تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
ما من لبنانيٍ إلا ويتمنى الخيرَ لنفسهِ ولعائلتهِ ولشعبهِ ولوطنهِ ... إنه إيمانٌ عميقٌ، لكن الحكَّام ، بمَن فيهم السلطة التنفيذية، لا يتركون للإيمان مكانًاً بل كأنهم يتعمدون أن يجعلوا هذا الشعبَ يكفرُ بما يعيشه وبما يمرُ بهِ وبما يطَّلع عليه من معطياتٍ وصفقاتٍ ومناحراتٍ وفضائح ...
تصوروا مثلًا على سبيل المثال لا الحصر، أن خطةَ الحكومة التي أرسلت إلى صندوق النقد الدولي، التي على أساسها سيطلب لبنان مساعداتٍ على شكل قروض، موجودة باللغة الإنكليزية، في نصٍّ يختلف عن النص باللغة العربية،
فما الحكمةُ من هذا التباين؟
بالتأكيد ليست المشكلةُ في الترجمة، فلدينا في لبنان أمهرُ المترجمين المحلفين وقد أجادوا في أكثر من منتدى ومؤتمر دولي، إذا المشكلة في ان يكون هناك نصَّان:
نصٌّ إنكليزي تم إرساله إلى صندوق النقد الدولي ...
ونص باللغة العربية لم يُعرَف أين هو؟ ومتى يُنجَز؟
هذه فجوةٌ أولى، أو باللغة المتداولة، "ثقبٌ أسود" في الخطة .
الفجوةُ الثانية أن الأرقام الموجودة في النسخة الإنكليزية هي في بعضها مغايرةٌ للأرقام الموجودة في النسخة العربية التي تمَّ توزيعها، فإذا كانت الترجمة غير دقيقة ، فهل هناك ترجمةٌ في الأرقام لتأتي في النسخة العربية مغايرة لِما هي عليه في النسخة في اللغة الإنكليزية؟
***
الفجوةُ الثالثة أن بعض الخطوات التي تقترحها الحكومة في الخطة، في نسختها الإنكليزية، غير موجودة في النسخة غير الرسمية في اللغة العربية .
هذه عيِّنة من التباينات، ولكن ماذا يعني ذلك؟
هل هذا يعني أن الحكومة اللبنانية تُخاطب صندوق النقد الدولي بغيرِ ما تخاطِب به الشعب اللبناني؟
لكن ما فاتَ الحكومة أن الشعب اللبناني مثقَّف جداً ومتعلّم جداً، ومعظمه يعرف أكثر من لغة، وكثيرون منه يعرفون لغاتٍ عدة، لذا فإن محاولة إلهائه بلعبة
" الغميضة" لن تُجدي نفعاً معه ...
لماذا تخافون من الشفافية؟ فحتى لو حاولتم إخفاء ارقام أو إجراءات فإن صندوق النقد الدولي غيرَ قادرٍ على إخفاء أي رقم وأي إجراء أو أي تدبير .
صندوق النقد الدولي يمثِّل ما يقارب الـــ 180 دولة، وكل دولة لها الحق في الإطلاع على كل اتفاق يوقعه الصندوق لأنها مشارِكةٌ في تمويله ... وبناء عليه فإن محاولات التذاكي على اللبنانيين بأنكم قادرون على إخفاء أشياء عنهم هي محاولاتٌ في غير مكانها ولن توصِل إلى نتيجة ...
***
الأسبوع المقبل ستصل بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان :
إجتماعاتها الأولى ستكون مع رئيس الحكومة ووزير المال والمدير العام لوزارة المال، ثم تبدأ اجتماعاتها التقنية مع الفريق اللبناني ...
هكذا الأسبوع المقبل لناظرهِ قريب ... وحتى ذلك الحين المطلوب من الحكومة ان تتحلى بالشفافية في كل خطوة تقوم بها لئلا تفضح نفسها أمام صندوق النقد الدولي.
إذا كانت الفضيحةُ أمام الشعبِ اللبناني مجانيةً، فإنها امام صندوق النقد الدولي مكلفةٌ جداً .