تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- الأب " جان بول خوري "
تلقيت اتصالا صباحيا مفاده، بان هناك مؤسسة عريقة القدم تريد الاقفال نهائيا لأنها لم تعد تستطيع الصمود امام هول الأزمة ، لم اندهش ابدا لا بل لم أتفاجأ قط من هذا الخبر المُحزن، لان إقفال المؤسسات بات حديث الساعة موضة سارية في أية وسيلة إعلامية كانت... الجميع تحت هول الصدمة...
اما الذي أحزنني، فهو مصير تلك التضحيات التي بذلت من اجل هذه المؤسسة، التي تضم إليها الفئات المهمشة من المجتمع، التي لم يكن لديها ملجأ تختبئ فيه ايام المحن والمصاعب، ها هي الآن ستترك لمصير غير معروف!
آه ما أقساه مشهدًا مؤلمًا عندما ستقفل الابواب في وجه البؤساء والمساكين إلى غير رجعة...
ما قاله لي المتصل، تسبب في نفسي غصة ولوعة، الغصة، اننا امام وضع لا نستطيع تغييره، ولو بجزء منه، وأما اللوعة، فهي حال المؤسسات التي ترزح تحت كاهل الازمة الاجتماعية الخانقة، وفي كلا الآمرين، كاننا امام المسيح المنازع في ليلته الاخيرة في بستان الزيتون، ما اصعب شرب هذه الكأس! يا رب لا مشيئتنا بل مشيئتك... فعندما تحولت مؤسسات اليهود إلى مسلخ لقتل البار والصديق، تحوّل المجتمع إلى سجن كبير، لا بل معقتل للحريات لا بل واكثر في الحياة... فهلّ نتجرع كأس المحنة حتى آخر نقطة؟ هلّ نبقى مع يسوع المظلوم، ام نتنصل كبطرس ونهرب كالرسل من ساعة الصليب وترهيب العالم؟ لقد حانت ساعة الصلب، حانت ساعة الموت المحتّم الذي لا مفر منه من اجل استمرار شعبنا المسكين، نعم حانت ساعة التضحيات الملموسة في سبيل بقاء العائلة المؤسسة الأولى للمجتمع، من دونها لا مجتمع ولا حياة... ساعة المؤسسة هي ساعة التضحية من اجل كل إنسان ومن اجل الوطن.... والا، لماذا المؤسسة اذا كانت تخاف من التضحية في سبيل أسس المجتمعات والاوطان؟ فما نفع مؤسسة لا تريد التضحية متعنة في ربح من هنا وربح من هناك؟ ما بال مؤسساتنا، تنعي نفسها بنفسها، ولماذا اذا هي مؤسسة، اذا لم تنشأ من اجل مواجهة التحديات ولا سيما الازمات؟ اتمنى ألا تشبه مؤسساتنا حالة العذارى الجاهلات المتكلات على الآخرين في اعانتهن بتأمين الاستمرارية لهنّ! ففي ظل هذه لازمة على كل مؤسسة ان تعود إلى تقييم ذاتها عبر النقد البناء الموضوعي، سائلة نفسها هذه الأسئلة :
١- لماذا وضعت هذه المؤسسة ما الغاية من وجودها؟
ما هي رسالتها والأهداف؟ هل تحاكي المؤسسة الواقع الذي تعيشه العائلة ؟
٢- وهل تطلعاتي المستقبلية للمؤسسة، أخذت بعين الاعتبار الأزمات المفترضة؟ ام استثمرت القدرات في فتح وبناء هياكل اسمنتية ام انني لم آخذ بعين الاعتبار التعاطي مع انهيار اقتصادي مفترض قد يشكل تهديدا على المؤسسة؟
رحماك ربي من قسوة هذه الايام وجفاء ازمانها وضراوة سنيها، علّنا نستفيق من سباتنا، فنعمل إرادتك التي كشفتها يوما للرسل عندما قلت لهم :" كل من سقى كأس ماء لاخوتي هؤلاء الصغار فقد سقاني انا"
آه، ربي، لا تسمح ان تقفل مؤسساتنا في وجه الاطفال العطاش الى البرّ ، فإن جفاء الايام لهي قاسية على كل واحد منا ، لاسيما نحن الذين اخترتهم من بين الناس ليكونوا خدام المساكين، الطف بنا يا رب لقد شبعنا هوانا وذلا، ولا تسمح ان يتيه القطيع ويفنى الصديق من بيننا...