تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
في العام 1949 ، وبعد ستة اعوام على نيل لبنان استقلالهُ ، كتب الصحافي جورج نقاش مقالاً تحت عنوان:
Deux Négations ne Font pas une Nation!
أي ما ترجمتها "نفيان (أو لاءان) لا يصنعان وطناً.
وجاء هذا المقال تعبيراً عن أن الإستقلال يحتاج إلى أكثر من الشعار الذي رُفِع وهو :
لا "للشرق ولا للغرب" فانتقدَ نقاش هاتين" اللاءين " وكان عنوانه المشهور.
***
لماذا التذكير بهذا العنوان ؟
لأن لبنانَ يدخلُ مفاوضاتٍ هي من أخطر المفاوضات في تاريخهِ المعاصر، لأنها مفاوضاتٌ إما ان توصِلَ إلى وضعِ وصايةٍ على "استقلالهِ المالي والنقدي"، وإما يتمكن من المحافظة على الحد الأدنى من هذه الإستقلالية، لكنه وللأسف يدخل هذه المفاوضات بخطتين، من هنا جاء العنوان :
" خطَّتانِ لا تصنعانِ استقلالاً وإنقاذاً مالياً".
***
ما القصة؟
هناك الخطة المالية للحكومة
وهناك الخطةُ المالية لجمعية المصارف
الخطتانِ لا تصنعانِ إنقاذاً لأنهما متباينتان :
خطةُ الحكومة التي تم وضعها بين "لازار" ومستشاري رئيسي الجمهورية والحكومة ووزارة المال، تقوم فلسفتها على تحميلٍ القطاع المصرفي ( أي أصحاب المصارف والمساهمين والمودعين ) الخسائر.
وهذا ما ترفضهُ المصارف انطلاقاً من ان الخسائر تسبب بها القطاع العام أي الدولة ، فيما المصارف هي قطاع خاص، فبموجب أي منطقٍ يجري تحميلها الخسائر؟
هكذا تنطلق خطة الحكومة من فلسفة: نأخذ ممن معه وليس ممن عليهِ ان يدفع .
هذا ليس منطقَ دولةٍ، إنه منطقُ كل شيءٍ إلا دولة.
***
المصارف، في المقابل، ترفض خيارَ الحكومة خفضِ عدد المصارف الى النصف، في سابقة لم يشهدها لبنان منذ بداية الخمسينات حين تحوّل لبنان إلى مصرف العالم العربي واستقطب كل الودائع المالية العربية، وخاصة بعد حربي 1967 و1973 التي كانت تسمى بالمرحلة الذهبية في تاريخ هذا البلد، وحتى في ظل الحرب الأهلية لم تتوقف المصارف عن دفع ما يتوجب عليها للدولة اللبنانية لتبقى صامدة، وخاصة بعد الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 . حتى في ظل الحروب اللاحقة المتعاقبة لم يتراجع القطاع المصرفي بل بقي صامداً.
المصارف ترفض الكثير من البنود التي وردت في الخطة الإقتصادية خصوصاً تلك التي تحمّل القطاع المصرفي أسباب الخسائر.
***
أما اللغزُ الأكبر في الخطة المالية للحكومة فيتمثل بأقتراح إنشاء 5 مصارف جديدة ، كذلك خفض المصارف الحالية إلى 49 من 63 .
هنا يُطرَح السؤال الكبير:
لمن ستعودُ ملكيةُ هذه المصارف الجديدة الخمسة؟
وكيف سيتأمن رأس مال كل منها بـــ 200 مليون دولار؟ وبأية أموال؟
والأهم من كل ذلك، ما هو مصير نحو عشرين الف موظف من القطاع المصرفي الذين سيصبحون عاطلين عن العمل بعد خفض عدد المصارف؟ ***
إنها خطةٌ جهنمية، فماذا يُخبأ للقطاع المصرفي من مخططاتٍ؟ وأذا كان مصرف او أكثر قد ارتكبَ اخطاءً او هفواتٍ، فهل مسموحٌ معاقبةُ كل القطاع؟