تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
مهما حاولنا تجميل الواقع، فإن كل المحاولات تسقطُ أمام الواقع المزري الذي يتخبط فيه البلد على كل المستويات ... ولا بصيصَ في الأفق يمكن ان يجعلنا نبني على تفاؤل هو أقرب إلى سراب منه إلى واقع.
***
آخر النغمات: "عودوا إلى الزراعة " ... في القرى عظيم.... اما في المدن ، حيث ليس لدينا ارضٌ زراعية، لدينا فقط البلكون أيكفي؟
هل تُحل المشاكل عبر "مسكبة بقدونس أو نعناع أو روكا أو زعتر" أمام المنزل؟
هل نزرع بندورة وخيار ومقتي وكوسا، وننتظرُ الموسم؟
هل نغرسُ أشجار الليمون والتفاح والأكدنيا، وننتظر سنواتٍ لتبدأ الشجرةُ تُثمر؟
ثم بماذا نروي الزرع إذا كانت المياه لا تصل إلى المنازل؟
هل نشتري المياه بالصهاريج وندفع ثمن الصهريج خمسين دولاراً لنروي " كم شتلة بندوره او خيار؟
أم نروي المزروعات بالمجارير كما يفعل البعض في سهولِ الساحل وفي سهل البقاع ؟
***
بربكم أوقفوا هذه المهزلة !
مع الإحترام الكلي للكاتب العظيم جبران خليل جبران الذي كتب: " ويلٌ لأمة تأكل مما لا تزرع " فإن هذا الحل لم يعد الحلَ للقيام بكل أعباء الحياة ومسؤولياتها .
انا أعيش في الحازمية، لو زرعنا كل الحازمية بقدونس ونعنع وخس وملفوف، فإن كل المحصول لا يكفي لدفع قسطٍ مدرسيٍ في مدرسةٍ متوسطةٍ! فهل نخفف قليلاً من هذا الفولكلور؟
الزراعةُ جيدةٌ لكن مردودها لا يغطي كمصروفٍ لعائلة واحدة أكثرَ من عشرة في المئة من مجمل المصروف :
ماذا عن الأقساطِ المدرسيةِ؟
ماذا عن إشتراك الموتور؟
ماذا عن فاتورة "كهرباء الدولة"؟
ماذا عن قارورةِ الغاز؟
ماذا عن " شاريو السوبرماركت " ؟
ماذا عن البنزين للسيارة ؟
ماذا عن اشتراك الأنترنت لدرس الأولاد أونلاين ؟
ماذا عن غالونات المياه للشرب لأن مياه الدولة ليست للشرب؟
ماذا عن الأدوية؟
ماذا عن التأمين؟
كل ما سبقَ ليس من الكماليات بل من الضروريات، فهل يغطيها ثمنُ باقةِ بقدونس أو شتلةِ بندورة؟
***
لا ! ما هكذا تكون المعالجة؟
المعالجة الحقيقية ان تكون عندنا حكومةٌ قويةٌ، لتعيد الاموالُ المنهوبة من الهدرِ والفسادِ، لكن أن نقول للشعب " دَبِّر حالك" ، فهذا يعني أننا ندور في حلقةٍ مفرغة.
***
قبل ان تتحوَّل الدولة إلى خبيرٍ زراعي توزِّع الشتول، فلتراجع ما يُكتَب عن لبنان في كبرياتِ الصحف والمجلات العالمية :
مجلة " إيكونوميست "، وفي تقرير لها، اوردت " أن تراجعاً في مستوياتِ المعيشة سيحصل، نتيجة تأرجح الاقتصاد بين الركود وتدابير التقشف في المرحلة الأولى لتنفيذ الخطة الحكومية. "وسينكمش الاقتصاد اللبناني بشكلٍ كبيرٍ في الفترة ما بين 2020-2024". وستكون الرياح معاكسةً للإقتصاد اللبناني "
***
وإذا كانت الحكومة لا تقرأ التقارير العالمية ، فلتسمع الصرخات الداخلية في كل القطاعات، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، لتسمع ما يقوله المعنيون بالقطاع السياحي الذي كان في ما مضى " نفط لبنان " ، يقول المعنيون بمكاتب السياحة والسفر ، إنه في الوقت الراهن تعمل هذه المكاتب بـــ 10 في المئة من قدرتها، مما أدّى إلى صرفٍ كثيرٍ من الموظفين أو إبقاء البعض بنصفِ راتبٍ أو ربعهِ .
وبالأرقام فإن سوق السفر والسياحة في لبنان كان يقدر بـــ 750 مليون دولار في العام الماضي، وتراجع هذا العام إلى أقل من 60 مليون دولار.
ولكن ما هو أهم من السياحة، التعليم، فالكارثة الحقيقية الأتية هي نزوح الطلاب من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، فكيف ستستوعب هذه المدارس التي هي في الأصلِ متخمةٌ بالطلابِ اللبنانيين وبطلابٍ سوريين من النازحين ؟
***
هذا غيضٌ من فيض من المشاكل والتعقيدات، فلا تبسِّطوها بمسكبةِ بقدونسٍ ونعنع.
الشعبُ اللبناني يستحقُ اكثر من ذلك بكثير.
ويستحقُ اكثرَ اعادة ما نُهبَ وسُرقَ منه.