#الثائر
د. رلى السماعين
ينشر بالتعاون مع النشرة الدولية -
يحق لنا أن نفخر بالحياة التشاركية وبنموذج العيش المشترك، الإسلامي - المسيحي، وهو يُعدّ نموذجاً ضارباً في التاريخ.
عُرف الأردن تاريخياً بأنه بلد التسامح والعيش المشترك بين أتباع المسيحية والإسلام، وتناقلت الأجيال حكايات غنية لقصص عكست مِثالاً فريداً عن الاحترام المتبادل والتفاهم الديني. بعض هذه الحكايات مُسلٍّ والآخر في غاية الطرافة.
لقد طُفت البلاد في عام 2017 بحثاً عن الكنوز في حياتنا الطبيعية المشتركة بهدف توثيق هذا الإرث في كتاب أصدرته عام 2017 وأيضاً بهدف إضفاء مصداقية على جهود الأردن في الحثِّ والسعي إلى سلام شامل ووئام مجتمعي، والتذكير بواقعنا الذي شوّهه دُخلاء تمكّنوا من نشر سمومهم عبر المنصات الافتراضية. فباتت مسؤولية كُلٍ منّا أن نعي كيف نقراء فحوى ما يُنشر ونعمل على غربلته.
القصتين التاليتين من مدينة السلط .
القصة الاولى عنوانها "التلميذ الضيف" وقد روى هذه القصة المرحوم المحامي موسى نفاع. كنًا في منزله عام 2015، فهو وبالإضافة لكونه محام، فإنه كاتب وشاعر أيضاً. قال متذكراً طفولته وعلى وجهه ابتسامة هادئة ونظرة سارحة أخذتنا معه في رحلة ذكرياته، قال: "استضافت عائلتي (عائلة نفاع المسيحية) على مدى سنين تلميذاً اسمه محمد من عشيرة بني حسن التي تقطن في شرق وشمال شرق المملكة.
"كان محمد علي الحسبان أول فرد من عشيرة بني حسن يتلقى تعليمه في المدرسة الثانوية الوحيدة في البلاد كلها، مدرسة السلط الثانوية. وقد استضافت عائلتي محمد لسنوات أصبح فيها واحداً منا تشاركنا في كل شيء المنامة والمأكل والضحك، والدراسة...، كان محمد فرداً مثل بقية أولاد العائلة."
وتابع الأستاذ موسى يقول بأن محمد كان يذهب في الصيف ليقضي العطلة مع أهله ليعود في بداية السنة الدراسية إلى منزل النفاع.
تخرَّج محمد من المدرسة عام 1938 وأصبح ضابطاً في الجيش الاردني." لكن الحياة كلها غفلة، وغير متوقعة، ففي أحد الايام بعد تخرجه ونجاحه، والتقدم الذي تميز به في عمله، وصل خبر وفاة محمد الحسبان في حادث سير مؤسف تاركاً وراءه زوجته التي كانت في أوائل العشرين من عمرها وحامل."لكن إرث العائلة استمر بولادة ياسين الذي درس الطب في الجامعة وأصبح وزيراً للصحة عام 2011."
القصة التالية وضعت لها عنوان: تشارك، روتها السيدة بانا تادرس فنوش، 95 عاماً، وقتها تجولت في شارع السلط وزرت المتحف هناك ودخلت إلى المحال التجارية راغبة بمعرفة عمق وطبيعة الحياة التشاركية هناك وأخذها من مصادرها. تأكّد لي بأن الأردني هو كبرياء وعنفوان وشهامة وهو أيضاَ مضياف ويعرف ويعمل بالأصول. لا اريد أن أقول بأننا تغيّرنا، ولكن المجتمع تطور ومع التطور جاء التغيير، وأحياناً التغيير لا يكون للأفضل.جولتي في السلط أخذتني يومها الى درج أصفر اللون إن اعتليته أخذك من حي إلى آخر جميل البناء ومميز. في قرابة نهاية هذا الدرج على اليمين باب بيت بسيط لا عنوان عليه ولا اسم. طرقته لأسمع صوت امرأة كبيرة بالعمر وهي التي فتحت الباب لنا. نحن غرباء عليها وهي غريبة علينا ولكن الذي يجمعنا الكثير. مباشرة فتحت السيدة بانا الباب على مصراعيه مشددة أن ندخل عندها لنشرب القهوة. تحدثنا عن الزمان الجميل، زمن البرأة والطيبة وأيام الخير. وهذا بعض ما شاركتنا به انقله اليكم:"كان جيراننا مسلمين من عشيرة العوايشه، وكنا نتشارك كل شيء تقريباً، ونطلب أي شيء نحتاجه من بعضنا البعض. لكن الأهم هو أنه عندما كانت المرأة تضع طفلاً، كانت النساء من كلا العائلتين يعتنين بالطفل حتى يقف على قدميه. وخلال موسم الحصاد، كان جيران لنا من عائلة القماز (عائلة مسلمة) يرسلون اثنتين من بناتهم لمساعدتنا."
وتابعت تقول بأنها ولمدة 15 سنة كانت تصوم عشرة أيام من رمضان دون أن تخبر أحداً. "أردت فقط مشاركة ذلك مع جيراننا المسلمين."
*من كتاب حصنُ السلام التجربة الأردنية في الحوار بين أتباع الأديان ونموذج العيش المشترك ، الفصل الرابع التراث الشفهي للعيش المشترك الديني في الأردن.