#الثائر
كتب بشير مصطفى في الاندبندنت البريطانية عن حديث مع رئيس تحرير موقع الثائر اكرم كمال سريوي .
فتحت المعابر غير النظامية "أبواب الرزق" لسكان مناطق الأطراف التي تتداخل بين لبنان وسوريا، ويتنقل عشرات الآلاف من اللبنانيين والسوريين عبر تلك المعابر بسبب إغلاق المعابر التي تديرها الجهات الرسمية الحكومية، فمن الجانب اللبناني تعرضت المعابر لقصف إسرائيلي متكرر أخرجها من الخدمة، فيما تعرضت المعابر السورية لأضرار فادحة بسبب هجوم الأهالي عليها بعد سقوط نظام البعث السوري.
يؤكد المتخصص العسكري أكرم سريوي أن عوامل تاريخية وجغرافية وسياسية أسهمت في تجذر المعابر غير النظامية قائلاً "هناك أسباب عدة منعت ضبط الحدود البرية في المرحلة السابقة، أهمها عدم توافر الإمكانات الكافية لدى الجيش اللبناني، فالطبيعة الجبلية الوعرة تحتاج إلى عدد كبير من العناصر، والتجهيزات الفنية، إضافة إلى أن الجيش السوري أيام النظام السابق، كان يرعى عمليات التهريب"، متابعاً أن العلاقة التي كانت قائمة مع "حزب الله" الذي كان لديه عدد كبير من المقاتلين في سوريا وكانوا يتنقلون بين البلدين عبر معابر غير شرعية، وليس هذا وحسب، فالتداخل السكاني في عدة مناطق حدودية "سمح بتجذر عصابات التهريب، بخاصة في ظل تراجع سلطة الدولة على تلك المناطق".
تشكل سوريا المعبر البري الوحيد للبنان نحو الدول العربية وتركيا، ويسلط سريوي الضوء على تحول بعض النقاط الحدودية، إلى "مراكز نشطة ومهمة للتجارة وتبادل السلع، لعبت دوراً مهماً في تنشيط الدورة الاقتصادية"، مستدركاً "لكن خروج الأمور عن سلطة الدولة، وانتشار جماعات تهريب مسلحة، وتدهور الوضع الاقتصادي في سوريا جراء العقوبات، جعل المناطق الحدودية منافذ للنظام السوري للتفلت من العقوبات، وتجارة الكبتاغون، وتهريبه عبر لبنان إلى دول عربية وغير عربية"، لافتاً إلى أن الضرر الأكبر حدث للبنان جراء تهريب المواد المدعومة، من وقود وسلع غذائية، وتهريب الدولارات إلى سوريا.
ملف على الطاولة
في زيارتها الأخيرة، طرحت المندوبة الأميركية مورغان أورتاغوس ملف ضبط الحدود اللبنانية – السورية في المنطقة الشمالية أي عكار، والشرقية في البقاع والهرمل، ويضع سريوي هذا الاهتمام الأميركي بموضوع الحدود البرية في إطار النظرة العامة إلى مستقبل لبنان وموقعه في السياسة الأميركية، إذ يقول "اتضح من الزيارة الأخيرة للمبعوثة الأميركية أن الولايات المتحدة تولي اهتماماً خاصاً للبنان، وفي أكثر من ملف، بدءاً من الشأن الأمني والمطالبة بنزع سلاح ’حزب الله‘، وتشكيل لجان فنية للتفاوض المباشر وبحث مسائل أمنية وحدودية واقتصادية مع إسرائيل، وصولاً إلى مطالبة بالإصلاحات المالية والإدارية ومكافحة الفساد وغير ذلك".
ويتجلى هذا الاهتمام الأميركي المتزايد، حسب سريوي من خلال "الإلحاح على تنفيذ المطالب الإصلاحية وبسط سلطة الدولة، يوضح أن أميركا التي تبني قرب بيروت، واحدة من أكبر سفاراتها في العالم، تريد أن يدخل لبنان مرحلة جديدة من الاستقرار والتعافي، الذي يسمح لها بجعله مركزاً مهماً لعملها في منطقة الشرق الأوسط". ليخلص إلى أنه "انطلاقاً من هذه الرغبة الأميركية يمكن فهم اهتمام أورتاغوس بمسألة الحدود البرية، وضبط المعابر بين لبنان وسوريا، ويبدو أن واشنطن تدرك أن الوضع في سوريا، سيكون هشاً لوقت طويل، وهناك تخوف من تسرب جماعة مسلحة، وتهريب سلاح ومخدرات عبر الحدود، وفي الاتجاهين، لأن الفوضى على جانبي الحدود بين لبنان وسوريا، ستشكل خطراً على الداخل اللبناني، وكذلك على أمن إسرائيل، وهذا ما يقلق الأميركيين".
الإدارة المؤجلة
ينشر الجيش اللبناني خمسة أفواج على طول الحدود الشمالية الشرقية، وقدمت بريطانيا مساعدات مهمة للجيش لبناء أبراج مراقبة لضبط الحدود، لكن الطبيعة الوعرة للمنطقة والتداخل السكاني وتجذر عصابات التهريب، سمح ببقاء معابر غير شرعية عديدة، وفق تأكيد المتخصص سريوي الذي حذر من تكرار ما جرى في الأمس القريب بسبب تداخل الحدود، بعدما شهدت المناطق الحدودية اشتباكات بين الجيش اللبناني والمهربين، وكذلك بعض العشائر اللبنانية خاضت قتالاً مع عناصر من هيئة تحرير الشام، عندما تقدمت الأخيرة للسيطرة على بعض القرى الحدودية السورية، وأثارت تلك الأحداث قلقاً أميركياً، من احتمال انفجار الوضع. ويتحدث سريوي عن دور لعبته السعودية في تبريد الأجواء، وعقد اللقاء بين وفد أمني لبناني وسوري في الرياض، والاتفاق على نقاط عدة لضبط الوضع، وأبدى تخوفه من تكرار تلك الأحداث، معتبراً أن "ما جرى لا يطمئن بصورة كاملة، ولا يزال التخوف موجوداً من تدهور الوضع على جانبي الحدود"، مذكراً بـ"مطالبة بعض الأطراف بنشر قوات الأمم المتحدة لمساعدة الجيش، لكن لبنان ما زال يرفض هذا الطلب".