#الثائر
- الخوري كامل كامل
أي إنسان يفضّل الحديد والنار على الورد والزهور؟
من يريد الفولاذ والرصاص بدل الدم والروح؟!
من الذي تجاهل دموع الأمهات وحرقة قلوب الاباء ووجع الإخوة والاخوات؟
من سمح لكل تلك المسافات وكل الفوارق وكل الاعماق أن تُغرق بسمات الاطفال؟
من قرّر عني وعنكم لنشاهد رحلات الموت ونستنشق عفن إجرام العقول؟
من قرّر عن ذاك الصغير الممدّد على سرير الالم في طرابلس وهو يصرخ الى أخيه علّه يسمعه ويقوم من موته ويأخذ بيده ليلعبا معاً في حدائق الانسان؟
من ترك أبناء مدينتي ينزفون حتى الاصفرار؟
من قرّر فرز الناس بين متخم من أكل لحم أخيه وجائع يفتش بين نفايات الاول علّه يجد لقمة رحمة تشبع شغفه إلى معادلة الرحمن الرحيم؟
من حرّض أهلي على أهلي وأبنائي على أبنائي؟
من استفاد من تطويع الضمائر وتجويع الاطفال وتحطيم البشائر؟
من هو ذاك السفاح القاسي الذي سرق فلذات الروح من أحضان الرحيمات؟
من هو ذاك السفّاح المجرّد من الحب الذي أفرغ الخزائن من مونة الشتاء وترك المطابخ فارغة من كل زاد ورغيف خبز؟!
لماذا كل تلك المآسي وكثرة الدموع والحزن المؤبد وربما الإعدام المؤكد؟
لماذا كل تلك الكوابيس؟!
لا يوجد مثلنا في العالم، نتحرك بسرعة البرق، نحجز قوارب الموت وخطوط الرحيل، نطلب النحس ونشتهي العويل لا بل ندفع ثمن رصاص الابتهاج أو الانتقام أو المآتم من حريتنا لا بل من كرامتنا لا بل من حياة أطفالنا وشيبة كبارنا وعزة نفوسنا.
نرتقي يوما بعد يوم الى مستوى العالم السفلي، فأخذنا الطريق السريع الى جهنم واشترينا خدمة نحر السعادة وراحة البال لا بل استوردنا المتاعب الطازجة من أصولها وفنون اغتيال الحياة من اربابها.
نقوم بحفر الحِفر لمن هم من غيرنا وليسوا من صفنا أو لا يحملون أسماءنا ومذاهبنا وطوائفنا أو لا يتقنون عبادة زعيمنا أو فصيلنا أو حزب فريقنا!
نرسل التهاني ساعة الذروة الخانقة والنهاية القاتلة مع نثر الارز وتوزيع الحلوى لأن واحداً من غير كوكبنا انفجر يأساً أو اغتيل ظلماً أو انكسر خاطره على عزيز أو فقد كرامته مع تراجع قيمة راتبه وقيمة ذاته..
من يستطيع أن يُفسّر لأطفالنا لماذا نحن هنا ولسنا هناك؟
لماذا ننتمي بزلّنا الى عالم المؤمنين ولا ننتمي بكرامتنا الى عالم الكفار؟
لماذا يكثر بيننا خبراء الضواحي، علماء الصحون الطائرة والفقر يُزنّر كل ضواحينا وصحوننا أو أمعائنا الفارغة؟!
أيها الاطفال لا تسمعون أقوالنا ولا تعملون أعمالنا لئلاّ يعيش أطفالكم ما تعيشون من زل وقهر وبئس مصير..
قل كلمة أيها الحق، أضرب بسيفك عتمة بصائرنا علّنا نستنير المسير..
أيها القدر استجبت بالامس لمن أراد الحياة استجب اليوم إرادة أبناء الحياة..
أيها القدير صحّح لنا بداياتنا الخاطئة واغفر لنا كثرة عثراتنا لأننا لا ندري ماذا نفعل علّنا نختم نهايتنا في قلبك..