تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
في لبنان وطن الطوائف والأقليات المتعددة ، يختلف الزعماء على كل شيء، من الاستراتيجي والخارجي إلى الداخلي في أدقّ تفاصيله حتى تعينات موظف في الفئة الرابعة .
ثمةَ أمر واحد يُجمِعون عليه، وهو أننا أمام أزمة نظام وفساد أودى بالبلد إلى حافة الأنهيار والإفلاس، وبات الجميع مهدداً .
خطير جداً ما حدث السبت الفائت، ولقد تكشّف عن طيش وضغائن دفينة، وقابلية لدى عدة أطراف لتفجيرٍ غير محسوب العواقب. فهناك من يريد اختصار الطريق ويستسهل اللجؤ إلى السلاح، رغم علم الجميع أنه لا يمكن حل المشكلة بهذا الشكل، وارتفاع فاتورة دخول نفق الحرب على الجميع .
تشضّت ثورة تشرين إلى أكثر من ثلاثة وسبعين فريقاً، فبدل التركيز على الهم المعيشي ومحاربة الفساد ، أصبح البعض يريد الأنتقام، ويسعى خلف الكيدية واستغلال الثورة لتصفية حسابات طائفية وحزبية، أو للوصول إلى منصب معيّن، أو ربما يُرضيه مجرد الظهور على شاشة التلفاز والإعلام، فيُنصّب نفسه ناطقاً ومقرراً باسم الشعب اللبناني، ويتخيّل أنه أصبح قائداً فذاً ملهماً، دون أن يدري أنه سقط في رؤيا الظل الكبير الخادع للثعلب عند إشراقة شمس الصباح.
رفع البعض شعارات شكّلت مادة خلافية أسقطت الثورة والمطالب المُحقّة، فكان بدايةً شعار «كلن يعني كلن»، رغم أن هؤلاء «الكلن» يمثلون أكثرية الشعب اللبناني بغض النظر عن أسباب تعلّق كل جماعة بزعيمها أو حزبها. ثم دفع البعض وفي خِضمّ الأزمة، بشعار «نزع سلاح المقاومة»، مما أخذ الثورة إلى مكان آخر غير الذي كان يُجمع عليه اللبنانيون، فتحولت إلى مادة خلافية يرى فيها البعض أيادي وأهداف خارجية، فقُبلت بشعارات مذهبية دينية، كادت أن تُفجّر فتنة طائفية، تدفع بلبنان إلى آتون الحرب من جديد .
سارع رئيس الحزب التقدمي الأشتراكي وليد جنبلاط إلى التهدئة، إدراكاً منه لخطورة الوضع وما يُمكن أن تأول إليه الأمور، فالتقى الرئيس نبيه بري، ثم الرئيس سعد الحريري ، وكان الحديث صريحاً. وأوضحت بعض المصادر أنه تم الإتفاق على التهدئة، والتركيز على خطوات لمعالجة الأزمة الإقتصادية المتفاقمة، وتجنيب لبنان تبعات الرياح العاتية التي تعصف بالمنطقة، من ليبيا إلى العراق مروراً بلبنان وسوريا .
وقد كان لافتاً غياب رئيس الحكومة حسان دياب عن المشهد، وعدم دخوله على خط معالجة أمر بهذا الحجم، ويتعلق بالطائفة التي هو يمثّلها اليوم رسمياً في الحكم. وإذا أُضيف هذا إلى تلميحات نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي حول حكومة وحدة وطنية ، فإن الخيارات أمام لبنان أصبحت محدودة، فيما الوقت يداهم الجميع والمركب يغرق، ولن يسلم منه أحد. وربما حان الوقت للتفكير جدياً، بحكومة إنقاذ حقيقي، يلتفُّ حولها الجميع، لإنقاذ البلد وتدارك الأسوأ، خاصة على الصعيد المعيشي .