#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
"رزق الله على ايامِ البريدِ" ! كنا أولَ عملٍ نقومُ بهِ عندَ الدخولِ إلى مكاتبنا ، ان نفتحَ البريدَ . تطورتْ الامورُ تكنولوجياً فصرنا " نُشيِّكُ " على " الإيميل".
ولَّى هذا الزمنُ، واجبرتنا كورونا على ملازمةِ المنازلِ، والعملِ " أون لاين "، لكن ما اصبحَ ثقيلاً وممجوجاً هو ان تُتحفنا السلطةُ إياها،
لا بالبريدِ ولا بالإيميل بل بالبلاغاتِ :
بلاغٌ عن جدولِ اسعارِ المحروقاتِ .
بلاغ عن إنقطاعِ التيارِ الكهربائيِّ .
بلاغٌ عن أسعارِ الدولارِ بحسبِ المنصَّاتِ والسوقِ السوداءِ.
"وعلى طرقْ النفسِ" والأنكى ارتفاعهُ ليلاً وكأنَ الناسَ يشترونهُ او يبيعونهُ في احلامهم .
بلاغٌ عن الطرقاتِ المقطوعةِ بسببِ الاحتجاجاتِ.
بلاغٌ عن إضرابِ أساتذةِ التعليمِ الرسميِّ بسببِ عدمِ استجابةِ المعنيينَ لمطالبهم .
بلاغٌ من المستشفياتِ عن فقدانِ الكثيرِ من المستلزماتِ الطبيةِ .
وإذا اكملنا العدَّ فأنَ اللائحةَ تطولُ ولا تنتهي.
***
في " جمهوريةِ البلاغاتِ" ، يبدو المواطنُ اللبنانيُّ عاجزاً عن فعلِ أيِّ شيءٍ ، لأنَ منظومةَ فاسدي الفسادِ "تحكمُ وتتحكَّمُ وتستحكِمُ" بنا وبكلِّ شيءٍ.
هل بالإمكانِ فعلُ أيِّ شيءٍ ؟ ربما الرهانُ على الجيلِ الشابِ وعلى الإنتفاضةِ ،
فالاسبوعُ الطالعُ هو اسبوعُ الذكرى السنويةِ الثانيةِ لثورةِ 17 تشرين الاول ،
لا بدَّ من مراجعةٍ ذاتيةٍ لمعرفةِ أينَ أصابتْ ؟ وأين اخطأتْ الثورةُ ؟
هل مازالتْ قائمةً ؟ أينَ وكيف؟
***
من دونِ أن نقسو على الإنتفاضةِ ، فإنه يحقُّ لنا ان نسألَ :
هل دخلَ المنتفضونَ والثوارَ في دوامةِ " البلاغاتِ " التي اعتادتْ عليها " المنظومةُ الحاكمةُ" ؟ تقولُ لنا كتبُ التاريخِ ان الثوراتِ في العالمِ لم تحملْ عشراتِ الاسماءِ والمسمياتِ والمصطلحاتِ والشعاراتِ ، بحيثُ باتَ لكلِّ عشرةِ اشخاصٍ او أكثرَ او أقلَّ إسمٌ وشعارٌ :
فالثورةُ الفرنسيةُ كانَ لها إسمٌ واحدٌ ، لم يختلفْ الثوارُ الفرنسيونَ في ما بينهم قبلَ انتصارِ الثورةِ . سائرُ الثوراتِ في العالمِ كانت كذلكَ فنجحتْ وانتصرتْ .
نسألُ المنتفضينَ وثوارنا في لبنانَ ، بكلِّ صدقٍ ومحبةٍ:
ماذا أنتمْ فاعلون؟ بعدَ سنتينِ من العملِ الناجحِ؟
المشكلةُ لبُّ المشكلةِ، ألم تسمعوا بالمثلِ القائلِ:
" مَن طلبَ الشيءَ قبلَ اوانهِ عُوقِبَ بحرمانهِ" ؟
***
وهل كلنا نحنُ الشعبُ الحضاريُّ، ندركُ ونعي ونلمسُ التحوُّلَ الداخليَّ الكبيرَ!!!
هذا ما يفسِّرُ الهجرةَ الأكبرَ في تاريخِ لبنانَ،
لبناننا الذي كانَ يا ما كان...!