#الثائر
- " اكرم كمال سريوي "
علمت الثائر من مصادر مطّلعة أن المساعي على خط تشكيل الحكومة توقفت في اليومين الماضيين، ولكن سيعاد تفعيلها إبتداءً من اليوم، وأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيطرح أفكاراً جديدة لحل الأزمة، بعد أن تجاوب مع مطلبه بالتهدئة الإعلامية، كل من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، إفساحاً في المجال أمام الحوار، للوصول إلى حل يُرضي الفريقين.
وكانت مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين قد عرقلت تشكيل الحكومة ظاهرياً، بحيث رفض جبران باسيل أن يُسمّي الرئيس المكلف سعد الحريري الوزيرين، في حين تمسّك الحريري بتسميتهما ورفض أن يُسمّي رئيس الجمهورية هذين الوزيرين، لأن ذلك سيُعطيه ثلثاً معطّلاً مقنّعاً داخل الحكومة.
أمّا الخيار الوسطي، بأن يُسمّي طرف ثالث الوزيرين، فقد سقط أيضاً ، بحيث رفضت بكركي أن تُسمّي أحد، لأن ذلك سيُدخِلها طرفاً في المحاصصة، ويسيء إلى دورها الوطني، وبالتالي بات لا يمكن القبول بأي طرف آخر لتسمية الوزيرين، خاصة أن الكباش بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري دخل مرحلة الكسر ولَي الذراع، ولن يرضى أحدهما إعطاء الغلبة للآخر، خاصة أن سباق الحملات الانتخابية، التي ترتكز بشكل كبير على شد العصب الطائفي، قد انطلق.
في ظل انسداد الأُفق، تم طرح الحل على الطريقة الفاتيكانية، بحيث يُعقد اجتماع يضم الرؤساء الثلاثة في بعبدا، يتم خلاله استعراض عدد من الأسماء المسيحية، ولا ينفضّ الاجتماع إِلَّا بعد الاتفاق على أسمين مسيحيين من ذوي الكفاءة والاختصاص، غير حزبيين أو محسوبين على أحد.
وعلمت الثائر أنه تم التداول ببعض الأسماء المحايدة، والتي يمكن أن تلقى قبولاً لدى طرفي النزاع، باعتبارها اسماء غير حزبية، ومن بينهم قاضٍ متقاعد والآخر عميد أحدى الكليات في الجامعة اللبنانية، فيما تم استبعاد أسم أحد الوزراء السابقين المحايدين، بسبب إصرار الرئيس المكلف على حكومة اختصاصيين، ومن غير السياسيين أو الحزبيين.
يُنتظر أن تتكثف الاتصالات اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء للوصول إلى صيغة للحل، وتترقب الأوساط السياسية والإعلامية خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي سيُطلّ غداً مساءً، في ذكرى تأسيس قناة المنار، بحيث ستتضح نتيجة الاتصالات التي قام بها حزب الله مع حليفه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، لتسويق اقتراحات الرئيس نبيه بري، الذي أعلن أنه مستمر في مساعيه لإنضاج التسوية ولن يستسلم أبداً.
ويقول المصدر: إن الحكومة قد تتشكّل بالرغم من الجو التشاؤمي السائد، فالفرصة ما زالت سانحة، لأن كل الخيارات البديلة عن تشكيل الحكومة ستكون كارثية، ولا تصبّ في مصلحة أي فريق، خاصة فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري. كما أن الظروف الاقتصادية لم تعد تحتمل، وهناك تخوّف كبير من انعكاس تدهور الأمن الغذائي على أمن البلد بشكل عام ، وخروج الأمور عن السيطرة، وتعميم حالة من الفوضى العارمة التي قد تأخذ الجميع في طريقها، ولن يبقى بعد ذلك سلطة ولا انتخابات نيابية أو وزارة أو رئاسة ولا حتى بلد للتقاتل عليه، وسنذهب بالتالي إلى حالة مأساوية وندخل فعلاً إلى جهنم الموعودة، وسيجلب ذلك تدخّلاً خارجياً وتدويلاً للأزمة، لا يريده حتى الآن معظم الأفرقاء السياسيين، لأنه لن يكون في مصلحتهم.
إنه فعلاً أسبوع الحسم الحكومي واذا لم تنجح مساعي الرئيس بري، فهذا يعني بوضوح أن المشكلة ليست في تسمية وزيرين، بقدر ما هي رغبة في عدم تشكيل الحكومة. فأمام الواقع المأساوي للاقتصاد، والمخاطر الكبرى التي تلوح في الأُفق، يتهيّب الجميع تحمّل المسؤولية، لأن أي حكومة ستكون عاجزة عن إيجاد الحلول السحرية والإنقاذ، ولا بد لها ان تتخذ قرارات غير شعبية، وهذا لا يريد أحد تحمّل مسؤوليته على أبواب الانتخابات النيابية .
وفي الخلاصة فإنه بات من الصعب جداً الوصول إلى تسوية بين الرئيسين عون والحريري، كما يصعب على أحدهما التراجع والقبول بالهزيمة. ومن هنا يطرح البعض حكومة انتخابات برئاسة شخصية محايدة، لكن هذه ايضاً دونها عقبات، لأن صيغة التوافق الطائفي في لبنان، لا تسمح في الوقت الراهن باعتذار الحريري، لأن ذلك سيُعتبر بمثابة إخراج للطائفة السنية من معادلة الحكم، وموضوع تمثيلها بشخصية ضعيفة غير سعد الحريري، لن يكون مقبولاً من الشارع السني إطلاقاً.