#الثائر
نوال الأشقر -
لجأت إدارات عدد من المدارس الخاصة خلال الأيام الماضية، إلى إبلاغ الأهالي بأقساط العام الدراسي المقبل، وفوجىء أولياء الطلاب بالزيادات الكبيرة، بحيث ضُربت الأقساط بأضعاف مضاعفة. على سبيل المثال أبلغت إحدى المدارس لجنة الأهل بأنّها قررت رفع القسط المجزّء إلى قسم يُستوفى بالليرة وآخر بالفريش دولار، من 350 دولار إلى 1200 دولار ومن 11 مليون ليرة إلى 25 مليون. مثلها فعلت معظم المدارس الخاصة، وذهب بعضها إلى إلغاء القسط المدرسي بالليرة اللبنانية واعتماد الدولرة الكاملة. والمفارقة أنّ المدارس تصنّف المبالغ التي تفرضها على الأهالي بالدولار النقدي في إطار المساهمات، وترفض إدخالها ضمن القسط المدرسي، خلافًا للتعميم رقم 33، الصادر عن وزارة التربية. هذا فضلًا عن بدل فتح ملف للطلاب الجدد، يتراوح بين 1000 و2000 دولار.
رغم أنّ المدارس الخاصة هي مؤسّسات تعليميّة معفيّة من الضرائب، كونها "لا تبغي الربح"، كما ورد في تعريفها، ورغم أنّ الأهالي يرزحون تحت ثقل الوضع المادي الحرج، كما أنّ عددًا كبيرًا منهم لا زال يتقاضى الرواتب بالليرة، تتمادى المدارس الخاصة في رفع أقساطها، وكأنّها مؤسسات تجارية لا تبغي سوى الربح، ضاربة عرض الحائط أحكام القانون 515 "الذي يحدد آلية وضع الأقساط على أساس عدد الطلاب، مقسوم على الكلفة التشغيليّة والرواتب والأجور. في حين أنّ المدارس وضعت الأقساط للعام المقبل قبل تسجيل الطلاب، ومن دون أيّ دراسة علمية" وفق اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، الذي وصّف الزيادات بالعشوائيّة وغير القانونية، ودعا أولياءَ الطلاب الى رفض هذه الزيادات، والإمتناع عن دفع أيّ مستحقات ماليّة للسنة المقبلة.
الحلبي : لجنة لجمع الفريقين
بالمقابل تعلّل إدارات المدارس الخاصة رفع أقساطها لتغطية الأكلاف التشغيليّة، وزيادة رواتب المعلّمين وكافة العاملين لديها. لجان الأهل يطالبون وزارة التربية بالتدخّل للجم المدارس الخاصة وإلزامها بالتقيد بأحكام القانون 515، واحتساب المساهمات التي تفرضها على الأهالي بالدولار، لأنّها ترفض إدخالها ضمن القسط المدرسي. لمعرفة دور الوزارة في عقلنة الأقساط، اتصلنا بالمدير العام لوزارة التربية بالتكليف عماد الأشقر فأكّد لـ "لبنان 24" أنّ وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي بصدد جمع كلّ الأطراف المعنيّة بالموضوع، على طاولة حوار ونقاش في وزارة التربية، بغية الخروج بتصوّر مشترك. لهذه الغاية يتم تشكيل لجنة تتابع الملف. عن مدى قدرة الوزارة على إلزام المؤسسات التعليمية الخاصة بعدم رفع أقساطها بنسب كبيرة، لفت الأشقر إلى أنّ وزارة التربية تنطلق من القانون 515 الذي يمنع أيّ زيادة على الأقساط خارج أحكامه ونصوصه، في حين أنّ المدارس الخاصة كافة تخالف القانون المذكور.
جعارة: لبرامج مساعدة للأهالي إسوة بالجامعات
المستشارة القانونية لاتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة المحامية مايا جعارة، شددت في حديث لـ "لبنان 24" على وجوب أن يتدخّل المشترع لوضع ضوابط صارمة "لأنّ السياسة المعتمدة للسنة المقبلة من قبل إدارات المدارس، تزمع على إضافة زيادات كبيرة على الأقساط، تتخطىّ قدرات عدد كبير من الأهالي".
اللجوء إلى الجهات المانحة
عن دور لجان الأهل خصوصًا أنّ الزيادات لا تصبح نافذة من دون توقيع هذه اللجان، لفتت جعارة إلى "أنّ التجارب أثبتت أنّ لجان الأهل عاجزة عن لجم الزيادات لأسباب عديدة، نذكر منها قلّة الخبرة والضغط النفسي والإحراج، وعدم وجود جهة رقابيّة مع تعطيل المجالس التحكيمية التربوية".أضافت جعارة "لم يعد مقبولاً مع كلّ المآسي الذي يعاني منها الأهل أن نبقى ندور في حلقة مفرغة، حيث وزارة التربية عاجزة، ولجنة التربية النيابية غير فاعلة، والتعيينات معطّلة بسبب النكد السياسي. فحق التعليم بات في خطرٍ حقيقي، حيث المدرسة الرسمية تعاني، والأهالي في المدارس الخاصة يقع عليهم حِمل أكبر من طاقتهم".
واعتبرت جعارة أّنّ الحل الأمثل لمعضلة الأقساط في الوقت الراهن يكمن باللجوء إلى الجهات المانحة، وهي عديدة في المجال التربوي، لتقديم مساعدات للأهالي في القطاع التربوي الخاص، للوصول إلى الغاية المنشودة. ودعت المدراس الى التعامل بشفافية مع الجهات المانحة، عبر تقديم "داتا" واضحة وحسابات تبيّن الحاجة وأسبابها ونسبتها "إنجاح هذا الحل يتطلّب تضافر جهود المعنيين، إذ أنّه للاسف الجهات المانحة غير مقتنعة بحاجة المدارس الخاصة للمساعدة، وهذا ما يلحق ضرراً كبيراً بالأهل، ويرمي على كاهلهم منفردين عبء القسط المدرسي".
عن الآلية التي تقترحها في مساعدة الجهات المانحة للأهالي مباشرة، لفتت جعارة إلى إمكان استنساخ تجربة الجامعات الخاصة في مساعدة الطلاب غير المقتدرين "فبالرغم من ارتفاع اقساط الجامعات، يستفيد الطلاب من finacial aid ما يفتح الباب أمامهم لمتابعة دراستهم".
لجنة التربية تقترح حلًّا
لجنة التربية النيابية تقف ضدّ فوضى الأقساط في المدارس الخاصة، وقد عقدت لهذه الغاية جلسة الأسبوع الماضي، بمشاركة نواب من كافة الكتل النيابية والأفرقاء المعنيين، ورئيسها النائب حسن مراد أعدّ صيغة تشريعية تضع حّدا للتمادي في زيادة الاقساط، عبر اقتراح قانون معجّل مكرّر "يقضي بوقف العمل استثنائيًا ولسنة واحدة بفقرة من المادة 2 الواردة بالقانون 515 ، على أن يتمّ الاستعاضة عنها بفقرة واضحة تُلزم المدارس الخاصة عدم تحديد أي قسط مدرسي إلّا بعد نيل موافقة لجنة الأهل، على أن تجري كل مدرسة انتخابات حقيقية للجان الأهل قبل نهاية شهر تشرين الاول من العام الدراسي 2023/2024، على أن يكون القسط المتفق عليه بين يراعي المعايير المنصوص عنها في القانون 515، وفقًا للنسب المعقولة التي تراعي حقوق الأساتذة، وكذلك النفقات التشغيلية التي تتكبّدها المدارس، مع ضرورة التشدّد بالعقوبات على الجهات المخالفة".
اقتراح لجنة التربية قد يشكّل حلّا مرحليًّا، لكنّه يستوجب عقد جلسة تشريعية لتنظيم وضعية المدارس الخاصة، وهو أمر شبه متعذر بسبب تمسّك فريق نيابي بعدم جواز التشريع في ظل الفراغ الرئاسي. الأرجح، والحالة هذه، أنّ الأهالي سيتركون وحدهم في مواجهة الأقساط الجنونيّة، في حين أنّ البديل المتمثّل في المدرسة الرسمية معطّل حتّى إشعر آخر، والحل الوحيد تظافر الأهالي، وإقبالهم على المشاركة في لجان الأهل ترشيحًا واقتراعًا، ورفض توقيع الموازنات التي تتضمن زيادات غير منطقيّة..كفى تفصيل لجان أهل على قياس إدارات المدارس الخاصة.