#الثائر
إذا كان تأليف الحكومة، إن أمكن بلوغه قريبًا مع مناخ التفاؤل القائم، سينزع فتيل الاشتباك السياسي حول الملف الحكومي، الّا انّ فتيل الاستحقاق الرئاسي سيبقى مشتعلًا، ومفتوحًا على احتمالين، اضعفهما ان تصاب المكونات السياسية بنوبة مسؤولية، فتتوافق على انتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية، او في فترة قصيرة نسبيًا تقصّر من أمد الفراغ في سدّة الرئاسة الاولى. فيما الاحتمال الاكثر قربًا إلى الواقع هو استحالة التوافق على رئيس للجمهورية في جو الانقسام القائم، ما قد يطيل حتمًا من أمد الفراغ الرئاسي ويفتح افقه على شغور في موقع الرئاسة لأشهر وربما لسنة واكثر.
وعلى ما تؤشر الوقائع المحيطة بهذا الاستحقاق بحسب "الجمهورية"، فإنّه لن يستحق في موعده، كما في المدى المنظور. ومع نهاية الشهر الاول من مهلة الستين يومًا لانتخاب الرئيس خلالها، فإنّ الشهر الثاني أي تشرين الاول المقبل، وهو الاخير من عمر ولاية الرئيس ميشال عون، سيشهد حراكًا على اكثر من خط، لمحاولة الوصول إلى انتخابات رئاسية سلسة.
وعلى الرغم من انّ الاستحقاق الرئاسي حاضر خلف كل الحراكات السياسية الجارية حاليًا على اكثر من خط سياسي وديبلوماسي، فإنّ العين في هذا المجال تبقى على عين التينة، وما سيقرّره رئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن هذا الاستحقاق، وقبل مبادرته إلى توجيه الدعوة لعقد جلسة نيابية عامة لانتخاب رئيس الجمهورية، وهو امر سيحصل بالتأكيد بحسب توقيت بري، علمًا انّ رئيس المجلس سبق ان ردّ على المطالبين بتحديد جلسة انتخابية بقوله انّه مستعد لذلك حينما يلمس حدًا أدنى من التوافق، وهذا التوافق لا يبدو انّه متوفر في الوقت الراهن، او سيتجاوز جو الانقسام والاصطفافات ويتوفّر في المدى المنظور!
وبحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ رئيس المجلس ما زال على تريثه في ما خصّ تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، حيث بات محسومًا انّ شهر ايلول لن يشهد توجيه دعوة إلى تلك الجلسة، فيما الاولوية حاليًا هي لإقرار مشروع موازنة العام 2022 الاثنين المقبل، تليها جلسة تشريعية لإقرار مجموعة من البنود الملحّة التي يندرج بعضها في السياق الاصلاحي ويلبّي متطلبات صندوق النقد الدولي، ولاسيما منها موضوع السرية المصرفية. وقد تسبقها او تليها جلسة الثقة بالحكومة الجديدة إن تشكّلت، على ان يبدأ الحديث جدّيًا في موعد الجلسة الانتخابية لرئيس الجمهورية اعتبارًا من الاسبوع الثاني من تشرين الاول المقبل.
وفي السياق، فإنّ هناك كثيراً من الأخبار المتداولة حول الموقف السعودي والخليجي، منهم من يؤكّد أن السفارة السعودية، مثلما ظهر، تعمل لوحدة صفّ النوّاب السنة من خلال دار الفتوى، وآخرون يرددون أن الرياض والإمارات تعملان مع المحور العربي على وحدة 14 آذار لكي تستطيع هذه القوى الوقوف في وجه «حزب الله».
وأتى البيان الثلاثي السعودي- الفرنسي- الأميركي المشترك حول لبنان ليصوّب البوصلة ويؤكّد أن الرياض لا تزال تهتمّ بالملف اللبناني، خصوصاً أن الإستحقاق الرئاسي يأتي كمحطّة مهمة في تحديد طبيعة الحكم اللبناني وما إذا كان محور «الممانعة» سيجدّد قبضته على الحكم لستّ سنوات أو إن هذا الإستحقاق سيشكّل مناسبة سياسية لإعادة التوازن السياسي في البلاد.
وأمام كلّ هذه الأقاويل فإن المعلومات تؤكد بحسب "نداء الوطن" أن الموقف السعودي والخليجي هو أن «المطلوب رئيس سيادي إصلاحي، وفي حال لم يكن هذا الرئيس المقبل يتمتع بهذه المواصفات فإن الرياض، ومعها بقية العواصم الخليجية، لن تساعد لبنان أو تدعمه اقتصادياً لذلك ستبقي موقفها على غرار ما هو اليوم وستكتفي بتقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية كما تفعل حالياً». وتشير المعلومات أيضاً الى أن الخليجيين عبر الرياض أبلغوا من يهمّه الأمر بأن رفع منسوب مساعداتهم للبنان يأتي بعد انتخاب رئيس يلتزم بالدستور و»اتفاق الطائف» والاستحقاقات الدستورية ومبدأ المؤسسات وفي حال لم يكن الرئيس مؤسساتياً وإصلاحياً وسيادياً والأهمّ أن يضع خطاً فاصلاً بين الدولة و»الدويلة» ويدير الدولة بعيداً عن الفساد والفلتان وتصدير الكبتاغون والتهريب المشرّع الأبواب، فلا مساعدات مهمة للبنان والعلاقات ستستمرّ كما هي اليوم، ولن يدخل الخليجيون لتمويل أي خطة إعادة نهوض بالإقتصاد أو بثّ الروح في شرايين الإقتصاد اللبناني المتهالك.
إذاً، في الشكل فإن الخليجيين لا يدلون بأي تصاريح قوية في هذه المرحلة تطول الإستحقاق الرئاسي، لكن مضمون موقفهم الحقيقي يدلّ على «عاصفة حزم» رئاسية تجاه لبنان، إذ إنهم لن يقبلوا برئيس يكون تابعاً لـ»دويلة» ونفوذ «حزب الله» ويُغطي الإحتلال الإيراني للبنان ويدافع عن سياسة طهران في المنطقة، في حين أن التسوية الإقليمية التي يمكن أن تحصل ستحدث وفق هذه الشروط، وإلا فلا تسوية، أو بالأحرى عدم مدّ اليد الخليجية لإنقاذ لبنان.