#الثائر
بعيد التصعيد الروسي الأخير، واعتراف الرئيس فلاديمير بوتين باستقلال منطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين شرقي أوكرانيا، عقد مجلس الأمن صباح اليوم الثلاثاء، اجتماعا طارئا لبحث تطورات الأزمة بطلب من كييف وواشنطن والاتحاد الأوروبي والمكسيك.
فيما حذرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو من خطر اندلاع "صراع واسع النطاق"، داعية إلى وجوب العمل على تفادي ذلك. كما أعربت عن أسفها لنشر قوات روسية في شرق أوكرانيا في "مهمة حفظ سلام"، مؤكدة أمام مجلس الأمن أن الأمم المتحدة تدعم استقلال ووحدة وسلامة أراضي أوكرانيا في حدودها المعترف بها دوليا.
إلى ذلك، قالت إن منظمة الأمن والتعاون رصدت آلاف الانتهاكات في شرق أوكرانيا.
"مجرد هراء"
من جهتها، وصفت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد ادعاء بوتين بأن قواته التي أمرها بالتوجه إلى شرق أوكرانيا هي لحفظ السلام بأنه مجرد "هراء"، وقالت"نعرف ما هي حقيقتهم".
بدوره، اعتبر المندوب الفرنسي نيكولا دوريفيير، أن القرار الروسي يهدد سلامة الجارة الغربية، داعيا موسكو إلى العودة عن قرارها، مؤكدا أن بلاده ستواصل الجهود لدعم أوكرانيا.
كذلك، أبدت المندوبة البريطانية تخوفها من أن يطلق غزو أوكرانيا الفوضى والدمار، معلنة أن بلادها تعد حزمة عقوبات اقتصادية كبيرة ضد موسكو.
خفض التصعيد
من جانبه، اعتبر المندوب الهندي أن الأولوية هي لخفض التصعيد وضمان السلام في أوكرانيا والمنطقة، وهو ما ذهب إليه المندوب البرازيلي الذي دعا إلى تخفيف التصعيد ودعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة.
كذلك، حث السفير الصيني تشانغ جون، جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة ضبط النفس وتجنب أي أفعال قد تزيد التوترات.
أهم من تهديدات الغرب
في المقابل، انتقد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، سياسة الولايات المتحدة والغرب تجاه الملف الأوكراني، وقال في كلمته خلال اجتماع اليوم، إن الغرب يلعب دورا سلبيا في أوكرانيا.
كما اتهم كييف بتدمير اتفاقية مينسك التي أرست وقفا لإطلاق النار في شرق البلاد منذ العام 2015.
وأشار إلى أن نحو 20 ألف مواطن غادروا منطقتي لوغانسك ودونيتسك جراء التصعيد والقصف الأوكراني، معتبرا أن "حماية المدنيين" أهم من التهديدات الغربية بالنسبة لبلاده.
إلى ذلك، قال إن "جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك" أعلنتا استقلالهما عام 2015، لكن موسكو لم تعترف بهما إلا اليوم.
إلا أنه أكد في الوقت عينه أن بلاده ستبقى "منفتحة على الحل الدبلوماسي"، رغم التصعيد الحاصل.
تهديد للسلم العالمي
أما المندوب الأوكراني سيرجي كيسليتسيا، فطالب روسيا بإلغاء قرار الاعتراف هذا بالمناطق الانفصالية، معتبرا أن تلك الخطوة تهدد السلم العالمي.
لكنه شدد في الوقت عينه على أن كييف مستعدة للمفاوضات، وحل الأزمة عن طريق الدبلوماسية، مؤكدا أن بلاده لن تقع في فخ الاستفزازات الروسية.
تحد للتهديدات الغربية
يشار إلى أن بوتين كان أمر قبل ساعات قواته بدخول المنطقتين الانفصاليتين شرقي أوكرانيا، في خطوة تشكل تحديا للتهديدات الغربية بفرض عقوبات على بلاده وتهديدا بإشعال نزاع كارثي مع حكومة كييف المدعومة من الغرب.
كما اعترف في وقت سابق أمس باستقلال لوغانسك ودونيتسك اللتين يسيطر عليهما المتمردون منذ عام 2014. وفي مرسومين رسميين، أمر زعيم الكرملين وزارة الدفاع بتولي مهام "حفظ السلام" في المنطقتين، ما يمهد الطريق لنشر جزء من القوات الروسية التي تم حشدها عند الحدود، وأثارت المخاوف من احتمال غزو الروس لجارتهم الغربية.
وما إن انتشرت أنباء اعتراف موسكو بالمنطقتين في شوارع كييف حتى خيمت حالة من عدم التصديق على الكثيرين الذين رغم ذلك كانوا على استعداد للدفاع عن بلدهم في حال طلب منهم ذلك.
في حين أثارت خطوة الاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين تنديدا دوليا وتهديدات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض حزمة أوسع من العقوبات الاقتصادية ضد موسكو.
أميركا تفرض عقوبات على دونيتسك ولوغانسك
بعدما اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلالهما، أعلنت الولايات المتّحدة، اليوم الثلاثاء، فرض عقوبات على المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، متوعّدة بفرض عقوبات إضافية عند الاقتضاء ضد روسيا.
وأوضحت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أن الرئيس جو بايدن أصدر أمراً تنفيذياً "يحظر على الأميركيين القيام بأي عمليات جديدة، استثمارية أو تجارية أو تمويلية، إلى أو مِن أو داخل ما يسمّى جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية في أوكرانيا".
كما أضافت أن الأمر التنفيذي يجيز "فرض عقوبات على أي شخص يصمّم على العمل" في هاتين المنطقتين، مشيرة إلى أن هذه العقوبات منفصلة عن تلك التي تعتزم واشنطن وحلفاؤها فرضها "إذا ما اجتاحت روسيا أوكرانيا".
إلى ذلك، اعتبرت الإدارة الأميركية، أن اعتراف موسكو باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا "انتهاك فاضح" لتعهّداتها الدولية.
عقوبات على موسكو
بالتزامن، أوضح متحدث باسم البيت الأبيض لوكالة "فرانس برس" أن بلاده "تنسق مع حلفائها وشركائها بشأن هذا الإعلان الروسي"، لافتا إلى أن عقوبات جديدة ستعلن اليوم ضد موسكو.
وكان مسؤول أميركي كبير أكد يوم الجمعة، أن هذه العقوبات ستجعل موسكو "منبوذة بالنسبة إلى المجتمع الدولي".
كذلك أوضح أن روسيا ستكون "معزولة عن الأسواق المالية العالمية، وستحرم من الموارد التكنولوجية الأكثر تطورا".
يذكر أن منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين لديهما أصلا علاقات محدودة جدا مع الولايات المتحدة. لكن هذه العقوبات قد تكون بداية مرحلة جديدة في ما قد يصبح قريبا أخطر مواجهة بين الغرب وموسكو منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
كذلك، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن وزراء خارجية التكتل سيقرون عقوبات ضد روسيا على خلفية اعترافها بمنطقتين انفصاليتين في أوكرانيا ونشرها المزيد من القوات على أراضي جارتها.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بوريل قوله للصحافيين في باريس: "سيكون ردنا بالطبع على شكل عقوبات، يعود للوزراء اتخاذ القرار بشأن مداها... أنا على ثقة بأنه سيكون هناك قرار بالإجماع" وهو ضروري لفرض مثل هذه الإجراءات"، مضيفا أنه يتوقع أن يحصل ذلك "بعد ظهر اليوم" .