#الثائر
مما لا شك فيه ان لبنان، هو ملتقى الحضارات والثقافات، ويمتاز هذا البلد الجميل المتوسّط بين الجبال والبحر بتنوعه الفريد وسحره الذي لا يُقاوَم من بيروت الصاخبة إلى جبال الأرز الشاهقة. فوق ذلك، هو ليس فقط وطنا للمناظر الخلابة والطبيعة الساحرة، بل أيضا موطن للحياة الليلية النابضة بالفرح والامل والتفاؤل. اذ يستمر السهر في شوارع مدنه دون استثناء حتى ساعات الصباح الأولى، وتكتظ المقاهي والمطاعم بالزوار الذين يستمتعون بأجواء الابتهاج والمرح. وتعزف الموسيقى، والأنوار تتلألأ، لتجعل منه وجهة ساحرة تجمع بين الأصالة والحداثة في لوحة فنية لا مثيل لها.
وتصديقا لكل ما ذكر، اعتبر صانع المحتوى الشّهير هاري جاغارد منذ أيام قليلة أنّ لبنان "بلد رائع للسّهر" متفوّقاً على لاس فيغاس وإسبانيا. واكتسح فيديو "اليوتيوبر" بشكلٍ كبير مواقع التواصل الاجتماعي. لكن، لماذا لبنان مختلف عن باقي الدول؟
من جانبه، قال نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خالد نزهة لـ "الديار" "في العام 2016 اختيرت بيروت كأفضل وجهة للسهر والاكل والشرب وتفوقت على ثلاث مدن عالمية من ضمنها اسبانيا وفرنسا، مؤكدا ان هذا التقدم ليس بالأمر الجديد علينا. وكشف عن ان هناك ظاهرة لافتة هذا العام تتمثل بافتتاح عشرات المؤسسات حتى ان لبنان بات يصدر علامات تجارية الى العالم بما فيها السهر".
وأضاف "نراقب هذا المجال في كل من دبي والبحر الشمالي في مصر ودول أخرى كثيرة، فعدا المطاعم والملاهي والباتيسريات (عربي وأجنبي) نحن نصدر علامات تجارية كثيرة الى أوروبا وأميركا وكندا وأستراليا".
وتابع "من هنا، يعتبر السهر في لبنان علامة فارقة حتى انه متفوق في هذا الموضوع الذي لم يعد محصورا في بيروت وانما بات منتشرا في كل المدن والسواحل والجبل. لذلك أصبحنا نصدر علامات تجارية متعددة ومتنوعة تشمل اللبنانية والإيطالية والفرنسية".
وقال: "سنة 2023 كانت أفضل، ولو لم يكن هناك تصعيد إسرائيلي وحرب في المناطق الجنوبية لكنا حققنا أرقاما خيالية هذا العام. ورغم الخوف من اتساع دائرة الاشتباكات وبالتالي اغلاق المطار الا ان الاعداد الوافدة الى لبنان من الخارج كبيرة. اذ بلغ عدد الزائرين اللبنانيين حوالى 70% وهؤلاء قادمون من الدول العربية وافريقيا. في حين ان 25% من الوافدين هم من العراق ومصر والأردن، و5% من أوروبا وبعض دول اميركا اللاتينية".
وأردف "في العام 2023 تم افتتاح 300 مطعم، بينما بلغ عدد المؤسسات المطعمية الجديدة هذه السنة حوالى 80 وقد يصل الى 100 بحلول نهاية الـ 2024. ونحن كنقابة مطاعم واكبنا هذا القطاع منذ بداية الازمة وقمنا بدور مهم من اجل إعادة بناء ما هُدم من الصفر وكل مساهماتنا (بالمعنى الشعبي) من "اللحم الحي" وبخاصة ان هناك شوارع ومناطق سياحية دمرت كليا في مار مخايل والجميزة والواجهة البحرية".
في مقابل جرعة الامل هذه، توقع رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب اصحاب الفنادق بيار الأشقر ان تتراجع النسبة التشغيلية في الأيام المقبلة رابطا ذلك بالأوضاع الأمنية في المناطق الحدودية الجنوبية.
وقال لـ "الديار": "نعيش في حالة حرب بمعنى الكلمة الى جانب ان الاخبار التي نسمعها يوميا غير مشجعة، ونحن لدينا مطار واحد إذا اغلق فلا سبيل للخروج منه او الدخول اليه لا سيما بالنسبة للأجانب الزائرين. بالإضافة الى ذلك لا نعرف إذا كانت الحرب ستتمدد في ظل سقوط عشرات الشهداء وتدمير المنازل. لذلك فان الأرقام بينت ان مداخيل المؤسسات المطعمية تراجعت 40% مقارنة مع العام الماضي، اما مداخيل الفنادق فسجلت انخفاضا وصل الى 60%".
ماذا عن أجواء السهر التي يشهدها لبنان حاليا؟ يجيب باقتضاب "نحن من خلق هذا الجو الإيجابي، والزبائن هم من اللبنانيين الذين يمارسون السياحة الداخلية".
من جهته، قال شربل وهو صاحب ملهى في منطقة الجميزة لـ "الديار" "ان الانفتاح الموسيقي في لبنان بشكل كبير جعل من بيروت مركزا للتبادل الثقافي والفني في المنطقة، بما في ذلك تأسيس العديد من النوادي والملاهي الليلية الفاخرة التي تقدم عروضا فنية متنوعة وجذابة. وهذه الأماكن أصبحت معروفة عالميا وتجذب السياح من كل مكان. بالإضافة الى انتشار المطاعم والمقاهي التي تقدم تجربة فريدة في نوعها، تجمع بين المأكولات الشهية والأجواء المريحة والموسيقى الحية. الى جانب تنظيم العديد من المهرجانات الثقافية والفنية والرياضية التي تعزز من جاذبية لبنان كوجهة سياحية".
وأشار الى "أن لبنان يمتاز بالتعدد الثقافي والديني، مما ينعكس على تعدد الأماكن والأنشطة التي يمكن الاستمتاع بها ليلاً، كما ان موقعه على البحر الأبيض المتوسط وطقسه المعتدل يجعله وجهة مثالية للسياحة والسهر. ويظل بالرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية معروفا بكرم ضيافته وحفاوة استقباله للزوار، مما يجعله بلدا محببا للسياح. الى جانب الاستثمار المستمر في تطوير القطاع السياحي والنوادي الليلية والمطاعم، مع تقديم تجارب جديدة ومبتكرة تستقطب النزلاء.
وأضاف "يتمتع لبنان بسحر خاص يجعله مرغوبا لكل من يعوده، وهناك عدة عوامل تساهم في الإدمان عليه، وذلك لأن هذا البلد يمتاز بتنوعه الطبيعي الرائع؛ من الشواطئ الساحرة على البحر الأبيض المتوسط إلى الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. هذا التشكيل يتيح للضيوف الاستمتاع بالأنشطة المختلفة، من السباحة وركوب الأمواج في الصيف إلى التزلج في الشتاء".
ولفت الى "ان بيروت تعرف بحياتها الليلية الصاخبة والمتنوعة، فتزخر بالمطاعم الفاخرة، المقاهي العصرية، النوادي الليلية، الحانات وهذه الأجواء تجعل الزوار يشعرون بالحيوية والمرح. ومن الجدير بالذكر ان غالبيّة هذه الأماكن أصبحت تركز على التّرفيه، فنرى عروضاً مشكّلة من فنّانين، ولوحات راقصة وصولا إلى الألعاب النّاريّة وسواها".
وختم "اللبنانيون معروفون بكرمهم وحفاوتهم، وعند زيارة لبنان، يشعر السياح دائما بالترحيب وكأنهم في بيتهم، اذ ان هذا الاحساس بالانتماء يجعل الكثيرين يعودون مجددا. الى جانب ان المطبخ اللبناني من أشهر المطابخ في العالم، ومعروف بأطباقه الشهية مثل التبولة، الفتوش، الحمص، والمشاوي. إشارة الى ان تجربة الطعام في لبنان تعتبر جزءا لا يتجزأ من الرحلة، وتجعل القادمين يتوقون الى العودة لتذوق المزيد".
المصدر - الديار