#الثائر
- " الهام سعيد فريحة "
هل قرأ أحدٌ من السياسيينَ هذهِ الجملةَ ؟:" إن فرنسا تعملُ على إنشاءِ نظام تمويلٍ دوليٍّ يضمنُ استمرارَ عملِ الخدماتِ العامةِ اللبنانيةِ في حالِ حدوثِ أيِّ اضطرابٍ سياسيٍّ في البلادِ"؟
هذا يعني اولاً ان فرنسا يمكنُ أن تكونَ تتوقعُ " اضطراباً سياسياً في لبنان".
ويعني ثانياً توفيرُ تمويلٍ للخدماتِ العامةِ اللبنانيةِ، فما هي هذهِ الخدماتُ ؟
بكلِّ بساطةٍ ، إنها الحدُّ الأدنى لتسييرِ الأمورِ اللوجستيةِ في الإداراتِ والوزاراتِ، فبالتأكيدِ تناهى إلى الدوائرِ الفرنسيةِ أن الإداراتِ العامة والوزاراتِ مشلولةٌ إدارياً ولوجستياً ، فلا أوراقَ ولا اقلامَ ولا حبرَ للطابعاتِ ولا اوراقَ رسميةً لإخراجاتِ القيدِ ولا مازوتَ للمولداتِ الخاصةِ وفي بعضِ الإداراتِ والوزاراتِ لا إنترنت لأن الإشتراكاتِ الشهريةَ لم تُدفَع ، فاضطرتْ الشركاتُ الخاصةُ إلى قطعِ الإشتراكاتِ عن الإداراتِ والوزاراتِ المتخلِّفةِ عن الدفعِ .
***
وحينَ يتحدثُ الرئيسُ الفرنسي عن " إنشاءِ نظام تمويلٍ دوليٍّ يضمنُ استمرارَ عملِ الخدماتِ العامةِ اللبنانيةِ " ، فهو دونَ شكٍّ يتحدثُ عن كيفيةِ تأمينِ هذهِ اللوجستياتِ :
أوراقٌ واقلامٌ ومحابرُ للطابعاتِ ومولداتُ كهرباءٍ صغيرةٍ ، يعني ان الدولةَ اللبنانيةَ اصبحت بنظرِ بعضِ الدولِ " مخيماً " يضمُ محتاجينَ ، تأتي إليهِ المنظماتُ الدوليةُ وتسجِّلُ احتياجاتها!
أليسَ هكذا يتمُ التعاطي مع "مخيماتِ النازحين"؟ تأتي إليهم المنظماتُ وتسجلُ احتياجاتهم من " فِرش وحرامات وأدوات طبخ ودفاية وكرتونة إعاشة" وبطاقةٌ تحتوي على مئتي دولارٍ شهرياً .
نعم، أصبحتِ الإداراتُ اللبنانيةُ والوزاراتُ اللبنانيةُ، بالنسبةِ إلى المجتمعِ الدوليِّ "مخيَّمَ محتاجين" لا بدَّ من إرسالِ المساعداتِ العينيةِ لأبنائهِ للبقاءِ على قيدِ الحياةِ .
***
نَعم ، بكلِّ أسفٍ وأسى ، أوصلتمونا يا ايها الفاسدونَ، المجرمونَ منذُ 25 عاماً الى هذا الدركِ، حيثُ اصبحت الإداراتُ في مصافِ "الشحاذين"،
ومعظمُ هذهِ الإداراتِ والوزاراتِ كان على رأسِها اشخاصٌ "شغلتهم وعملتهم" مد ايديهم على كلِّ ما يصبُ في خانةِ دولةٍ راقيةٍ، حديثةٍ، شفافةٍ، حوَّلوا لأنفسهم كلَّ ما استطاعوا ليصبحوا من اصحابِ مئاتِ الملايينِ وعشراتِ الملايين من الدولاراتِ !
كيفَ تكونُ وزارةٌ او إدارةٌ فقيرةً إلى درجةِ حاجتها إلى اوراق A4 ولوازمَ مكتبيةٍ من اقلامٍ ومحابرَ للطابعاتِ ، فيما الوزراءُ والمدراءُ العامون الذين كانوا على رأسها كدَّسوا الثرواتِ من عهرِ جوعهم للمالِ، إذ كثيرٌ منهم كانت "الغبرةُ" تُغطي سياراتهم ومنازلهم واحذيتَهم"، فجأةً، اصبحوا من اصحابِ الثرواتِ النقديةِ وحدِّثْ ولا حرج عن العينيةِ.
***
اوصلتمونا الى إنهيارِ الدولةِ، وتُفاخرون بالعلنِ "بسماجةٍ" إذ ترمونَ على بعضكم البعض قذارَتكم.
في البلدِ اليومَ طبقةٌ سياسيةٌ فاسدةٌ ومنتهيةُ الصلاحيةِ، وكما ذكرَ فخامةُ الرئيس العماد ميشال عون اننا ذاهبونَ الى جهنمٍ،
وعلى هذه الطبقةِ ان تلاقينا بجهنمٍ او ان ترحلَ عنَّا.
اما ثورةُ 17 تشرين التي تفرَّعتْ الى ثوراتٍ، قُمعتْ بالكاملِ،
لكنَ الشعبَ الحضاريَّ ما زالَ ينبضُ على رغمِ كلِّ الويلاتِ،
والاسوأُ ان المجتمعَ الدوليَّ واقعٌ في حيرةٍ لأنهُ لا يعرفُ مع مَن يتكلمُ،
ويا للهولِ مع أيِّ دولةٍ سيتكلمُ.