لبنان

سلامة يدفن الـ 1515 ويُطلق موجة جديدة من ارتفاع الأسعار: السلطة تسلّم الدولة إلى مشتبه فيه

2021 حزيران 25
لبنان الأخبار

#الثائر

كتبت "الاخبار" تقول: قرار جديد تُصدره السلطة اللبنانية يسمح بإطلاق يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وفرض رؤيته على الاقتصاد والناس. الحاكم لا يُحدّد حصراً السياسة النقدية للدولة، بل يتحكّم بوجهتها المالية والاقتصادية والاجتماعية. يُريد رفع الأسعار ليحدّ بذلك من استهلاك السكان. يريد التوقّف عن دعم السلع الرئيسية. يريد التنصّل من تحمّل أيّ مسؤولية، فتُجيز له الدولة بحُكم "حالة الطوارئ" رفع سعر المحروقات على أساس سعر صرف 3900 ليرة، ليكون ذلك مُقدّمة لرفع أسعار كلّ السلع والخدمات، وفرض سعر صرف جديد في التعاملات. الأسوأ أنّ الخطوة تُكرّس سطوة الاحتكارات على السوق، ولا تتزامن مع إقرار استراتيجية اجتماعية وتسبق البطاقة التمويلية

المشهد يصلح لفيلم سينمائي وليس لإدارة أخطر أزمة تمرّ في تاريخ لبنان. الدولة رئاسة الجمهورية ومجلسا النواب والوزراء ــــ وقّعت مرّة جديدة على قرار تسليم البلد وناسه لموظّف تشتبه فيه سلطات سويسرا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا... ولبنان بارتكابه جرائم اختلاس وتبييض الأموال والاستغلال الوظيفي. عِوض أن تجتمع هذه السلطات لبتّ مصير حاكم البنك المركزي، تٌقرّر الخضوع لضغوط رياض سلامة، وتنفيذ ما يطلبه منها، بحجّة "الطوارئ". فأجازت له "استعمال الاحتياطي الإلزامي لفتح اعتمادات لشراء المحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي لمدّة ثلاثة أشهر على سعر صرف 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة للدولار الواحد". تُسوّق الدولة اللبنانية لقرارها بأنّ سلامة يُهدّد بالتوقّف نهائياً عن دعم استيراد السلع الرئيسية، وإذا لم تٌوقّع على قرار الاستيراد وفق 3900 ليرة فسينقطع المازوت والبنزين من السوق بداية الأسبوع المقبل.

حالة الطوارئ هذه التي يُريد أركان الدولة تهديد الناس بها عند كلّ قرار يتّخذونه، تُخيّم فوق لبنان منذ ما قبل لحظة الانفجار في تشرين الأول 2019. كانت يومها الظروف مؤاتية لتغيير السياسات الاقتصادية وآليات العمل بـ"هدوء" وبأقل كلفة ممكنة على المجتمع. حتى مع بداية الأزمة، لو تعاملت الحكومة والمسؤولون مع الأزمة على قدر خطورتها، لكان يُمكن معالجة التداعيات وفق سعر صرف 4000 ليرة للدولار وليس 16 ألف ليرة، كما وصل إليه في السوق الحرّة، حيث بات ارتفاعه من دون سقف. ولكنّ السلطة السياسية تمتهن إيصال الناس إلى خطّ اللاعودة، وتخييرهم دائماً بين رميهم في النار أو إحراق أرجلهم بالجمر. المصيبة الحقيقية ليست في وقوع الانهيار، بل في أنّ أحداً لا يُريد إيجاد حلّ له، ولا يزالون يُراهنون على ضخّ الروح في نظام انتهى. وإلا كيف يُبرّرون إعطاء "الحاكم الزومبي" مسؤولية مُطلقة في تحديد نوعية وكمية استهلاك الناس، وحاجات الاستيراد للدولة، والدواء الذي يجب أن يُدعم، وتبذير الدولارات، والسياسات الاقتصادية؟

القرار الذي صدر أمس عن رئاسة مجلس الوزراء والموجّه إلى مصرف لبنان، هو عملياً التمهيد الرسمي الأول للسكّان لربط الأحزمة، والتهيّؤ لرفع الأسعار التي ستؤدّي إلى موجة تضخّم مفرطة تأكل ما تبقّى من قدراتهم المعيشية، وبغياب أيّ استراتيجية حماية اجتماعية تقيهم شرّ السقوط. وارتفاع الأسعار لن يبقى محصوراً بالمحروقات، بل سيتعدّاه إلى سلعٍ وخدماتٍ مُرتبطة بها. وهذا ما سيُثلج قلب رياض سلامة. فحاكم مصرف لبنان يُطبّق منذ سنوات سياسة تصحيح ميزان المدفوعات عن طريق خفض الاستهلاك والحدّ من الاستيراد، من دون أن يشمل ذلك تحويله الدولارات إلى الخارج (التحقيق سيكشف كم حوّل إلى حساباته وحسابات شقيقه ومساعدته ومديري المصارف والسياسيين ورجال الأعمال والتجّار وكلّ المحظيين لديه). يرى سلامة أنّ وقف دعم الاستيراد وارتفاع الأسعار سيدفعان الشريحة الأكبر من الناس إلى اقتصار استهلاكها على الأساسيات، وحتى التقنين في ذلك. فأتت السلطة الحالية لتُسهّل له مهمّته بورقة رسمية صادرة عنها، ولكن يتمّ تسويقها على أنّها "خدمة" للناس في الأشهر الثلاثة المُقبلة. وتُفيد المعلومات بأنّ استيراد المحروقات وفق سعر صرف 3900 ليرة سيكون البداية، "لأنّ سلامة يسعى ليُصبح هذا السعر بديل الـ 1500 ليرة في كلّ عمليات الاستيراد والتعاملات الرسمية".

الشرك الأكبر الذي أوقعت السلطة نفسها به، هو توريطها من قِبَل سلامة في تحميلها مسؤولية كلّ دولارٍ يخرج من حسابات مصرف لبنان لينفض يديه من المساءلة. منذ تولّيه وظيفته، يطلّ سلامة في مقابلات وخطابات ليؤكّد على "استقلالية قرار المصرف المركزي". ولكن بعد انهيار الليرة، والاشتباه فيه قضائياً في عواصم أساسية، وانكشاف مخالفاته المُرتكبة في مصرف لبنان، أصبح سلامة يُريد أن تُحدّد له الحكومة كيف يصرف أموال حساب "التوظيفات الإلزامية"، علماً بأنّ سلامة كان يحجب معلومات هذا الحساب عن أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان، ويمنعهم من معرفة الرقم الذي يتضمّنه وكيفية التصرّف به، رغم أنّه يندرج في صلب صلاحياتهم. يكذب حين يُروّج ــــ وأعضاء حزب المصرف الآخرين ــــ بأنّ هذه "أموال المودعين" ولا يستطيع التصرّف بها من دون غطاء قانوني. هل أموال المودعين هي عبارة عن 14 مليار دولار فقط؟ أين ذهبت الـ 90 مليار دولار الأخرى؟ وما الذي يمنع المصارف من ردّها إلى أصحابها؟ ومن أجبرها على إيداع كلّ المبالغ ــــ بما يفوق نسبة "التوظيفات الإلزامية" المفروضة عليها، لدى مصرف لبنان؟ سلامة لم يُبالِ يوماً بـ"حماية أموال المودعين"، ولطالما اعتبرها توظيفات يستطيع التصرّف بها كما يشاء من دون مراقبة. ولكن اليوم كلّ هدفه نزع المسؤولية عنه، وتسجيل دَين على الدولة اللبنانية، يسمح له بتعزيز ادّعاءاته السابقة بأنّ "الدولة صرفت الأموال".

يُشير القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء إلى أنّ استيراد المحروقات سيتم على سعر صرف 3900 ليرة، وتأمين التغطية القانونية للحاكم حتى يستخدم جزءاً من أموال التوظيفات الإلزامية، واعتبار تأمين المحروقات لفترة ثلاثة أشهر بمثابة حلّ مؤقت ريثما يتمّ إعداد البطاقة التمويلية التي ستُقدَّم كبديل من الدعم. يوم الخميس المقبل، ستُعقد جلسة تشريعية ليُقرّ مجلس النواب مشروع البطاقة. ولكن ما هي آلية عمل قرار مجلس الوزراء؟ سيوفّر مصرف لبنان الدولارات لشركات استيراد المحروقات، التي ستدفع ثمنها وفق سعر صرف 3900 ليرة لكلّ دولار. هذه الليرات يودعها مصرف لبنان في حساب الخزينة العامة، ويٌسجّلها كدينٍ على الدولة. أما وزارة الطاقة، فتُحدّد سعر المازوت والبنزين وفق تسعيرة مصرف لبنان. إذاً، قرّرت الحكومة الاستدانة لمصلحة الشركات الاحتكارية، وتحمّل الأعباء عنها، عِوض أن تأخذ قراراً جريئاً بالاستيراد المُباشر، بما يخفف الأسعار ونزف الدولارات.

أما وبعد انطلاق حكومة حسّان دياب في إنجاز "الأعمال القذرة" لرفع الدعم، بالنيابة عن المُتسبّبين بها وأحدهم رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، فهل سيُسهّل ذلك تأليف الحكومة؟ صحيحٌ أنّ هذا السبب ليس المُعرقل الوحيد للتأليف، لكنّه أحد الملفات التي لا يُريد الحريري أن يتولّاها.

اخترنا لكم
شهران على الحرب: ذروة مخيفة تسحق التسوية!
المزيد
كنعان من جورة البلوط: لبنان المذكور ٧٠ مرة في الانجيل لا يموت...وبعد العسر يسر
المزيد
وهاب: الحرب إلى مزيد من العنف والدمار والاغتيالات
المزيد
مقربون من هوكشتاين: إسرائيل ستترك خلفها أرضاً محروقة
المزيد
اخر الاخبار
سعيد: حزب الله بات حالة تزعج أكثر من طرف في المنطقة والعالم
المزيد
المرتضى: العدو يطمح لخرقٍ مستديم لل ١٧٠١ و8 أكتوبر استبق عدوانا كان سيستهدف لبنان بإسنادٍ أو بدونه
المزيد
الرئيس سليمان: من يمنع حزب الله من الالتزام بإعلان بعبدا وتطبيقه فوراً؟
المزيد
شهران على الحرب: ذروة مخيفة تسحق التسوية!
المزيد
قرّاء الثائر يتصفّحون الآن
الأسباب الخفية وراء فوز ترامب!
المزيد
العبيدي: لا صحة لما يشاع عن أزمة غاز ومطالبنا قيد الدرس والاضراب خيار اذا رفضت
المزيد
بعد صدور قرار المحكمة... كيف علّق بهاء الحريري؟
المزيد
رئيس الجمهورية دعا إلى اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع بعد ظهر غد على أن تليه جلسة لمجلس الوزراء
المزيد
« المزيد
الصحافة الخضراء
"واتس آب" يطلق ميزة جديدة لتسهيل المراسلات الصوتية في الأماكن الصاخبة
فيديو.. بسعر 6.2 مليون دولار.. بيع أغلى "موزة" في التاريخ
سابقة.. أول صورة مفصّلة لنجم في مجرّة أخرى غير درب التبانة
الحاج حسن: أضرار القطاع الزراعي هائلة ومسح جوي لتقييم الخسائر بالتعاون مع الفاو
بعد إخبار رازي الحاج... إلقاء القبض على ٤ أشخاص
إتّفاقيّة تعاون بين جمعيّة "غدي" والمركز التربوي للبحوث والانماء