#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
بالقدرِ الذي فرحَ فيهِ اللبنانيونَ بعطلاتِ الاضحى وبالمغتربينَ والسياحِ الذينَ جاؤوا من الخارجِ وغصَّتْ بهمْ المطاعمُ ونوادي السهرِ والطرقاتِ والمسابحِ،
بقدرِ ما شعروا بالقلقِ ايضاً، نتيجةَ توسُّعِ رقعةِ وجودِ النازحينَ ايضاً إينما كان...
ففي فيديو ارسلهُ لي احدُ الاصدقاءِ ظهرَ بأمِ العينِ،
كيفَ تحوَّلتْ بعضُ الاماكنِ البيروتيةِ "المحضِ"، والتي كانتْ مسارحَ للركضِ والمشي صباحاً وليلاً،
الى مراكزَ تجمعاتٍ للنازحينَ وقد وضعوا الاراكيلَ على الارصفةِ وعلى جوانبها ولبسوا احلى ثيابِ الاعياد،
وظهروا وكأنهمْ يسوحونَ في بلادٍ اوروبيةٍ تُقدِّمُ لهمْ المسكنَ والمأكلَ والرفاهيةَ،
لا نتكلمُ هنا طبعاً، لا بعنصريةٍ، ولا بضيقةِ عينٍ ، كما يُقالُ، ولا بحسدٍ ولا بقلَّةِ احترامٍ،
لكنْ منْ يراقبُ المستوى الاجتماعيِّ والمعيشيِّ الذي يمارسُ فيهِ النازحونَ حياتهمْ اليوميةَ،
يدركُ حجمَ الهوَّةِ بينهمْ وبينَ كُثرٍ من اللبنانيينَ الغارقينَ في الفقرِ والذينَ لا يشملهمْ طبعاً جنونُ السهرِ والمفرقعاتِ الناريةِ واطايبِ الأكلِ ليلاً.
***
هناكَ لبنانيونَ لا تصلهمْ الاعاشاتُ ولا بطاقاتُ التمويلِ ولا الاستشفاءِ الامميِّ ولا الانترنتْ المجانيِّ ويدفعونَ الكهرباءَ على عكسِ النازحينَ،
فيما نشعرُ ان عدداً كبيراً من النازحينَ ينوي البقاءَ في لبنانَ،
لأنهُ اعتادَ حياةَ الرخاءِ التي لم توفِّرْها لهُ دولتهُ في ايامِ عزِّها ورخائها...
أنها مسألةٌ خطيرةٌ لدرجةٍ يتساءلُ فيها اللبنانيونَ لشدَّةِ ما نراهُ اليوم وفي الايامِ الماضيةِ: بخلافِ مظاهرِ اللبنانيينَ الذينَ يرتادون البترون وواجهةَ بيروتَ البحريةِ وصور وجبيل والشوف وجزين، هلْ لا يزالُ هذا البلدُ لنا؟
وما السبيلُ للخروجِ من مأزقِ وجودِ مليوني نازحٍ امميٍّ في البلدِ،
يستهلكونَ ما تبقَّى من بنى تحتيةٍ متهالكةٍ ويستفيدونَ من الكهرباءِ مجاناً ومن الاستشفاءِ المجانيِّ ولا يدفعونَ شيئاً؟
***
أنها قنبلةٌ موقوتةٌ اكبرُ من أن يعالجها وزيرٌ..
أنها قنبلةٌ موقوتةٌ بحاجةٍ الى حكومةٍ ورئيسٍ وقرارٍ كبيرٍ لحلِّ هذهِ الازمةَ قبلَ فواتِ الاوانِ،
ولنكنْ صريحينَ لم يعدْ يهمُّ آراءُ ممثلي منظماتِ حقوقِ الانسانِ ولا الجمعياتُ التي تعنى بالمجتمعِ المدنيِّ،
فبعدما قرأناهُ حولَ بعضِ ادوارِ هؤلاءِ المشبوهينَ صرنا نشكِّكُ بأنفسنا..
***
البلادُ اليومَ في كلِّ المفاصلِ والحقولِ والميادينِ بحاجةٍ الى قراراتٍ جريئةٍ ورجالِ دولةٍ ينظرونَ الى المصلحةِ العامةِ قبلَ المصلحةِ الشخصيةِ،
فأينَ نحنُ منهمْ اليومَ وكلُّ زعيمٍ لا يهمهُ إلاَّ مصلحتهُ وزواريبهُ الداخليةُ.
لا نريدُ ان نخسرَ لبنانَ كما عرفناهُ،
لبنانُ الرسالةِ والهويةِ والدورِ والخدماتِ،
لبنانُ رئةُ الشرقِ وجمالُ الشرقِ...
اعيدوا لنا لبنانَنا ... كما كانَ... قريباً قد لا نشعرُ أننا في لبنان!