تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أليس من المستغرب أن تكون ثمة دولة في العالم لا تملك قاعدة بيانات واضحة حول معابرها الشرعية وغير الشرعية؟ وهل من المستحب أن يصبح ملف بهذا الحجم موضع تجاذب، ودون مواقف واضحة تمليها مصلحة البلاد؟ وكيف يمكن أن تصطلح الأمور لتصبح قضية المعابر حاضرة كأولوية لوقف الهدر والحد من أسباب الرشى وخلافها؟
لا نتحدث عن دولة في مجاهل هذا العالم من شماله إلى جنوبه، وإنما نتحدث عن لبنان، الدولة التي يفترض أنها طامحة لتكون قادرة على تأكيد حضورها بين دول العالم الساعية إلى التقدم والإزدهار، وإن كنا لا نطمح بأكثر من دولة تحترم مواطنيها وتذود عن مصالحهم في حد أدنى، وأقله من باب أن يشعر المرء أنه محمي بالقوانين، ومحمية حقوقه أيضا بعيدا من سراديب الفساد من المعابر وأبعد منها، فيما نحن نواجه اليوم تبعات سنوات طويلة من الإستباحة لمرافق الدولة ومقدراتها، ولا نأتي بجديد في موضوع الأزمة الاقتصادية والمعيشية، بينما الناس بدأت التململ، وثمة كثيرون بدأوا يشكون من ضيق ذات اليد، ولا آمال إلى الآن تبدد الهواجس الكبيرة.
دولة لا تملك قاعدة معلومات تتعلق بمعابرها وحدودها ومنافذها كيف يُعول عليها؟ لا بل دولة غير متفقة على عدد المعابر غير الشرعية من جهة، وغير قادرة على ضبط التهريب في تلك المشرعنة من جهة ثانية كيف يمكن أن نثق بها؟ وإذا كانت محاربة الفساد حاجة وضرورة، فلماذا لا نبدأ من هذا الملف بالذات، ومن على معبر شرعي أقله؟
أما أن تفقد الدولة "داتا" المعابر البحرية والبرية، فذلك يعني أن الأمور باتت تستدعي إعلان حالة طوارئ من المعبر إلى المعبر، وما التخبط الذي شهده لبنان في الأيام القليلة الماضية حيال موضوع المعابر غير الشرعية، إلا عنوانا لفساد لا بد من اجتثاثه، خصوصا وأنه – بحسب التقديرات – يكلف الدولة خسائر بالمليارات، وحتى في موضوع تقييم الخسائر تتفاوت الارقام، بين من أكد أن عدد هذه المعابر يتجاوز المئة، ومن أكد انها لا تتعدى العشرة، لتثبت اليوم ثلاثة أمور: عدد المعابر غير الشرعية يتراوح من ثمانية إلى اثني عشر، وحجم التهريب عبرها اقل بكثير من حجم التهريب عبر المعابر الشرعية، وعناصر من مختلف الاجهزة الامنية متواطئة مع مافيا المهربين.
الإقرار بهذه المعطيات تمخض عنه الموافقة على مقترح تقدم به وزير الدفاع الياس بو صعب يقضي بتأليف لجنة تضم سائر الاجهزة الامنية، مهمتها تقصي الحقائق وضبط الأرقام، وتاليا معرفة من أين يتم التهريب خصوصا بالنسبة للمعابر الشرعية، وما هو نوعه، من يتسلم البضائع المهربة، من يستفيد منها وما هو حجمها المالي؟