تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى حلول للأزمات العديدة في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، وبدأت مرحلة جديدة تطغى عليها قرقعة السلاح، والكل يستعد لفرض خياراته بالحرب .
بعد فشل قمة العشرين التي انعقدت العام الماضي في أوساوا، وكذلك القمة الأفتراضية في ظل أزمة كورونا ، ذهب الجميع إلى التصعيد والتهديد. فاصطفّت البوارج الأمريكية قبالة إيران وشرقي الصين، ونفذت مناورات عسكرية تحاكي سيناريوهات الحرب .
واندفع الجيش التركي داخل سوريا لحماية مسلحي أدلب، ومنع الجيش السوري والقوات الحليفة له من تحرير تلك المنطقة. وأبقى الجيش الأمريكي على حمايته الرمزي للأكراد شرقي الفرات، وكان سبق ذلك تعزيز القاعدة العسكرية التركية في قطر، ثم إرسال مسلحين من سوريا بدعم تركي إلى ليبيا .
لقد تم تسريب تقرير عن سعي سيباستيان غوركا، احد مساعدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تقسيم ليبيا الى ثلاث دويلات، وفقاً لما كانت عليه ايام الحكم العثماني، وهي؛ طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجنوب، ولم تنفِ الولايات المتحدة هذا الخبر .
تمكنت حكومتي طرابلس، الأنقاذ والوفاق، بمساعدة تركيا، من صد قوات حفتر وانتقلت إلى مرحلة الهجوم، وكان التدخل التركي برعاية أمريكية طبعاً، مما أثار حفيضة مصر وروسيا اللتان تدعمان حفتر .
وقف الرئيس المصري بالأمس في المنطقة الغربية، امام ارتال الدبابات والأليات الجاهزة للدفاع عن مصر ومصالحها، وأعلن صراحةً أن الجيش المصري على اهبة الاستعداد للدخول الى ليبيا اذا دعت الضرورة .
طلب الرئيس السيسي التزام الافرقاء بخط وقف النار الحالي، والبدء بالحوار لآجل إحلال السلام في ليبيا، ولكنه أرسل رسالة واضحة أنه لن يبقى مكتوف الأيدي أمام محاولة تركيا السيطرة على النفط الليبي، ولم يبقَ سوى إعطاء إشارة الأنطلاق لتقع المواجهة المباشرة على الأرض الليبية .
كما ثلاثية ليبيا وصل قانون قيصر إلى سوريا ليزيد الأمور تعقيداً، فلا تحرير لأدلب، ولا اعادة إعمار، ولا حل إِلَّا بالشروط الأمريكية، التي ترسم ثلاث دويلات، تكون منطقة شرقي الفرات الغنية بالنفط والغاز تحت الوصاية الأمريكية، فيما تكون أدلب تحت إشراف تركي، اما الباقي فيخضع للسيطرة الروسية وعلى إيران الخروج مع الميليشيات التابعة لها مقابل رفع العقوبات عنها .
تُدرك الإدارة الأمريكية انها اخطأت في ليبيا وكذلك في العراق، ولقد قال ذلك صراحة الرئيس السابق اوباما، ولذك قرر ترامب عدم التساهل مع احد. فعقوباته ستطال روسيا والصين وايران وكل من يجرؤ على تحدي سلطة امريكا العظمى ويستثمر في سوريا .
تُدرك روسيا ان عليها التفاوض مع الأمريكي للحفاظ على مصالحها ومكتسباتها، والصين ما زالت غير راغبة في حرب باردة أو حامية مع امريكا، وهي تُفضّل البحث عن الإستثمارات وتطوير الإقتصاد، لكن هذا يحتاج الى حماية الآلة العسكرية. وبناءً عليه دفعت بقواتها قبالة القوات الأمريكية، وألغت الحالة الخاصة لهونغونغ وترفض التراجع .
ليس العراق بافضل حالاً، وهو مقسّم إلى ثلاثية غير معلنة واليمن بات يستحيل توحيده اما في لبنان فالقوى السياسية ما زالت تكابر وتبحث عن مصالحها الضيقة فيما يدفع حزب الله بالأمور إلى مزيد من التصعيد أكان في مواجهة خصوم الداخل او الخارج.
ما حدث في الأيام الماضية من تحركات في بيروت وطرابلس ليس بريئاً، ويبدو أن البعض مستعد للمغامرة حتى أقصى الحدود، فلبنان الكبير هناك من يريد تقسيمه، مقابل من يريد تحويله الى قطاع غزة. وبتنا نسمع مطالبة بمؤتمر تأسيسي، وفدرالية طوائفية، فيما نحن عاجزون عن تطبيق اتفاق الطائف وما نص عليه الدستور .
إنها طبول الحرب في كل مكان، وقد تندلع في أية لحظة، فلا احد يريد التراجع، ولم يبقَ سوى خيار الهروب إلى الأمام، لتقع الحرب وتجرف معها كل شيء .