؟
فكيف على سبيلِ المثال ان يتسلم المفكرُ والاديبُ امين المعلوف اللبناني الأكاديمي، الذي نال اعلى وسامٍ من الدولة الفرنسية،
زمام السلطةِ التنفيذيةِ في لبنان؟
طبعا هو ليس من الطائفةِ السنيةِ الكريمة،
بل اكاديميتهُ الحقة تمنعهُ أدبياً من تسلم أي منصبٍ،مركزٍ،او موقعٍ ليس من صميمِ اختصاصهِ الأكاديمي.
هذا رجلُ من رجالاتِ شعبِ لبنانَ الحضاري.